العدد 2855 - الأربعاء 30 يونيو 2010م الموافق 17 رجب 1431هـ

الوفاق في أول السباق

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في أول مؤتمرٍ صحافي أمس تخصّصه «الوفاق» للانتخابات، أشار أمينها العام الشيخ علي سلمان إلى أن زياراته الحالية لعددٍ من القرى والمناطق سيكون لها دورٌ مهمٌ في اختيار أسماء القائمة الجديدة للمرشحين.

سلمان أشار إلى أن القائمة ستجهز خلال شهر، إلا أن المتابعين يدركون أن ثلث القائمة محسومٌ ترشحه من الآن، وثلثاً محسومٌ خروجه، والثلث الأخير في دائرة المراجعة. وفي هذه الدائرة يدور الكثير من اللغط، سواءً في البحث عن البديل الكفؤ، أو عمّن سيتمرّد على قرار الخروج فيما لو أقره الأمين العام والشورى.

حساسية هذا الموضوع وتعقيداته ربما هي السبب وراء تأخير الإعلان عن القائمة، في وقتٍ يخضع أداؤها لتقييمٍ ونقدٍ شاملٍ من كوادرها وشارعها والمتعاطفين معها، وهي من ضمن الاستحقاقات الطبيعية للمرحلة.

لاشك أن بعض نواب الوفاق أدوا عملهم بكفاءة وإخلاص، وبذلوا كل ما يستطيعون، وهؤلاء لن يختلف عليهم أحد، إلا أن من قصّر لا يحق له التشبث بالبقاء، والأولى به أن يُخلي مقعده لغيره من الأكفاء. وهذه ليست مثاليةً قد نُتّهم بها، وإنّما هو مبدأٌ أساسيٌ من صلب السياسة الواقعية، فالترشيح لا ينبغي أن يُترك طريقاً للوجاهة أو الامتيازات، خصوصاً في جمعيةٍ ذات شعبيةٍ واسعةٍ مثل الوفاق.

إن من حقّ الجمهور أن تكون له كلمته في ترشيح وجوهٍ تُحسِن تمثيله والدفاع عن مصالحه، خصوصاً أنه يزن ما حصل عليه بمجموع ما قدّمه من تضحياتٍ ثقالٍ خلال حركته المطلبية في التسعينيات. ويحبطه جداً أن ينتهي البعض إلى تنافسٍ على كراسي بين مجموعةٍ صغيرةٍ من النخبة السياسية الجديدة، يرفض بعضها التنازل عن الترشيح رغم ضعف الأداء.

في مؤتمر أمس، ألمح سلمان إلى احتمال تقليل عدد رجال الدين في القائمة الجديدة، وهي خطوةٌ ستجد ترحيباً من أطرافٍ كثيرة. فالترشيح ينبغي أن يركّز على الكفاءة السياسية والقدرات الإدارية والصلابة المبدئية، وليس على معايير دينية وحدها. وإذا أنجزت الوفاق هذه الخطوة فستعتبر خطوةً تصحيحيةً كبرى، فهناك تضخمٌ كبيرٌ في تمثيل هذه الشريحة الكريمة في قائمة الوفاق، على حساب الشرائح العلمية الأخرى من مختلف فئات المجتمع.

ليس هذا كلاماً جديداً، وإنّما كتبناه في نوفمبر/ تشرين الثاني 2006 والانتخابات في عزّ اشتعالها، واتهمنا بالعمل على إضعاف الوفاق والطائفة والجماعة. ونكرّر اليوم الدعوة مجدّداً لتوافق المعارضة وفق برنامج تحالف وطني، فتكرار التجارب غير الموفّقة، سيدفع ثمنه الجمهور العريض.

هذه ليست مثالية ولا ترويجاً لتيارات معينة، وإنّما لتصحيح المسار السياسي، فلن تكسب الوفاق شيئاً من استمرار سياستها الحالية إلا مزيداً من التراجع في الشارع واحتراق الأوراق، والوفاق المتحالفة والمدعومة بالوجوه الوطنية الكفوءة هي أقوى منها وحيدةً في البرلمان. ولا يجدي التشبث بقشّة عزيز أبل المخيّبة، فلا يختلف من يسعى لمصلحة شخصية عمن يتشبث بكرسي، وإلا لما احتاج الوضع إلى نقاشات أو زيارات مناطق ومشاورات.

الوفاق بحاجة إلى الخروج من القوقعة الحزبية الضيّقة، لتفكّر بأفق وطني واسع، فليس أخطر على التيارات والتجارب السياسية من الانكفاء والثقة الزائدة بالذات. ففي حرب تموز، لم يتحقّق الفوز بالبندقية وحدها، وإنّما بشبكةٍ واسعةٍ من التحالفات التي حمت ظهر المقاومة في سوح القتال.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2855 - الأربعاء 30 يونيو 2010م الموافق 17 رجب 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً