العدد 2855 - الأربعاء 30 يونيو 2010م الموافق 17 رجب 1431هـ

كلام يُفشِّل!

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

يبدو أن عديداً من السياسيين العراقيين باتوا متماثلين إلى حدّ بعيد في مواقفهم تجاه أوضاعهم المُتردّية. قبل أيام عقّب القيادي في «القائمة العراقية» مصطفى الهيتي على زيارة مساعد وزيرة الخارجية الأميركية جيفري فليتمان بكلام «ضال» وغير مسؤول.

الهيتي قال في حديثه: «إن بحث فيلتمان في تشكيل الحكومة مع القادة العراقيين لا يُعَدّ تدخلاً في الشئون العراقية، لأن العراق مازال تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وهذا يُتيح لأميركا والمجتمع الدولي التدخل في شئونه»!

وأضاف الهيتي في تعقيبه على الزيارة بأن «التغيير الذي حصل بعد العام 2003 لم يكن بيد العراقيين وإنما بفعل خارجي، والشخصيات الموجودة على الساحة السياسية تعاونت مع المجتمع الدولي لإحداث التغيير (في العراق)، وبالتالي فإن محاولة أيّ طرف من المجتمع الدولي المحافظة على أهداف التغيير وعدم السماح بانحرافها عن مسيرتها هو أمر طبيعي».

هذا الحديث من مُنتَسِب إلى قائمة انتخابية حازَت على المركز الأول في انتخابات مارس الماضي النيابية يطرح تساؤلات خطيرة بشأن سياسات هذه القائمة تجاه الداخل والخارج معاً في وقت حسّاس جداً. وهو (التصريح) يعيد الجميع إلى المربّع الأول الذي افتقدت بعده الإدارة الأميركية أيّ مشروعية لاحتلالها العراق وبقائها فيه، إلاّ أن الهيتي يُخالف ذلك السياق المتهالك ليمنح المحتل شرعية مفقودة في احتلاله ووصايته.

اليوم وفي الوقت يظهر استحقاق القائمة العراقية «دستورياً» تشكيل الحكومة طبقاً لنتائج الانتخابات وليس التفسير القانوني المُسيّس، إلاّ أن الموضوع وبعد تصريحات الهيتي بات يتطلّب ضمانات من القيِّمِين عليها فيما خصّ علاقاتها مع الإدارة الأميركية، التي (وبالمناسبة) لا تحتاج إلى شرعنة وجود على الأرض العراقية ولا شرعنة سلوك لا يقلّ خطراً عن سابقه.

لا تعتقد القائمة العراقية بأنها ومن خلال هذا المسلك أنها ستضغط على المالكي أو الائتلاف أو الأكراد لقبول معادلة سياسية تتناسب وطموحاتها بعد الانتخابات. فبقيّة الفرقاء السياسيين الحاكمين في المنطقة الخضراء لا يحتاجون إلى مزيد من تقديم «الولاء» للأميركيين لكي ينالوا (منهم) تزكية أكبر في مشروعهم السياسي وخياراتهم. وبالتالي فإن الأمر سيُصبح وكأنه سوق مُزايدات في محضر أميركي لا تنتهي إلاّ إلى تسليم جماعي بالأقدار الأميركية ومباركتها لهم.

إذا كان الهدف من تلك التصريحات هو إعادة ضبط الميزان السياسي في العراق، فهو مسلك خاطئ تماماً. كان الأجدى بـ «العراقية» هو تجريبها أساليب أخرى تُجبر الأميركيين على الجلوس على طاولة تفاوض وممارسة ضغوطات على آخرين. وهو أمر مُجرّب لدى الصحوات ولدى المجلس السياسي للمقاومة العراقية. مع التذكير هنا أن برنامج القائمة مقبول عربياً وتركياً، وبالتالي فلا داعي لأن يُقال ما قِيْل (مع الأسف) ثم تُورَّط القائمة في هزّة معنوية كانت في غنى عنها.

بل الأكثر من ذلك، فإن الأميركي قد لا ينفع الهيتي ولا قائمته في شيء إذا ما تحاربت خيارات واشنطن مع الخيارات الإيرانية المُضادّة في العراق والتي ستكون أمضى من الأولى لأسباب مختلفة، تتعلق بالجوار وبعلاقة «استثنائية» ما بين الحاكمين الجُدد بطهران. وهو ما جرى اختباره بالنسبة لمشروع بايدن في السابق وقبله مشروع زلماي خليل زاد عندما كان وصيّاً أميركياً على العراق وخصوصاً في موضوع الخلافات بين السياسيين (الجعفري والطالباني مثالاً).

في المحصّلة، فإن القائمة العراقية أخطأت في التوصيف. وهي مطالبة بأن تُدرك بأنها فعلاً ستكون خارج الجادّة إن أصبحت «رَجُل الإدارة الأميركية» في العراق. أقصى ما يُمكن أن تفعله هو اللجوء إلى أدوات أكثر «نظافة» من الاحتماء بالمحتل.

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 2855 - الأربعاء 30 يونيو 2010م الموافق 17 رجب 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً