العدد 2832 - الإثنين 07 يونيو 2010م الموافق 24 جمادى الآخرة 1431هـ

شكراً عقيل... وأهلاً لحوار «سواري» ناضج (2)

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

من الفئة الأولى أنتقل إلى الفئة الثانية، والتي توقف عندها الأخ «عقيل»، عندما تناول مسألة إشارتي إلى ضرورة العودة خطوتين للوراء من أجل التقدم خطوة للأمام، والتي اعتبرها، كما جاء في «هواجسه»، بمثابة «العلة الثانية، ولا خلل في هذا، لكنه بسبب من شخصيته (عبيدلي) الميالة (لتأخير الكلام الذي نستحي منه) قصر عن توضيح محتوى هذه العودة للخلف، وتبيان ضرورة أن تكون هذه العودة للخلف مقترنة بمواجهة مع النفس صحيحة، والاعتراف بالأخطاء التي راكمتها بعض هذه الجمعيات بحق التيار الديمقراطي أوالمزاج الديمقراطي البحريني، كما أحب أن أسميه، فثمة جبل من الأخطاء تراكم وأفقد الناس الثقة في هذه الجمعيات...».

هنا أرى، عوضاً عن الخوض في الجانب الشخصي في هذه المسألة، والدفاع عن قضايا ذاتية فردية هامشية، ضرورة التوقف عند البعد التنظيمي والنظري لمفهوم «الخطوة والخطوتين»، التي يحلو للبعض تسطيحهما وحصرهما في إطار تكتيكي سياسي محض يدعو إلى «العودة قليلاً إلى الوراء من أجل استرجاع النفس للتمكن من التقدم خطوة واحدة للأمام». لقد أصبح المفهوم الدارج، لهذا الطرح اللينيني المعقد عبارة عن حصر القضية في نطاق سياسي محض وضيق.

هذا الفهم الخاطئ للتعبير يقتضي منا العودة إلى جذور هذا المفهوم اللينيني الذي ضمنه فلاديمير لينين كتابه القيم الغني بالتجربة وعنونه «خطوتان للوراء خطوة للأمام: الأزمة في حزبنا»، والذي بدأ في تدوينه في العام 0391، ولم ينشر حتى العام 0491، بعد أن حذفت منه بعض الفقرات المهمة، التي كان لينين قد حافظ عليها من خلال عودته لمحاضر جلسات المؤتمر، ومداخلات المشاركين فيه. وكان على الحركة الاشتراكية العالمية أن تنتظر حتى العام 7002، كي تطلع على ما كتبه لينين كاملاً دون تحريف المناشفة، الذين حاربوا الكتاب وحاولوا دفع الحزب للتنصل من مسئولية الدفاع عما جاء فيه. كان لينين حينها يخوض معركة تنظيمية على أرضية سياسية، وهذا سبب حرصه على العنوان الفرعي للمتاب «الأزمة في حزبنا».

إشارتي إلى تلك المقولة، «خطوة للأمام خطوتان للوراء»، تشخص في بعدها الاستراتيجي العميق ما أعتبره «أزمة تنظيمية» تتزاوج مع «أخرى سياسية» تعاني منهما الجمعيات الثلاث. فليس بالأمر السهل الانتقال الفجائي من النضال السياسي السري الذي فرضته على مسرح العمل السياسي البحريني بنود وآليات «قانون أمن الدولة»، إلى آخر مختلف فرضته تطورات ميثاق العمل الوطني والدستور الذي جاء به. هذه الأزمة التنظيمية ببعدها السياسي بحاجة ماسة وسريعة إلى خطوة جريئة ومحسوبة نحو الوراء تمتلك النظرة الصحيحة كي تخطو نحو الأمام. لابد هنا لمن يريد أن يتراجع تكتيكياً نحو الخلف، كي يتقدم استراتيجياً نحو الأمام، أن يزاوج وبشكل إبداعي متميز بين هياكل وآليات العمل التنظيمي، وأنشطة وفعاليات المعارضة السياسية.

هذه الخطوة التنظيمية، تمس فيما تمس، علاقات الجمعيات الثلاث، أو كل واحدة منها على انفراد، تنظيمياً، مع ثلاث دوائر سياسية أساسية هي:

الأولى، العلاقات التنظيمية الداخلية في صفوف كل تنظيم، فإدارة تنظيم سري تختلف جوهرياً عن تلك التي يتطلبها تنظيم علني، والحديث هنا لا يقف عند حدود العمل الإداري، بل يتجاوزها كي يتماهى مع السلوك السياسي.

أما الثانية فهي العلاقات التنظيمية بين الجمعيات الثلاث ذاتها، وعلى أرضية العمل العلني، بما يشمل منظماتها الحزبية، وهو الآخر بحاجة إلى نظرة تنظيمية ثاقبة تميز بين حدود العمل الحزبي الحرفي المتماسك، والتحالفات الجبهوية المرنة والقابلة للتغيرات السريعة والآنية.

والثالثة، وهي الأكثر خطورة، العلاقة مع منظمات المجتمع المدني البحرينية التي شكلت في مراحل تاريخية معينة بديلاً إيجابياً للأحزاب السياسية، وفي مراحل أخرى رديفاً قوياً لها.

الإشارة لهذه الدوائر الثلاث لا تغفل أو تلغي دائرتين مهمتين هما علاقات الجمعيات مع أطراف المعارضة الأخرى، وعلاقاتها أيضاً مع السلطة التنفيذية ومؤسساتها المختلفة، بما فيها تلك «المجتمعية» التي تنفذ مشروعها.

هذه المرحلة التنظيمية المعقدة التي تمر بها الجمعيات الثلاث اليوم من الخطأ اعتبارها حالة مرضية ميؤوس منها، بل يجب التعاطي معها على أنها تحد من نمط جديد، ومن مستوى مختلف، مطالب الجميع التصدي له، وفي مقدمة كل هؤلاء الجمعيات الثلاث.

ومن الضرورة بمكان، والمرء يرصد حالات الصراعات السياسية المحتدمة اليوم، سواء في إطارها التنافسي بين قوى المعارضة، أو في نطاقها التصادمي، مع مؤسسات السلطة، أن يرى، وبعين خبيرة، تلك المساحات الآخذة في الاتساع لصالح التيار الوطني الديمقراطي الذي تشكل الجمعيات الثلاث رأس الحربة فيه.

تبقى مسألة أختلف فيها مع الأخ عقيل وهو أستنتاجه المتشائم الجازم القائل بأن الناس قد فقدت ثقتها في تلك الجمعيات، ففي ذلك شيء من التجني عليها جميعاً دون استثناء، فسير انتخابات مجلس 6002، عكس «مزاجاً» جماهيرياً متعاطفاً مع تلك الانتخابات، مما يؤكد بشكل أو بآخر الحيوية التي لاتزال تتمتع بها تلك الجمعيات وعلاقاتها الحسنة التي لاتزال تحتفظ بها مع نسبة لا يستهان بها من الجماهير، وهي نسبة قابلة للنمو أيضاً. كما أن موقف السلطة التنفيذية المعادي للكثير من عناصر تلك الجمعيات القيادية، يحمل مدلولات كبيرة على المرء أن يدركها ويدرك أبعادها على الصعيدين السياسي والتنظيمي.

بقيت كلمة شكر أخيرة أوجهها للأخ عقيل، وأرفقها باعتراف بأن هواجسه قد دفعتني إيجابياً كي أعود لصفحات أعتز بها، وتحتل مساحات مضيئة في كتاب تاريخ البحرين السياسي المعاصر، وأرفق هذا الشكر بدعوة صادقة لمزيد من الحوارات «السوارية» البناءة التي تعيننا على فهم بعضنا البعض، وتزودنا بالصبر الذي تحتاجه الجمعيات الثلاث كي تستفيد من ملاحظات الجميع، طالما كانت تلك الملاحظات هادئة وبعيدة عن الانفعال غير المبرر، أو التخندق غير المفيد.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2832 - الإثنين 07 يونيو 2010م الموافق 24 جمادى الآخرة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 21 | 9:38 ص

      كروت محروقة!

      انا اقترح على الأستاذ عقيل سوار يرجع يكتب عن معاناة العراقيين و اطفال العراق .. ولا معاناة اطفال العراق فقط ايام حكم صدام حسين.!؟

    • زائر 20 | 8:30 ص

      true writing

      ‎​‎​Real tears do not fall from the eyes and cover the face,they fall from the heart and cover the soul... in struggles and fears,and those who can work though those...they possess true love... True Love doesn't have a happy ending,because true love never ends....

    • زائر 19 | 8:26 ص

      dear Mr. Obaidly thank you

      actualy there are 2 kinds of writers .. the first reveal his thoughts and opinion ..the seond is wearing Musk and hiding behind others to write on his behalf .. with compliments of Nadaly Ahmed

    • زائر 18 | 7:26 ص

      عبد علي عباس البصري(زائر رقم 13)

      الى الاخ يونس البصري هذه الاخطاء النحويه والاملائيه ناتجه من الحماس او السرعه في الكتابه

    • زائر 17 | 6:57 ص

      زائر 14

      الجامد هو الانسان الذي لا يفكر....

    • زائر 16 | 6:31 ص

      رد على زائر14

      زائر 14 انت تبالغ.. تراث الجمعيات اليساريه لم يجمد ولم يصبحوا تماثيل... لا زالت قادرة على العطاء, ولها دور بارز في المجتمع البحريني. من خلال قاداتها ورموزها...

    • زائر 15 | 4:13 ص

      من يدفع يشيل!!!

      المشكلة ان عبيدلي يحترم الجميع ولكن مع الاسف عقيل يسترزق من المقالات التي يكتبها وليس مستعد ان يلتقي مع الاراء المحترمة والمعتدلة لان ذلك يسبب لة خسارة مثل راعي بسطة في سوق المقاصيص ومستعد يبيع اي شي !!!!!!!!

    • زائر 14 | 3:46 ص

      الزائر 12

      مع التحية تراث العقل تجمد عقل الجمعيات اليسارية صاروا كأنهم تماثيل ويش دخل الجمعيات الإسلامية بالموضوع هذي إللي ذابحكم على الأقل لهم نشاط ملموس سواءً إتفقنا معهم أو لا .

    • زائر 13 | 3:42 ص

      الشكر الى الأخ عبدعلي عباس البصري

      من اجمل التعقيبات تعقيب الأخ عبدعلي عباس البصري واااااجد عجبني مع اني ما فهمت منه شي، بس يمكن الأخ عبدعلي وما ادري هذا اسمك صح لو مستعار جان زين تجمع تعليقاتك في مقال واحد وترسلها الى الوسط علشان ينشرونها منفصلة ويقدر كاتب الموضوع يشارك في التعقيبات ونستفيد.. ويكون واضح مو من قبيل (وأنه ليس انساني ويس باجتاعي)، او من قبيل (التمييز الالاهي).. لأن مع كثرة مشاركاتك النشطة لكن تحتاج الى تعلم اللغة العربية السليمة.
      نسيبك
      يونس البصري

    • زائر 12 | 3:01 ص

      اذا كانت الجمعيات اليسارية من التراث......

      اذا كانت الجمعيات اليسارية من التراث... فالجمعيات الاسلاميه, من متى؟ من الجاهلية!؟

    • زائر 11 | 2:47 ص

      جمعيات تراثية

      الجمعيات السياسة التي تتحدث عنها يا أخ عبيدلي علتها أنها لم تواكب التطورات وبقيت على الأطلال لحد الآن يتكلمون عن لينين وماركس وماو وجيفارا وموشيه منة والرفيق والرفيق والرفيق يبيلهم زلزال حتى يصحون من النوم.. بس كثير من الزوار مايرتاحون حق سوار خلكم ديموقراطيين شوية وتقبلوا الرأي الآخر بروح رياضية حتى لة أختلفتوا معاه.

    • زائر 10 | 1:35 ص

      عقيل سوار؟؟

      أنا لا أرتاح لهذا الرجل ولا اعتبره أهلا للثقة فتجربتنا معه تكفي

    • زائر 9 | 1:09 ص

      افلاس

      للاسف الاخ عبيدلي امخلي راسك وراسهز هذا الانسان مفلس نهائي ومنذ اكثر من عشر سنوات وانت قاعد تحاوره. شنو عنده لم يقله لكي يضيفه هنا؟كل مواضيعه مكررة ومجترة مثل الجمل العجوزز اسف يا عبيدلي

    • زائر 8 | 1:06 ص

      عندي ملاحظه

      الأسم غلط والله هوي جدي ؟

    • زائر 7 | 11:12 م

      عبد علي عباس البصري .

      هناك نظره للانسان خاصه ، تعتبر الانسان انسان مادام يحترم الشرع والقانون السماوي ، وعندما يتعدى بأفكاره على السماء فهو مثل الانعام بل اضل سبيلا . كما ميزه الله في كتابه . أذن التمييز الالاهي قائم على التقوى واحترام الناس في عقائدهم الدينيه الاسلاميه وغير الاسلاميه . وفي القرآن الكثير من الآيات الداله على ذلك . (انتهى الموضوع)

    • زائر 6 | 11:08 م

      بهلول

      " الأخ عقيل وهو أستنتاجه المتشائم الجازم .....، ففي ذلك شيء من التجني "
      ومتى ترك هذا الكويتب التجني !!؟؟

    • زائر 5 | 11:03 م

      عبد علي عباس البصري

      الانسانيه لها صورتان متطابقتان من جهه ومختلفتان من جهه اخرى . الصوره الاولى هو الصوره الاجتماعيه . فيطلقون على الانسان الرحيم وصاحب الاخلاق وصاحب المساعدات لاخوه الانسان بأنه انساني اجتماعي بالطبع . والانسان الي يقتل الناس ويعيش في الارض خراب بأنه ليس بأنسان وأنه حيوان مفترس وأنه ليس انساني ويس باجتاعي .. وهذا كثيرا ما نسمعه من الناس والجرايد ومن غيرهما .

    • زائر 4 | 10:58 م

      عبد علي عباس البصري

      فالفأر والقرد اقرب الحيوانات للانسان من الناحيه العقليه ، فكلاهما يفكر ويتصور بأسلوب قريب من الانسان نسبيا ونوعيا .

    • زائر 3 | 10:49 م

      عبد علي عباس البصري

      الانسان حيوان بالخلقه ؟ تماما كلحيوان . يشرب يأكل ينكح ينام يستيقض ... والله قد جعله من ارقى الحيوانات لما اودع فيه من خصلتين مميزتين الاولى لم يعطيها الحيوانات الباقيه اطلاقا والأخرى نسبيه وأرقاها في الانسان . ميزه بالكلام وباقي الحيوانات جملتها لا تتكلم وحتى لو اصدرت صوت لذلك سمي الانسان حيوان ناطق. وتعلمو اخواني المنطق حتى لا تكونو حيوانات !! كذلك ميزه بالعقل وفي التكوين الدماغي يعتبر ارقى الحيوانات ، ولديه اسلوب عجيب في التصور والتخطيط وأن شاركته بعض الحيوانات مثل الفأر والقرد .

    • زائر 2 | 10:36 م

      عبد علي عباس البصري

      في القرآن امثله كثيره للانسان في كونه شعوبي وقبلي (شعوبا وقبائل لتعارفو ان اكرمكم عند الله اتقاكم.)، وكذلك الطيور والحيونات لقوله تعالى ولا طائر يطير بجناحيه الى امم امثالكم ... . بس السؤال يقول
      الكاتب الحالي وصاحبه من اي شعب او من اي قبيله .؟ وهل هم من البشر؟ لان البشر كما ذكر الله في كتابه .شعوبا وقبائل ؟؟ من اي قبيله انتم ومن اي شعب انتم ؟؟ الجمعيات السياسيه والدينيه في البحرين ترقى الى المستوى المطلوب في التركيبه الشعوبيه سنه او شيعه ؟ هذا شيئ مقبول اجتماعيا .

    • زائر 1 | 10:33 م

      الحوارات البناءة هي الحلقة المفقوده

      وذلك تم ملاحظته بين خريجي جامعات (الدكاكين) وبين رواد العلم والمعرفة ..

اقرأ ايضاً