العدد 2817 - الأحد 23 مايو 2010م الموافق 09 جمادى الآخرة 1431هـ

أسماء «النطاقات» وحدها لا تكفي (1)

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

بثت وكالة أنباء الأمارات (وام) خبر تدشين الإمارات العربية المتحدة أول عنوان إلكتروني باللغة العربية على شبكة الإنترنت بعنوان «خليفة.امارات»، وهو عنوان نطاق الموقع (Domain Name) الذي أطلقته وزارة شئون الرئاسة، بالتعاون مع هيئة تنظيم الاتصالات. وسيكون هذا الموقع، هو الموقع الإلكتروني الرسمي لرئيس دولة الإمارات، الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان. ووصفت «وام» هذا العمل بأنه «الإنجاز الأول من نوعه في تاريخ الإنترنت الذي يسمح بتسجيل واستخدام عناوين المواقع بلغات أخرى غير الإنجليزية». وقد تم ذلك بعد الحصول على الموافقة من منظمة الأسماء والأرقام «الآيكان»، لتسجيل اسم النطاق باللغة العربية، والموافقة على «.امارات»، ليكون اسم نطاق «عنوان الإنترنت» لدولة الإمارات العربية المتحدة. بالطبع كانت مصر من أوائل الدول العربية التي وافقت لها، كان باستخدام (.مصر) في النطاقات التي تفضل تدوين نطاقاتها باللغة العربية.

للوهلة الأولى، ولمن يحاول أن يحتفظ بنظرة متفائلة في الواقع العربي المحبط، وعلى وجه الخصوص في قطاع تقنيات الاتصالات والمعلومات، سيكون الاستنتاج المنطقي عند قراءة هذا الخبر، أن حجم سوق الإنترنت العربية بات مغرياً للضالعين في صناعة وتجارة الإنترنت، وبأن اللغة العربية، ومن ثم كمية المواد العربية على الإنترنت، أصبحت تتمتع بالمواصفات التقنية العالمية، التي تؤهلها للاستخدام. وسوف تستعين هذه النظرة ببعض الأرقام التي تنشرها بعض مؤسسات الأبحاث العربية مثل مجموعة الاستشاريين العرب (Arab Advisors Group)، التي جاء في مسح نشرته في العام 2008 عن سوق التجارة الإلكترونية السعودية بأن «مستخدمي التجارة الإلكترونية في السعودية تجاوزوا 3.5 مليون مستخدم بنسبة 14.26 في المئة من عدد السكان في المملكة». هذا في وقت قدرت بعض الدراسات حجم الإنفاق في الولايات المتحدة في الربع الأول من العام 2003 - فقط - بما يقارب 12 بليون دولار بما يزيد على 25.9 في المئة عن نفس الفترة من العام 2002». أما على المستوى العربي، إن حجم التجارة الإلكترونية في البلدان العربية لم يتجاوز «مبلغ 3 مليارات دولار»، في حين بلغت «قيمة مشتريات المستهلكين التي تمت بواسطة الإنترنت في العام 2006 ما يساوي 206 مليارات دولار».

أما على مستوى استخدام اللغة العربية فهي كما تذهب الكثير من الدراسات، «لا يتعدى حجمها نسبة 1 في المئة من محتويات الإنترنت»، وفقاً لأحدث الإحصائيات، ويتحدث بعضها الآخر - مركز التراث الحضاري والطبيعي في مصر - عن نسبة لا تتجاوز 0.5 في المئة، أي أقل من واحد في المئة.

هذا على مستوى التواجد العربي، لكن يزداد الطين بلّه عندما نصل إلى المحتوى، فكما يقول تقرير التنمية البشرية العربية الصادر عن الأمم المتحدة «تعاني مواقع الإنترنت العربية من ضعف المضامين وشراسة المضامين تفاقم من حجم هذا الوضع». ويؤكد هذه الحقيقة الخبير الألماني هوفينهايز دراسة حول المواقع الذي حذر من تراجع حصة المواقع العربية الأكثر انتشاراً باللغة العربية «بما فيها تلك التي تكتسي طابعاً دينياً، من 10 في المئة قبل خمس سنوات، إلى 5 في المئة اليوم». ويرجع هوفينهايز ذلك إلى سببين: الأول هو «اتساع قاعدة المستخدمين ونمو المواقع الترفيهية والرياضية وغيرها بوتيرة كبيرة»، وهي ليست في حاجة إلى اللغة العربية، من أجل الانتشار، والثاني هو أن «الكثير من الأنظمة العربية توظف ما يسمى بالحرب على الإرهاب لتحويل انتباه الغرب عن القمع الذي تمارسه هذه الأنظمة في الداخل»، وهو ما يضعف المضمون، الذي تسيطر عليه بفضل ذلك التوجه، السياسة الإعلامية الفجة المباشرة.

على صعيد آخر، يعترف التقرير الصادر عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء المصري بأن «نسبة استخدام الإنترنت إلى إجمالي عدد السكان في العالم العربي بلغت داخل الدول العربية حوالي 4.4 في المئة من إجمالي عدد سكان هذه الدول في يونيو/ حزيران 2005 وهي نسبة ضئيلة للغاية بالمقارنة بالمتوسط العالمي لاستخدام الإنترنت والذي يبلغ 14.6 في المئة من إجمالي سكان العالم في حزيران 2005 «. وفي الاتجاه ذاته، تبدو الصورة أكثر وضوحاً لدى الباحث بشار عباس حيث يشير إلى أنه «في حين يبلغ عدد السكان في الدول العربية 300 مليون أي حوالي 5 في المئة من سكان العالم، أي أن نسبة المستخدمين العرب أقل بـ 11.5 مرة من معدل الاستخدام العالمي».

ويؤكد هذه الحالة العربية «الإنترنتية «المتردية مدير عام شركة غوغل مصر والشرق الأوسط شريف إسكندر الذي يصف المستخدم العربي على شبكة الإنترنت بأنه «مواطن من الدرجة الثانية لفترة طويلة، محذراً من إن اللغة الإنجليزية ليست العائق الوحيد ويجب ألا نجبر المواطن على الدخول باللغة الإنجليزية فقط وهذا هو الدور الذي تلعبه «غوغل» في الأسواق العربية، مشيراً إلى أن أغلب المحتوى العربي على الإنترنت هزيل ولا يجذب الأفراد وأن المشكلة الحقيقية أننا لم نحدد المحتوى الرقمي الذي نريده».

ويقارن الباحث محمد سالم غنيم بين ضآلة عدد الصفحات العربية على الإنترنت التي لم تتجاوز 40 مليون صفحة مقابل 40 مليار صفحة متوفرة باللغات الأخرى. أما مستشار الإسكوا في أمور المعلوماتية نبيل علي، فيحذر خلال اجتماع الخبراء التابع للمنظمة من «وجود فجوة في صناعة المحتوى الرقمي بين الدول العربية وإسرائيل، فنسبة ولوج مستخدمي العبرية إلى المواقع الإلكترونية بلغت 66 في المئة، في حين أنها لم تتعدّ للمستخدمين العرب حاجز 13.6 في المئة».

هذه اللوحة القاتمة لحالة الإنترنت العربية، إن دلت على شيء، فإنما تدل على أن الدخول الصحيح إلى عالم الإنترنت لا يتم عبر إضافة شكلية تجميلية للمواقع العربية من خلال إمكانية استخدام اللغة العربية في تسمية النطاق، أنها قضية أكبر من ذلك بكثير، وتحتاج إلى وقفة جادة تتناول واقع صناعة تقنية الاتصالات والمعلومات العربية التي ليس الإنترنت سوى إحدى قنواتها.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2817 - الأحد 23 مايو 2010م الموافق 09 جمادى الآخرة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • كشاجم | 2:19 ص

      عرست ومو قاصرينها إلا الجباب

      أعتقد أن هذه أغبى خطوة تتخذها مؤسسة رسمية. أسماء النطاق من الأفضل أن تظل بالإنجليزية، فالصين العظيمة بحجم شعبها وبعدد مواقعها المليونية لم تفكر في استخدام اللغة الصينية لأسماء النطاقات !! فلماذا يصر العربا على استخدام اللغة العربية وهم لا يمثلون سوى نقطة في بحر من حيث عدد المتكلمين بالعربية بالمقارنة باللغات الأخرى ؟ أليس هذا استغباءا للناس واستفالا لهم ؟
      سوف يصرفون الملايين والمليارات ليقنعونا أننا أول من استخدم غير الإنجليزية (أو اللاتينية) في أسماء النطاق ،ولكن ماذا بعد ؟

    • زائر 1 | 10:32 م

      نعم للإستفادة من التجارب الناجحه في الوقت نفسه المطلوب التهذيب لإستغلال المواقع

      شكرا للأستاذ عبيدلي على المقال الرائع ونحن إذ نعقب .. إذ دأب البعض على الإستغلال الأسوء للمواقع الإلكترونية وممن ينتمي لأفكار تدل على عقول إسمنتيه أو لكونهم ينحدرون إلى مدارس فكرية منحطه ومن إساءة لحرية التعبير والتطاول على أحكام الإتفاقيات ومضمونها من قبل أفراد أساؤوا لمفهوم الديمقراطية وإن بعض المواقع الإلكترونية انبرت عن سوء الأدب وهل تتناسب كل هذه الضجه وإلى متى سيمارس خفافيش الظلام سوء سريرتهم أو ممن يركض خلف النساء من فاقدي الأهلية للكتابه عنهم مع تحيات Nadaly Ahmed

اقرأ ايضاً