العدد 2822 - الجمعة 28 مايو 2010م الموافق 14 جمادى الآخرة 1431هـ

متى يتحقق حلم الاتحاد الجمركي الخليجي؟ (2/2)

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في ندوة «»تقييم الاتحاد الجمركي الخليجي» التي أشرنا إليها أعلاه (في الجزء الأول من المقال أمس) يفصح عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة الكويت عن أسفه للأداء الضعيف لذلك الاتحاد «بسبب ما يواجهه الاتحاد الجمركي من عقبات إدارية وبيروقراطية، وصعوبات هيكلية ناشئة عن بنية اقتصادات دول الاتحاد»، مؤكداً في الوقت ذاته أن «نجاح دول مجلس التعاون الخليجي في التصدي للتحديات التنموية محلياً، وإقليمياً، ودولياً رهن بتكاملها الاقتصادي، بغية الانتقال من مفهوم الثروة الناضبة إلى مفهوم تنمية الثروة المتجددة، مبيّناً أن التكامل الاقتصادي بين هذه الدول من شأنه أن يلعب دوراً كبيراً في دعم قضايا الأمةالعربية، وتحقيق مشروعها الاقتصادي، فضلاً عن توفير الفرص للاستفادة من العولمة، وتجنب تكلفتها العالية».

وليست تلك الشهادة الوحيدة من قبل القطاع الخاص، ففي العام 2002، صرح رئيس مجموعة الزامل حينها عبدالرحمن الزامل حول أهمية ذلك الاتحاد قائلاً بأن «إقرار الاتحاد الجمركي يمثل خطوة مهمة جداً لقيام السوق الخليجية، مشيراً إلى أن توحيد التعرفة له مزايا كبيرة، ولن تكون له مساوئ، خاصة أن العالم يتوجه إلى العمل الوحدوي، وأن الاتحاد الجمركي هو بداية لاتفاق مع الاتحاد الأوروبي بعد مفاوضات دامت 15 عاماً، حيث أن الأوروبيين يتهربون من إعطاء دول الخليج مزايا خاصة بهم والآن تحقق أحد أهم شروطهم وسنرى قريباً نتائج تلك المفاوضات، وبأنه مع تطبيق العمل بالاتحاد الجمركي ستكون السلع أكثر انسيابية دون أي معوقات» .

أما وكالة أنبا البحرين، وهي جهة حكومية بطبيعة الحال، فقد أصدرت في العام 2003، ملفاً خاصاً بالاتحاد، أكدت فيه أن «الاتحاد الجمركي الخليجي ستكون له إيجابيات متعددة على دول الاتحاد ومواطنيها بشكل عام، فانتعاش الوضع الاقتصادي سيعم الجميع دولاً وأفراداً، كما أن البيئة التي تتوافر فيها حرية انتقال الأفراد والسلع والأموال والخدمات من دون قيود أو عقبات جمركية وغير جمركية، هي بيئة اقتصادية متحررة تعكس نفسها على الجميع بصورة إيجابية، كما أن إنجاز الاتحاد الجمركي الخليجي سينعكس إيجاباً على مستوى المفاوضات بين دول مجلس التعاون والتجمعات الاقتصادية الدولية مثل المجموعة الأوروبية، التي اشترطت سابقاً لتوقيع اتفاقية منطقة تجارة حرة بينها وبين دول المجلس، إقامة الاتحاد الجمركي الخليجي كمقدمة للتقدم في المفاوضات معها، وينطبق هذا أيضاً على مفاوضات المجلس مع بقية التجمعات الاقتصادية الدولية الأخرى لتحقيق مكاسب اقتصادية جراء تحرير التجارة وإزالة الحواجز والرسوم الجمركية».

طالما أن القطاعين العام والخاص، كما هو واضح في تصريحات كليهما يؤمنان بضرورة وجدوى وأهمية قيام مثل هذا الاتحاد، فما هي يا ترى العقبات التي لا تزال تقف في وجه قيامه؟

تحدد مذكرة صادرة عن الأمانة العامة لمجلس التعاون بعض تلك المعيقات فتعترف بوجود «اختلاف كبير بين هيئات الجمارك الخليجية بشأن كيفية احتساب القيمة الجمركية، وإفراط بعض المنافذ الجمركية في إجراءات تفتيش البضائع ومعاينتها، إضافة إلى تَعقُّد إجراءات العبور بين دول المجلس حيث تشترط البعض منها عدم الإفراج عن البضائع إلا بضمان المجلس الجمركي، كما فرضت بعض الدول رسوماً حمائية على الواردات بمعدل أعلى من الرسوم الجمركية المتفق عليها بواقع 5 في المئة، إضافة إلى الاختلاف في تعديلات أنظمة الوكالات التجارية بين دول المجلس وخاصة في ضوء منح دولة الإمارات نوعاً من أشكال الحماية للوكلاء المحليين، بالإضافة إلى اختلاف دول الخليج فيما بينها بشأن مواصفات ومقاييس السلع والبضائع الواردة إليها إضافة إلى عدم وضوح آليات انتقال السلع الممنوعة والمقيدة».

كما يبدو من مذكرة الأمانة العامة، فإن العقبة الكأداء هي كيفية إعادة توزيع قيمة المكوس الجمركية، أو ما يسمى بالوعاء الجمركي المشترك. لكن هذه المشكلة لا ينبغي أن تكون سبباً في إعاقة تأسيس هذا الاتحاد. هذه المسألة تعالجها كلمة نقي في تلك الندوة، حيث نجده يقول بأن «مشكلة تقسيم إيرادات الجمارك بين الدول الأعضاء في التكامل يجب ألا تقف حجر عثرة في سبيل إتمام التكامل والاتفاق على أسس التعرفة الموحدة. ولعل أخف الحلول التي يلجأ إليها في هذا الشأن هو تسليم كل دولة ما يتحصل لها من إيرادات مع إيداع نسبة معينة من مجموعها في صندوق يخصص لإعانة الدولة التي تعاني نقصاً في إيراداتها الجمركية بسبب انضمامها للتكامل».

ولا يترك نقي الأمور معلقة بل يضع أمام المسئولين مجموعة من المطالب التي من شأنها، متى ما استجابت لها السلطات المعنية أن تساهم في التأسيس العملي لانطلاقة «الاتحاد الجمركي الخليجي»، من بين أهمها:

1. الإسراع بتوحيد جميع التشريعات واللوائح والإجراءات المنظمة للتجارة سواء منها الجمركية وغير الجمركية بين دول المجلس.

2. ضرورة الإسراع في توحيد قوانين المواصفات والمقاييس.

3. إنشاء هيئة جمركية عليا لدول مجلس التعاون تشرف على الأداء الجمركي مكونة من ممثلين عن الأجهزة الرسمية المعنية والقطاع الخاص.

4. زيادة توعية القطاع الخاص بالإجراءات المتبعة في المنافذ البينية، وفي هذا السياق نرى وجوب توعية المنتجين والمصدرين بالإجراءات كافة والمستندات المطلوبة لتصدير المنتجات إلى باقي دول المجلس أولاً بأول عن طريق ورش العمل.

5. عدم مطالبة المنتج الخليجي بأي شهادات أو مستندات إضافية غير منصوص عليها في اتفاقية الاتحاد الجمركي بما في ذلك شهادات المطابقة والتراخيص.

في هذه المطالبات يشرك نقي، على قدم المساواة، القطاعين العام والخاص في العمل سوية، وكل في نطاق صلاحياته ومسئولياته، من أجل العمل لتسريع خطوات قيام هذا الاتحاد. ومن هنا فمن أجل تحقيق هذا الحلم، يمكن لطرفي المعادلة: القطاعان الخاص والعام، كل من جهته، وفي نطاق صلاحياته وإمكانياته أن يسعى لتحقيق ذلك الحلم من خلال خطوتين رئيسيتين هما:

6. أن يقتنع القطاع الخاص بدوره في عملية التأسيس، فيسعى بدوره للضغط على أصحاب القرار للإسراع في عملية التأسيس، متجاوزاً بذلك المصالح القطرية الضيقة، ناظراً، بشكل استراتيجي للمصالح الإقليمية الأوسع نطاقاً.

7. أن يرى القطاع العام تلك الفوائد السياسية والاقتصادية، وعلى الصعيد الإقليمي أيضاً، والمكاسب الإقليمية، السياسية والاقتصادية التي يحققها ذلك الاتحاد، فيقفز، وبرؤية متزنة فوق حواجز النظارت القطرية الضيقة.

ومتى ما التقت تلك النظرتان، فبوسعنا القول إن حلم تأسيس الاتحاد الجمركي الخليجي قد بدأ يضع أقدامه، وبخطى راسخة على طريق الاتحاد الجمركي الخليجي الصحيح.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2822 - الجمعة 28 مايو 2010م الموافق 14 جمادى الآخرة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً