العدد 2828 - الخميس 03 يونيو 2010م الموافق 20 جمادى الآخرة 1431هـ

العرب والأتراك... مواريث الكرامة والهوان

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

أوصى اجتماع جامعة الدول العربية، برفع رسالةٍ وديةٍ إلى فخامة الرئيس الأميركي باراك أوباما ليتفضل بتحريك المفاوضات، ورسالةً أخرى إلى مجلس الأمن، ليتفضل بالتوصية برفع الحصار عن قطاع غزة!

الرأي العام العربي من المحيط إلى الخليج، يقارن كثيراً هذه الأيام بين هذه المواقف، وبين السياسة التركية الجديدة، التي سيتصدى لها كتّاب الأنظمة، ليثيروا حولها الغبار. وينسون أن هؤلاء الأتراك المدافعين عن القضية الفلسطينية، ذوو أصولٍ فكرية إسلامية، وخريجو مدارس ومعاهد تعليم القرآن الكريم المنتشرة في كل أنحاء القطر التركي الشقيق. وأجمل ما في هذه الحركة أنها أعادت للقضية الفلسطينية وهجها الإنساني، وأخرجتها من التجاذبات الطائفية، فلم تترك فرصة للمتربصين المتخاذلين، بالتخويف من هلال شيعي أو مد صفوي، لصدّ الناس عن قضية فلسطين العادلة.

سيُقال الكثير عن «أطماع» تركيا وتطلّعها للعب دور إقليمي كبير، فليكن... ما دام يخلق نوعاً من التوازن مع الكيان الصهيوني الذي يعمل على إذلال العرب منذ ستين عاماً، حتى بلغ الشهداء الفلسطينيون سبعمئة وخمسين ألفاً، غير قوافل الأسرى والجرحى، وخمسة ملايين من المهجرين واللاجئين والمقموعين.

إن من المؤثر جداً أن ينزل مصابٌ تركي عند منتصف ليل الأربعاء من الطائرة محمولاً على سرير نقّال، وأول ما يفعله هو التلويح بعلامة النصر. ومن المؤثر أكثر أن يقف وزير الخارجية التركي ليربط عودة علاقات بلاده مع «إسرائيل» برفع الحصار عن غزة، ويهدّدها فيما لو أقدمت على محاكمة أي أسير تركي، بمحاكمة قادة الكيان الصهيوني. بينما يلجأ أصحاب القضية إلى مجلس الأمن يتباكون، مثلما فعل آخر حكام الطوائف بالأندلس عبدالله الصغير، الذي عيّرته أمّه بقولها:

ابكِ مثلَ النساءِ ملكاًً مُضاعاً... لم تحافظ عليه مثلَ الرجالِ.

إن ما حدث من هجوم لئيم على سفنٍ مدنيةٍ في عرض البحر، سيبقى في ذاكرة العالم طويلاً. فهناك جمعيات مجتمع مدني، من النشطاء المسالمين ذوي الضمائر الإنسانية، حملوا على كاهلهم مسئولية فك الحصار عن شعب محاصرٍ ومجوّع، بمباركة ومشاركة الدول الكبرى وأتباعها. وقد بدت آثارها تعطي ثمارها وبأسرع مما كان متوقعاً، فهناك دعوات أطلقت في قلب العاصمة الأميركية تقول: «اقطعوا المساعدات عن هذا النظام العنصري». بل إن وزيرة الخارجية المتعاطفة جداً مع «إسرائيل»، اعترفت بأن الوضع في غزة «غير مقبول»، وطالب مجلس حقوق الإنسان بتحقيق مستقل ودفع التعويضات، فيما طالب الأمين العام برفع الحصار فوراً.

الحصار سيسقط طال الزمان أو قصر، كما سقط حصار شعب أبي طالب، وكما سقط سور برلين ونظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا... فهذه سنن التاريخ في الأنظمة الفاشية القائمة على استباحة حقوق الإنسان.

التحوّل الأكبر والأهم في تركيا يبعث على الأمل في تعادل كفة الميزان، بعد أن بلغت العربدة الإسرائيلية أقصاها. ومن يقرأ التفاصيل سيدرك خطورة الأمر، فقد رفع في «تقسيم»، أكبر ميادين العاصمة (اسطنبول) شعار: «إسرائيل قاتلة»، وذكّر أحد الكتّاب الأتراك في صحيفة علمانية اليهود قائلاً: «لقد أنقدناكم في سفننا في العام 1492 والآن تقتلوننا في وسط البحر». وهذا البعد التاريخي يفتقده العرب الذين يعيشون بلا مستقبل، بعد أن فرطوا في الماضي وسلّموا مفاتيح مدنهم للأعداء، يتشبثون بحياةٍ بلا كرامة، ويبحثون عن سلامٍ دون أثمان.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2828 - الخميس 03 يونيو 2010م الموافق 20 جمادى الآخرة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 17 | 3:39 م

      ولاية الفقيه!

      ولاية الفقيه نظرية وليست نظاماً ... مسكين ما تعرف شنو ولاية الفقيه ليش تتكلم عنها

    • زائر 16 | 1:33 م

      و سيسقط ان شاء الله نظام ولاية الفقيه يا حجي قاسم

      لا تنسى

    • زائر 14 | 8:20 ص

      ضحكني خالد الشامخ

      العرب يملكون المستقبل؟ يملكون عمى عيونهم. فيه قوم أذل من العرب في هذا الزمن؟ يحاصرون غزة واهلها وهم عرب ومسلمين مثلهم، كل ذلكتنفيذا لرغبة اسرائيل. وجاي تدافع عنهم..........

    • زائر 13 | 8:16 ص

      وينك شموخ؟

      ومن قال لك ان العرب يعيشون للمستقبل ؟ شفتهم كم قبيلة متناحرة؟ شفتهم في القاهرة تشابقوا وما اتفقوا شنو يسوون؟ ناس يقولون مفاوضات مباشرة وناس مفاوضات غير مباشرة وناس بلا مفاوضات أصلاً!!! وفي الاخير ودوا رسالة إلى اميرهم الجديد اوباما يترجونه استمرار المفاوضات الفارغة!!! هذي قوم يفتخرون به؟ آنه عربي بس بصراحة رؤساؤنا يفشلون، وانت جاي تتفاخر بهذلين اللي تآمروا على غزة واحكموا عليها الحصار؟ دع عنك عصبية الجاهلية وحماقة الاعراب.

    • زائر 12 | 6:59 ص

      هون على نفسك يا خويلد

      يا خويلد الموضوع ليس موضوع عرب او عجم و اذا اردت الاعتزاز بالعرق فنحن البحارنة ابناء العرب الاقحاق ولاننا نعلم التغني بالعرق من الجاهلية و صفة تحمل من الغباء الكثير لذلك لا تشكل لنا معنى اذا نحن لم نرتقي بانسانيتا و قيمنا ويعاب على العرب الغارقين بالتغني بالامجاد انهم مصابون بالنرجسية و الشوفونية.

    • زائر 11 | 6:58 ص

      لا للمد العثماني

      لا لتركيا العثمانية مثلما قلنا لا لإيران الصفوية نعم لبني يعرب...

    • زائر 10 | 4:48 ص

      ليس الانظمة العربية السبب !!!

      بل السبب الشعوب العربية الذليلة و الخانعة والمستسلمة و الجبانة و الغبية التي ركنت و أستسلمت الى هذه الانظمة المتسلطة و العميلة لقوة الشر. ان اللة لايغير مابقوم حتى يغيروا مابأنفسهم. لاتلوم الكتاب المهرجون و اللئام و المأجورين و المسوقين لفكر الاستسلام لقوة الظلم و الفسقة. بل اللوم كل اللوم يقع علينا نحن الشعوب العربية حتى وصل الامر ان حفنة من اولاد ر يهيمنون و يستهزؤن بنا.قل لي بربك عندما حانة المواجهة في حرب 2006 و 2008 ماذا فعلت هذه الشعوب الذليلة ؟؟!!

    • زائر 9 | 3:58 ص

      الاعراب

      صح لسانك أيها الكاتب العزيز فالاعراب مهما طال الزمن ما ان خرجوا من سنة اهل البيت الاطهار ظلوا كما هما سوف كما هم أشذ كفرا ونفاقا وسيرة 14 قرن من سيلاطينهم تروي ذلك والسلام!!!!!.

    • زائر 8 | 3:36 ص

      صح لسانك ...

      مقال للإتعاظ إن كان هناك متعظ من العرب ....

    • زائر 7 | 3:33 ص

      الحجى

      الى زائر رقم 2 صح السانك ونعم الكلام.

    • زائر 6 | 3:31 ص

      خالد الشامخ: ياحبكم لسب العرب

      من قال ان العرب يعيشون بلا مستقبل ؟ يقولها اتباع الملالي ..العرب هم من يملكون المستقبل بينما الملالي يملكون الباسيج..انظر الي دبي و قارنها بخرائب مشهد و قارن بين الرياض (اكبر مدينه في الشرق) و بين طهران الحوسه..اقول مالت علي البمبر ابو السناسين..

    • زائر 5 | 3:03 ص

      هجوم لئيم على سفنٍ مدنيةٍ و قبله هجوم في مكان اخر

      تتذكرون حصار الفلوجة من قبل القوات الامريكية قبل سنوات ؟ تتذكرون قافلة المساعدات التي سيرها الصدريون وكيف اختطف ( مجاهدو القاعدة و اذنابهم) السواق الشيعة و ذبحونهم شر ذبحه ؟ هل تذكرون ام ذاكرتنا مخرومة ؟ ما الفرق بين العملين ؟ ارى ان ما قامة به مجاهدو القاعدة اكثر دناءة و لؤم عما قام به الصهاينة. سيعرف الاتراك فيما بعد حقيقة ان العرب لا يشد بهم قوام.

    • زائر 3 | 12:59 ص

      واااا أسفاه

      لقد أسمعت من ناديت حيا" لكن لا حياة لمن تنادي

    • زائر 2 | 12:46 ص

      الى متى

      مع شديد الاسف فإن الانظمة لا تقيم اي وزن لشعوبها ولو لم يكن كذلك لما راينا ظواهر كالتجنيس والتميز والتهجير والسرقات

    • زائر 1 | 10:19 م

      الحصار سيزول وإسرائيل ستزول أيضاً

      أما العرب ستظل كما هي، والله يحفظ لينا السيد الخامنائي والسيد حسن نصر الله
      قاسم حسين أنت لساننا الناطق بالحق، لطالما توافقت أفكارك وأفكاري :)

اقرأ ايضاً