العدد 2878 - الجمعة 23 يوليو 2010م الموافق 10 شعبان 1431هـ

«كليوباترا»... إعادة قراءة التاريخ بوجهة نظر معاصرة

تغلبت على الاعتذارات ومشاكل التصوير

تحدٍّ كبير يعيشه الفنان والمخرج وائل رمضان بعد أن شارف على الانتهاء من عمليات تصوير مسلسل «كليوباترا»، فعلى رغم المصاعب التي واجهت المسلسل منذ انطلاقته بعد اعتذار الفنان محمد صبحي وإسناد دوره للفنان محيي إسماعيل، ومن ثم إصابة الفنان السوداني ياسر عبداللطيف أثناء تصوير أحد مشاهده في المسلسل بعدة كسور إثر سقوطه من إحدى فتحات جدران قلعة الحصن وهو الذي يؤدي شخصية الضرير «هيرجو» رمز ضمير الناس والناطق بلسان حالهم. كما تعرض الفنان فايز أبودان لحادث أليم خلال فترة التصوير، ولكن المخرج أصرّ حينها على انتظار تعافي كلا الفنانين ليعودا ويؤديا دوريهما في العمل، وهذا ما حصل بالفعل. ولم تقف الأمور هنا، بل تعدتها إلى تعرض الفنانة سلاف فواخرجي لإصابة أدت إلى تمزق حاد بالأربطة في قدمها بعد تعثرها في موقع التصوير، مما استدعى توقف الكاميرا عدة أيام ومن ثم معاودة دورانها بإصرار من سلاف، التي أكدت أن راحتها الحقيقية ستكون أمام الكاميرا وهي تؤدي مشاهد شخصية كليوباترا. كما أن الفنانة فواخرجي رفضت الاستعانة بدوبلير لتصوير مشاهدها مع أفعى يبلغ طولها أربعة أمتار ومع أسد صغير يبلغ عمره عاماً واحداً.

تصوير المسلسل رافقه العديد من المصاعب التي كانت أحياناً مصاعب من العيار الثقيل خاصة، حتى أن هذه المصاعب بدأت قبل التصوير عندما جرت محاولات لإقصاء وائل رمضان عن إخراج المسلسل، وفي هذا الصدد يقول المخرج رمضان: «قبل مرحلة التصوير حاول أشخاص التدخل لدى إحدى المحطات ودفع مبلغاً مرعباً لسحب المسلسل، ولكن الشركة التي تبنت العمل رفضت العرض، وقالت إنه مشروع وائل ومشروعنا رغم أنه عمل صعب إنتاجياً ومكلف مادياً، لأن فيه نجوماً عرباً كباراً وطاقات بشرية كبيرة».

يراهن صناع العمل على أنهم سيقدمون رؤية مختلفة مشرقية لسيرة حياة كليوباترا وللشعب آنذاك، ليشكل المسلسل إعادة قراءة للتاريخ بوجهة نظر معاصرة، فعلى الرغم من أنه عمل تاريخي، لكنه يحاكي الحاضر بعيداً عن الصيغة المتحفية لتقديم التاريخ، فهو يقدم رؤية حول حقبة يمكن إسقاطها اليوم على حياتنا، وهناك مسألة مهمة يتعرض لها، وهي أن اليهود على مر التاريخ هم سبب الكوارث والمشكلات، حتى أن أكبر شرخ حدث بين الرومان وكليوباترا والفراعنة كان سببه اليهود!

المسلسل من إخراج وائل رمضان، تأليف قمر الزمان علوش، وبطولة سلاف فواخرجي ويوسف شعبان وفتحي عبدالوهاب ومحيي إسماعيل وانطوان كرباج وطلحت حمدي وخليل مرسي وفرح بسيسو ونضال سيجري وبهاء ثروت وإسكندر عزيز وفايز أبودان وياسر عبداللطيف وعلاء الدين كوكش ووضاح حلوم ونوار بلبل ووائل رمضان والطفل حمزة رمضان. إشراف عام: مراوية بياض، كلمات الشارة والأغاني إبراهيم عبدالفتاح، غناء الشارة المطربة شيرين وجدي، اللوحات الراقصة فرقة داليدا شو.

بدا المخرج وائل رمضان في موقع التصوير واثقاً من نفسه يعيد المشهد لأكثر من ست مرات ليصل بالممثل إلى الإحساس الذي يريده من الشخصية، ولدى حديثنا معه أكد أن التصوير شمل العديد من المناطق في سورية، كما سيتم استكماله في مصر بحيث تتم هذه العملية وفق خطوات مدروسة. ولا يخفي سبب خوضه غمار مثل هذا المسلسل الصعب، مشدداً على حرصه على إظهار عوالم مختلفة عن تلك التي حرصت الأعمال العالمية الغربية على إظهارها، يقول: القراءات التي قُدّمت في السينما كانت محدودة جداً وهذا السبب الأساسي الذي دفعني لاختيار «كليوبترا» فالعمل مشروعي الشخصي، أي أنه لم يأتِ. من يقول لي أخرج لنا هذا العمل وإنما هو مشروعي وأحببت أن أتناوله بقراءة مختلفة عن تلك الأفلام التي كانت تقدم «كليوبترا» وعلاقتها مع انطونيو ويوليوس قيصر، وفق قراءة أحادية الجانب بعلاقات الحب، الأمر الذي أقف ضده إلى حد ما، فبالإضافة لعلاقات الحب هناك الجانب الشعبي الذي تم إهماله في الأفلام كلها، وأحببت أن أخوض فيه. وبالتالي حاولنا طرح العمل من وجهة نظر وقراءة مختلفة افترضناها.

وعما يُشاع عن قرب تجسيد النجمة انجلينا جولي شخصية «كليوبترا» في عمل عالمي، قال: من المؤكد أن إنجازهم لعمل عن «كليوبترا» ليس من باب المصادفة، خاصة بعد أن عرف الجميع أننا نصور مسلسلاً عنها، ولكني بكل ثقة أقول إنهم لن يكونوا أفضل منا وسنقدم الأهم، فالممثل العربي لديه إحساس بالكلمة واللحظة وروح المكان، الأمر الذي يفتقدونه، فأي ممثل عربي عنده حس درامي أهم من أي ممثل هوليوودي وأنا مسئول عن كلامي. ولكن لديهم الإمكانات المادية الضخمة التي تؤهلهم ليصنعوا من أي شخص نجم.

حول سؤال عن الأسلوب الإخراجي والرؤية البصرية التي حرص المخرج على إضفائها في العمل، خاصة أنه صرح أكثر من مرة تفضيله الابتعاد عن الفذلكة البصرية. قال المخرج رمضان: مع احترامي لكل من يتداول مصطلح الرؤية البصرية فإنني لست مع هذا المصطلح، فأنا أسعى لأقدم دراما وأحاول أن أحس بالممثل، وأستخرج منه اللحظة الشعورية التي لديه، سواء كان هناك ظرف بصري مهم أو لم يكن، لأن الحس هو الذي يجذب المتلقي، وضمن هذا المنظور إن توفرت رؤية بصرية مهمة وكان الحدث مهماً فهذا من شأنه أن يغني العمل، ولكن مهمتي أن أقدم لحظات إنسانية مؤثرة تترجم النص ليصل إلى الناس بطريقة محترمة. فما يهمني الإمساك باللحظة الدرامية عند الممثل لأنها هي التي تعنيني عبر توظيفها مع المكان والموسيقى والإضاءة والإكسسوار لتظهر كتلة متكاملة ذات قيمة فنية ممتعة. وعندما قلت إنني لا أريد تقديم فذلكة بصرية فلم أقصد أنني لا أريد تقديم الإبهار وإنما أريد تقديم سلاسة وبساطة في الإخراج وألا يكون همي استعراض عضلات إخراجية لكي ألغي كل من حولي ويقولوا إن وائل رمضان أخرج العمل، فآخر ما أفكر فيه أن يُقال إنني مخرج مهم وإنما ما يهمني القول إن العمل مهم.

يؤكد الكاتب قمر الزمان علوش أن «كليوبترا» اسم يوناني وهي أساساً من أصول يونانية لكن انتماءها كان إلى مصر ولثقافة الفراعنة، حتى أنها أحبت مصر حباً حقيقياً، أما حول العودة إلى الوثيقة التاريخية، خاصة أن المسلسل يقدم في أحد أوجه حال الشعب آنذاك، فقال: لم نخرج خارج الوثيقة التاريخية وكنا أمناء عليها، أما الخط الشعبي فكان متخيلاً ومفترضاً ولكن ضمن منطق العصر، فقد اطلعت على الوثائق ولكن كان العنصر الشعبي غائباً عنها إن كان لدى المؤرخين الأجانب أو العرب، ويبدو أن الشعب في تلك الفترة المرحلة البطلمية كان يعيش مرحلة غامضة، فقد اهتم الفراعنة بالانزواء داخل معابدهم والحفاظ على أسرارهم والشعب أناس بسطاء، ولكن حدثت بعض حركات التمرد الطفيفة التي سرعان ما انطفأت، ولكن من خلال بعض الأسطر التي مرت في الوثائق، ولم يقف أحد عندها انطلقت وقدمت رؤية بعيدة عن المبالغة وتندرج ضمن منطق العصر لحال الشعب آنذاك، وحاولت من خلال ما قدمت ألا أبقى في القصر وإنما أن أغوص إلى قاع المجتمع المصري وقدمت ما يمكن أن يكسر الطوق عن كلاسيكيات الدراما التاريخية.

الفنانة سلاف فواخرجي بررت اعتذارها عن مجموعة من الأعمال لمصلحة تأديتها دور «كليوباترا» بالقول إنه من البديهي لأي فنان يؤدي شخصية مميزة مثل التي تؤديها في هذا المسلسل أن يعتذر عن أي عمل آخر من أجله، فمسلسل «كليوباترا» مشروع حقيقي، لذلك فالجميع يعملون بالطاقة القصوى، وهناك جهد كبير وإخلاص من قبل المشاركين كلهم. أما عن سبب حبها لخوض غمار شخصيات السير الذاتية، فقالت: أحب هذه الشخصيات، ولكن ليس أي شخصية معروفة وحياتها درامية يمكن أن أجسدها، فما يغريني لأقدمه هو دور المرأة التي لديها قدرة وقوة وطاقة وطموح، كما أن هناك العديد من العوامل التي تلعب دورها في قبولي للدور كالنص المكتوب وكيف يمكن أن أقدم الشخصية، وهل سيكون فيها شيء جديد أم لا؟ وبالتالي ينبغي أن أعيش الشخصية وأفهمها وأتبناها بشكل صحيح لكي أؤديها وليس لأنها فقط «سيرة ذاتية»، فأنا يهمني أن أقدم سيرة ذاتية عندما تكون الشخصية مثيرة كأسمهان و»كليوباترا»، ومن الجميل أن يقترن اسمي بأسماء شخصيات معروفة في التاريخ في حال توافرت الشروط من نص ومخرج وإنتاج جيد وعناصر متكاملة. وفي هذا العمل هناك توافر عناصر مهمة حتى أكثر مما كانت عليه الأمور في أسمهان.

يؤدي الفنان أنطوان كرباج دور «أوتاري» وهو أحد مستشاري البلاط الملكي والوصي على شقيق «كليوباترا» الصغير الذي يحرضه عليها، طمعاً في العرش، ويؤدي دور الطفل الصغير حمزة رمضان (وهو ابن سلاف فواخرجي ووائل رمضان). حول كيفية تعامله مع طفل أمام الكاميرا يقول الفنان الكبير أنطوان كرباج: «من أصعب الأمور على الفنان مهما كان هذا الفنان كبيراً الوقوف أمام طفل، فأعظم الممثلين يجدون صعوبة في التمثيل أمام الطفل، لأن لديه عفوية يفتقدها الكبار»، وقد تنبأ كرباج للطفل حمزة بمستقبل فني متميز قائلاً: «راقبوه فسيكون له شأن كبير في عالم التمثيل». الفنان يوسف شعبان يؤدي دور بطليموس الثاني عشر، قال: عندما قرأت نص العمل هناك العديد من الأمور التي فوجئت بها ومنها أن «كليوباترا» ليست مصرية وإنما يونانية الأصل، عموماً أشعر بالسعادة عندما أشارك في عمل تاريخي وعندما أمثل باللغة العربية الفصحى.

أما الفنان محيي إسماعيل فتحدث عن دوره في العمل قائلاً: أجسد شخصية قائد روماني يحب «كليوباترا» وهي تحبه، ويحقق انتصارات لروما فهو قائد منتصر لديه جنون العظمة، والشخصية صعبة لأن فيها خمس مراحل وتعاني الحب والضعف البشري.

العدد 2878 - الجمعة 23 يوليو 2010م الموافق 10 شعبان 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً