العدد 2816 - السبت 22 مايو 2010م الموافق 08 جمادى الآخرة 1431هـ

وجهات نظر جريئة في قراءة حاضر ومستقبل الديمقراطية في البحرين ومنطقة الشرق الأوسط

منتدى «الوسط» يناقش آفاق الإصلاح السياسي والديمقراطية في العالم العربي والإسلامي...

هو سؤال كبير يطرح نفسه بقوة في العالم العربي والإسلامي اليوم: «إلى أين تسير الديمقراطية؟ وما هي حقيقة ودوافع الدعوات المطالبة بالإصلاح السياسي؟ وهل يمكن أن ينعم المواطن العربي والمسلم بممارسة ديمقراطية حقيقية في وطنه؟ أم أنها مجرد (كيان فارغ) يندرج تحت عنوان مهلهل؟

لنتأمل بعض النماذج (الواضحة) التي شهدتها بعض الدول العربية، ففي إحدى تلك الدول أقر (نواب الشعب) قراراً لتمديد العمل بقانون الطوارئ الذي مضى عليه في تلك الدولة ما يزيد على عشرين عاماً، وفي دول أخرى، أقر (نواب الشعب) أنفسهم قانوناً لإلغاء قانون آخر يحظر التجمعات العامة بدون إذن، واعتقلت السلطات في إحدى الدول العربية 200 متظاهر كانوا يؤيدون اعتصاماً قامت به مجموعة من القضاة، وفي دول عربية إفريقية، بلغت نسبة الانتخابات الرئاسية نسبة 99.9 في المئة لصالح المرشح الوحيد وهو... (الرئيس).

في دول خليجية وعربية وإسلامية، يتم اعتقال المطالبين بالإصلاح، وتغلق المعاهد الداعمة للديمقراطية، ويتم تضييق الخناق على حرية الرأي والتعبير، وتنشط الاعتقالات التعسفية بل والتصفية الجسدية للمعارضين، وفي دول أخرى ينبري من يطلق عليهم علماء دين للتنكيل بالناس والاصطفاف إلى صف السلطة، ويعتلي بعض المثقفين منصة الخطابة والكتابة ليمدحوا السلطة ويذمّوا كلَّ صوتٍ يطالب بحقّه.

وفقاً لتلك الصور يطرح منتدى «الوسط»: «آفاق الإصلاح السياسي والديمقراطية في العالم العربي والإسلامي»، هل هي موضة أم توجهات حقيقية؟ وإلى أين تسير الديمقراطية، سواء في البحرين أو سائر دول العالم العربي والإسلامي؟ وهل هناك ديمقراطية أصلاً في تلك الدول؟ وتركيزاً على البحرين، كيف يمكن أن ينجح الحوار الوطني؟ هذه التساؤلات وغيرها واردة قطعاً، سنقرأ الإجابات عليها في هذا المنتدى:

وليد نويهض:

اسمحوا لي في بداية هذا المنتدى، أن أتوجّه لكم بالشكر الجزيل لحضوركم، وهو موقع تقدير واعتزاز، ولعلّي أبدأ بالقول إن الحديث في موضوع: «دعوات الإصلاح السياسي وآفاق الديمقراطية في الخليج والعالم العربي والإسلامي»، يأتي متواكباً مع الأجواء الانتخابية التي شهدتها دولة الكويت الشقيقة، والاستعدادات لانتخابات قادمة في كل من الجزائر واليمن، ثم الانتخابات الرئاسية الإيرانية الوشيكة، وهذا يفسح المجال للحديث عن مسألة الديمقراطية وعلاقتها بالتقدم السياسي والاقتصادي، وتأثير مدها على الإصلاح السياسي في مختلف الأصعدة وعلى مستوى الدول والحكومات.

ويبدو موضوع الديمقراطية معقّداً وله عدة أوجه، لكن الجانب الواضح منها هو صندوق الاقتراع، وربما هناك ظواهر خفية ومعضلة حقيقية تعاني منها الكثير من البلدان العربية بسبب عدم وضوح هذه الفكرة، وبالتالي نتمنى أن نلقي بعض الأضواء على الجوانب المعوِّقة التي تقف في وجه التطور الديمقراطي في معناه الثقافي، وكذلك في ما يؤطره معناه السياسي، وهذا هو المدخل الأساسي ونتمنى الاستفادة من تجربة البحرين ودول الخليج في هذا السياق.

هدى المطاوعة:

مثلما تفضل الأستاذ وليد نويهض فيما أومأ إليه من التعريف المعقّد والأوجه المتعددة لمفردة الديمقراطية، ولهذا أقول، في تعريف الديمقراطية، لنتفق على تعريف الديمقراطية ونتساءل: هل هي تساوي جميع الناس كأسنان المشط في الاستواء، أم هي حق المواطنين في أن يكون لهم ممثل في الدولة، فنحن نلاحظ أيضاً أن قدرات الأشخاص على فهم الديمقراطية والفهم عموماً مختلفة ومتباينة من شخص إلى آخر.

ووفقاً لذلك، فإن الخلفية العلمية والثقافية بالنسبة إلى الكثيرين في النظر الى «الديمقراطية» تكون هي المرتكز، وقد تتحول الديمقراطية في بعض الأحيان الى اتجاه معاكس إذا لم نكن قادرين على فهم الأشخاص الذين معنا، وقد نتعرض للمناورة ويقوم شخص بالاستحواذ على الآخرين عن طريق إقناعنا بمنهج معين، ومن الممكن أن نسلم لهذا الشخص ويسيء هذا الشخص للثقة، والتجربة العربية في هذا المجال فشلت بسبب تغلب التفكير العاطفي ولأننا نؤمن إيماناً كاملاً بالأشخاص! وأعتقد أنه مهما كانت ثقتنا بالأشخاص، الا أن الإنسان له نقاط ضعف، ومع ذلك نسلم بسلامة نوايا الأشخاص، لكن لابد من أن تكون هناك نظرة فاحصة ودقيقة للديمقراطية، وكما كنا نرى في صدام حسين أسوأ النماذج، ونرى في جمال عبدالناصر أفضل النماذج، فإن هناك من يرى بأن الأخير (دكتاتور) لم يطبق الديمقراطية بجوهرها الحقيقي! وهنا، فالأفضل والأسوأ اثبتا أنه ليس بالضرورة أن يكون شخص واحد قادراً على أن يحقق العدالة والعطاء.

محمد المطوع:

الديمقراطية في الوطن العربي مرت بمرحلتين، الأولى... حينما نشطت شخصيات فكرية ودينية مثل الشيخ جمال الدين الأفغاني في توجهها نحو (الدمقرطة) أو العدالة في المجتمع العربي والإسلامي، وصولاً الى الأحزاب في أجزاء من الوطن العربي على مدى العقود الأربعة الماضية، والتي جاءت بها الشعوب الى السلطة، وبقيت متمسكة بالسلطة تحت دوافع الحفاظ على مصلحة الشعوب والأوطان في مواجهة الهيمنة والحركات الاستعمارية، فهذه الأنظمة التي منعت - تحت لافتات الحفاظ على الوطن العربي المسلم - الاختراق الأجنبي، بقيت متمسكة بالسلطة الى الوقت الحاضر، وحولت كياناتها من أحزاب تحمل شعار الثورة والتحرر والدفاع عن المصالح الوطنية، الى احزاب تسيطر على الوطن ومقدراته ومكتسباته، بل تحولت، اذا جاز لنا الوصف، الى بؤر أو عملاء لإعادة تصدير ثروات هذه الأوطان الى أوروبا للحفاظ على تلك المقاعد او السلطة لفترة طويلة، ومازلنا نعاني من هذه المسائل، بالإضافة الى وجود بعض الأنظمة الوراثية والقبلية والتي ورثت حكمها في المنطقة، وخصوصاً في الخليج العربي، واعتبرت أن هذه الدولة عبارة عن ممالك تستأثر بها هي أباً عن جد في نظام وراثي غير قابل للكسر، وفي الوقت الحاضر، أصبح من الصعب على الشعوب، في ظل دعم وحماية بعض الدول العظمى مثل الولايات المتحدة الأميركية، الى الخلاص من هذه الأنظمة أو دفعها في اتجاه التخفيف من تسلطها.

محمد الأنصاري:

الديمقراطية هي وسيلة تحفظ حقوق الأفراد والجماعات، ثم يستمرون في الحياة فتضمن لهم النمو والتطور والحفاظ على حقوقهم، وفي الدول العربية والخليجية، بالإضافة الى دول أخرى مثل باكستان وإيران على سبيل المثال، فإن مفهوم الديمقراطية لا يعدو كونه ورقة تلعب بها الحكومات، وهي مجرد مسمى لماع في الغرب، ينطلق من صفة العمل الإيجابي والفرصة المتكافئة للقوى السياسية فيها، لكن حقيقة الأمر أنك لن تجد في تلك الدول (قوى) بل تجد قوة الحكومة الحاكمة، وتجد الحكم الوراثي، بل حتى في الدول التي يتغير فيها رئيس، ويعقبه رئيس آخر، فإن الصورة الأوضح هي أن الديمقراطية ليست حقيقة واقعية، نعم... هناك انتخابات شهدتها دولة الكويت، وقريباً انتخابات في لبنان وفي انتظار انتخابات الرئاسة في إيران (وهي بالمناسبة شهدت إطلاق قول من قبيل لا تنتخبوا شخصاً يميل الى الغرب)... كل هذا، وحتى لا يتهمني البعض بالتشاؤم، يجعلنا نسير في الاتجاه نفسه فلا نجد ديمقراطية حقيقية، فمعروف كيف تدار السلطة في لبنان، وفي الكويت والبحرين، وفي دول تصل نسبة المشاركة في الانتخابات فيها الى نسبة 99.9 في المئة، لكن لسنا في وارد ممارسة ديمقراطية حقيقية.

عبدالنبي سلمان:

حتى يكون النقاش أكثر تركيزاً، لا بد من القول - كما ذكر الأستاذ نويهض - أن هناك جوانب عدة للديمقراطية وهناك منطلقات للديمقراطية وآفاقها حتى نلم بالفكرة، وهذه المنطلقات تخدم موضوع الحديث، فبالإضافة الى ما ذكره الأخ محمد الأنصاري بخصوص ايران ولبنان والكويت والعالم العربي عموماً، أعتقد أن هناك عدة جوانب معضلة ومعوقة للديمقراطية، وهناك أيضاً التجربة المصرية، فمصر التي كانت تنتج فكراً وحضارةً وثقافةً، لم تستطع أن تغير شيئاً من واقع الحال بالنسبة إلى تركيبة المجتمع المصري، بل الأنظمة التي توالت على الحكم في مصر، لم تغير شيئاً، والأمر ذاته ينطبق على لبنان، فهو كان ولا يزال مصدر اشعاع وهناك نهج سياسي واضح على أساس طائفي بحيث يخدم أطيافاً سياسية، وهذا ينطبق على دولة بحجم إيران ودول الخليج فما نشاهد هو ردة حضارية، ولا نستطيع أن نفهم كيف أن شعباً يمتلك التاريخ والحضارة كالشعب الإيراني ما زال يواجه النكبات بسبب توالي الأنظمة وتكرار الممارسات ذاتها، في العالم العربي وفي دول مجلس التعاون الخليجي... نقول وفقاً للتساؤل المطروح: «هل الدعوات للإصلاح السياسي والديمقراطية موضة أم ناتجة عن قناعة»، أثبتت التجربة أنه لا توجد قناعة حقيقية للإصلاح، ولا توجد نوايا نعتد بها، وهناك هاجس يخالجنا في البحرين للإنطلاق نحو المستقبل، وأعتقد أن هناك معوقات ثقافية وحضارية نعاني منها، وسنبقى نعاني منها وليست بالضرورة من الأنظمة السياسية فحسب... قد تكون الأنظمة السياسية جزءاً منها، لكن الشعوب عليها مسئولية، فالتخلف الحضاري والثقافي عقبة وكثيراً ما زايدت الأنظمة السياسية على أن شعوبها لا تحتاج الى أكثر مما هو لديها، وكثيراً ما تتردد هذه المقولات من قبل الساسة والحكام كذريعة لعدم تطوير التجارب الديمقراطية، ويظهر هذا الأمر على شكل إعاقات حتى من بعض الأحزاب، ولا نريد أن نحدد هذه الإعاقات في فترة الانتخابات فقط، ولكن حتى على مسار العمل السياسي اليومي.

الحالة في الوطن العربي والإسلامي، تؤكد عدم وجود قناعة لدى الإنسان العربي والمسلم بضرورة التجديد والانعتاق مما هو معاش، لكن كيف ولماذا؟ فلا توجد إجابات واضحة! وهناك تراجعات حضارية أو سياسية وقد تكون بعض القوى إسلامية أو علمانية سبباً في الإعاقة علاوة على الأنظمة السياسية التي لا يزال بعضها ينتهج خطوات لا تعترف بالإصلاح، وتبرز قوى الفساد والعنف التي تهيمن على الأنظمة، فلا يزال من يضع هذه السياسات التي تدع

العدد 2816 - السبت 22 مايو 2010م الموافق 08 جمادى الآخرة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً