يتسبب سوء التخطيط والإدارة ونظم الري غير المجدية وزراعة القمح والقطن المكثفة والنمو السكاني المتزايد بسرعة في استنزاف الموارد المائية في سورية في عام شهد موجة نزوح لم يسبق لها مثيل نتيجة الجفاف في الأجزاء الشرقية والشمالية الشرقية من البلاد.
وفي هذا السياق، قال خبير محلي إن «النمو السكاني الذي وصل إلى نحو 24 مليون نسمة العام 2009، والتوسع العمراني وزيادة النشاط الاقتصادي ساهم في أزمة المياه مثلما ساهم فيها تغير المناخ وسوء إدارة قطاع المياه». وبالمقارنة مع البلدان الأخرى في الشرق الأوسط، لا تعد سورية بلداً فقيراً من حيث المياه. فوفقاً لتقرير التنمية البشرية العربية للعام 2009 الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، جاءت سورية في المرتبة 13 من بين 20 دولة عربية من حيث نصيب الفرد من الأمطار. كما أن نصيب الفرد السنوي من استهلاك المياه هو 300 متر مكعب، مما يجعلها تحتل المرتبة التاسعة في قائمة مؤلفة من 18 دولة عربية. ومع ذلك يبقى نصيب الفرد من المياه أقل بكثير من عتبة ندرة المياه المحددة عالمياً بـ 1,000 متر مكعب للفرد الواحد سنوياً والتي يصل متوسطها العالمي إلى 6,750 متر مكعب سنوياً.
من جهتها، أفادت فرانشيسكا دو شاتيل، وهي خبيرة مياه في دمشق وكاتبة «شيوخ المياه وبناة السدود: قصص عن المياه والناس في الشرق الأوسط، أن «سوريا غنية نسبياً من حيث الموارد المائية الطبيعية، ولكن نصيب الفرد من المياه شهد تدهوراً كبيراً».
وقد استهلكت سورية 19.2 مليار متر مكعب من المياه في العام 2007، أي 3.5 مليار متر مكعب أكثر من كمية المياه المتجددة طبيعياً وتتم تغطية العجز من المياه الجوفية والخزانات، وفقاً لوزارة الري.
وتستهلك الزراعة نحو 90 بالمئة من المياه المستهلكة في البلاد، وفقاً للحكومة وللقطاع الخاص. وتشجع السياسات الزراعية المحاصيل التي تستهلك الكثير من المياه مثل زراعة القمح والقطن بالإضافة إلى طرق الري غير الفعالة مما يعني هدر كميات كبيرة من المياه. وأفادت دو شاتيل أن «الري بطريقة الإغراق، يستخدم مياه أكثر بنسبة 30 إلى 40 بالمئة مقارنة بطريقة الري الحديث بالتنقيط».
ومما لا يبشر بالخير بالنسبة للمستقبل هو أنه بالرغم من صدور قانون العام 2005 ضد حفر الآبار إلا أن الآبار غير القانونية تكاثرت في البلاد. ويتم حالياً حفرها بشكل أكثر عمقاً من أي وقت مضى بشكل يصل إلى الاحتياطيات المتقلصة من المياه الجوفية. وعلقت دوشاتيل على ذلك بقولها أن «المزارعين يستنزفون المياه الجوفية من خلال استخراج المياه لمحاصيلهم».
العدد 2864 - الجمعة 09 يوليو 2010م الموافق 26 رجب 1431هـ