العدد 2879 - السبت 24 يوليو 2010م الموافق 11 شعبان 1431هـ

توقعات الحرب والسلام في منطقة الشرق الأوسط صيف العام 2010 (2 - 2)

أحمد سلمان النصوح comments [at] alwasatnews.com

في خطاب له عبر محطة تلفزيون المنار اللبناني في يوم الإثنين الموافق 16/ 2/ 2010م بمناسبة تخليد استشهاد ثلاثة من زعماء حزب الله وهم «عباس الموسوي، راغب حرب، عماد مغنية»، قال أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله في ذلك الخطاب إن هناك اليوم معادلة جديدة في المنطقة بين حزب الله وبين دولة إسرائيل وهذه المعادلة تقوم على تبادل الرعب بين الفريقين بمعنى أنه إذا تجرأت إسرائيل وضربت جنوب لبنان المحاذي لحدودها الشمالية فإن الحزب سوف يقصف ويدمر مباني في قلب عاصمة دولة إسرائيل (أي تل أبيب)، وإذا قصفت مطار الشهيد رفيق الحريري في بيروت فإن الحزب سوف يقصف مطار «بن غوريون» في تل أبيب وإذا قصفت إسرائيل المصانع ومحطات الكهرباء في الجمهورية اللبنانية فإن الحزب (أي حزب الله) سوف يقصف المصانع ومحطات الكهرباء في إسرائيل.

في 25 مايو/ أيار 2010، كرر زعيم المقاومة الإسلامية وأمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله كرر معادلة أخرى بمناسبة مرور عشر سنوات على 25/ 5/ 2000م وهو يوم «عيد المقاومة والتحرير»، وقال إذا تجرأت الدولة الصهيونية وفرضت حصاراً بحرياً على الموانئ والشواطئ اللبنانية فإن حزب الله سوف يستهدف كل السفن الحربية والتجارية والمدنية الراسية أو القادمة أو المغادرة جميع الموانئ الصهيونية، فهذه المعادلة تؤسس لميزان رعب متبادل بين الخصمين اللدودين في المنطقة، دع عنك عزيزي القارئ ما يقوله المرجفون من العرب، ومخابرات إسرائيل تقول إن الحزب ضاعف أعداد قواته حوالي (خمس إلى ست مرات)، حيث أصبحت أعداده تفوق 50 ألف مقاتل، وقالت أيضاً إن الحزب أي (حزب الله) كان يملك خلال حرب العام 2006م حوالي «14 ألف صاروخ من مختلف الأنواع والأحجام»، لكنه اليوم أعاد تسليح نفسه عبر الداعمين له في المنطقة بحوالي «40 ألف صاروخ» متعدد القدرات وبعضها لديه مدى أن يطال كل أراضي إسرائيل، لكن البعض اعتبرها حرباً نفسية يشنها حزب الله على القيادة الإسرائيلية حتى لا تفكر في شن حرب لا على الجمهورية اللبنانية أو سورية أو الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والبعض الآخر اعتبرها رسالة من الجمهورية الإسلامية الإيرانية خاصة موجهة لدولة إسرائيل عبر حزب الله، بأنه على هذه الدولة الصغيرة ألا تحاول وهي دولة معتدية على منشأة إيران النووية أو على الجمهورية العربية السورية كما صرح مؤخراً وزير خارجية إسرائيل «أفيغدور ليبرمان».

البعض الآخر قال إن المنطقة مقبلة على تسخين من النوع الثقيل في الصيف القادم، وإذا صحت التوقعات فإن الحرب القادمة في المنطقة سوف يكون لها امتدادات وارتدادات غير معلومة النتائج وربما تخلط الحابل بالنابل بخارطة المنطقة من الناحية السياسية والتحالفات، بمعنى أن الخطوط بدأت تتكشف بأن الدول الغربية ربما قد نفد صبرها مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية بخصوص برنامجها النووي وهذا ما صرح به مؤخراً رئيس الأمن الخارجي في البرلمان الروسي أو الدوما الروسي.

لذلك نرى في هذه الأيام كثرة قيام الوفود الغربية بزيارة المنطقة، قد يبدو من أبرزها قيام وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بزيارات مكوكية للمنطقة من بينها زيارتها لبعض الدول المصدرة للنفط بهدف كما قيل في الإذاعات والمحطات العربية والعالمية دعوة هذه الدول للقيام بالطلب من جمهورية الصين الشعبية وهي من الدول الخمس التي تمتلك حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي بعدم الاعتراض على صدور قرار جديد من مجلس الأمن ضد تشديد الخناق والعقوبات على الجمهورية الإسلامية، وأن تقوم هذه الدول بتلبية وسد النقص في الوقود أو الغاز المصدر إلى الصين إذا وافقت الصين الشعبية على ذلك.

يشار إلى أن جمهورية الصين الشعبية تستورد حالياً ما مجموعه (30 %) من وارداتها من البترول والغاز من الجمهورية الإسلامية الإيرانية, ويقال إن جمهورية الصين الشعبية ترفض السير بعيداً مع واشنطن ضد إيران ولربما معارضتها وموقفها لتخفيف القرار الأخير الصادر ضد إيران برهان على ذلك، فالصين الشعبية ترى أن الإدارة الأميركية قد خذلتها في عدة مواضيع مهمة مثل موضوع تسليح جمهورية تايوان بحوالي 6 مليارات دولار بأسلحة متطورة مثل صواريخ توم هووك وتومكروز وطائرات إف 16 المتطورة وبطاريات باتريوت وغيرها، وخذلتها في موضوع آخر هو إن الإدارة الأميركية لم تستجب لدعوات الصين الشعبية بالامتناع عن استقبال زعيم التبت (الدلاي لاما) من قبل الرئيس الأميركي (باراك أوباما)، وجمهورية الصين الشعبية ترى في هذه المشاكل العالقة مع الإدارة الأميركية سبباً كافياً لعدم التعاون مع واشنطن والدول الغربية المتحالفة معها في استصدار قرار جديد يبيح أو يؤيد فرض عقوبات جديدة وشديدة على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، كذلك جمهورية الصين الشعبية تعد اليوم أكبر دائن للولايات المتحدة الأميركية، إذ هي لديها سندات سيادية أميركية اشترتها منها في السابق مقابل قروض قدمتها جمهورية الصين الشعبية وتقدر بأكثر من 2 تريليون دولار، ولم تقم الإدارات الأميركية السابقة أو الحالية بسدادها لغاية اليوم.

كل هذه الأسباب تجعل جمهورية الصين الشعبية لا توافق على رغبات الولايات الأميركية المتحدة في ما سبق وأوضحناه.

كذلك روسيا الاتحادية كانت ومازالت معترضة على إصدار أي قرار جديد يدين أو يشدد العقوبات على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، لكن بعد زيارة رئيس وزراء إسرائيل (بنيامين نتنياهو) لها في 17/ 2/ 2010م واجتماعه في الكرملين مع الرئيس الروسي (مدفيديف ورئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين)، ذكرت وكالات أنباء أنه استطاع إقناع روسيا الاتحادية بعدم الاعتراض على إصدار قرار مجلس الأمن الأخير ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية وكذلك عدم تسليم الجمهورية الإيرانية أسلحة مضادة للطائرات من نوع (أس أس 300) المتطورة مقابل توقف إسرائيل عن تزويد جمهورية جورجيا بالأسلحة المتطورة التي استخدمتها في حربها ضد روسيا في الصيف الماضي أي في العام 2009م، عندما حاولت جورجيا استعادة إقليم أبخازيا المتمرد وتدخلت روسيا الاتحادية لحمايته بل إن روسيا الاتحادية اعترفت باستقلال ذلك الإقليم انتقاماً كما قيل في حينه عن قيام الدول الغربية بالاعتراف باستقلال إقليم «كوسوفو» عن الجمهورية الصربية وهي جمهورية حليفة مع روسيا الاتحادية بل إن روسيا الاتحادية دعت العالم للاعتراف باستقلاله عن جمهورية جورجيا ولم يعترف به حتى الآن سوى ثلاث دول هي روسيا الاتحادية، جمهورية فنزويلا، وجمهورية نيكاراغوا. هذه الأجواء المشحونة التي تحوم في منطقة الشرق الأوسط والشرق الأدنى تعطي صورة قاتمة للمستقبل المنظور، بحيث يعمل كل الأطراف المتصارعة في المنطقة على الاستعداد لجولة جديدة أما من الحرب أو مفاوضات السلام وكل طرف يحاول إضافة ثقل لجانبه تكسبه ميزة تحسن من وضعه التفاوضي أو القتالي في المستقبل القريب، لذلك لا غرابة أن يصدر تصريح أمين عام حزب الله بهذه القوة والحدة وفي هذا الوقت بالذات وكما يقول إن الإسرائيليين يصدقون قوله أي السيد حسن نصرالله فهو إذا قال سوف نقصف فإنه لا يتردد في ذلك، وقد جربوا صدق كلامه معهم خلال حربهم على الجمهورية اللبنانية العام 2006م، حيث هدد بقصف حيفا وما بعد حيفا وفعلها وهذه الصواريخ لأول مرة تطال قلب الكيان الصهيوني في إسرائيل منذ تأسيسها في العام 1948م، حيث كانت إسرائيل هي التي تعتدي على جيرانها لذلك كانت كل حروبها تجري داخل أراضي الدول العربية المجاورة لفلسطين المحتلة وجميع المراقبين الدوليين والمتابعين للشأن الشرق أوسطي يرون أن هناك طبخة تتم داخل مطابخ السياسة الدولية على مستوى الدول الكبرى ربما تطلع للعلن إما سلاماً يعم المنطقة وهي بعيدة عنه منذ 62 عاماً أو يحصل انفراج في المسائل النووية الإيرانية والفلسطينية أو يحصل العكس وهو الولوج في مناوشات كلامية وإعلامية أو حرب تقليدية شاملة تعم كل المنطقة بين هذه الأطراف، وخصوصاً بعد قيام الجيش الصهيوني بتاريخ 31/ 5/ 2010م بمهاجمة قافلة أسطول «حرية غزة» المكون من عدة ناشطين دوليين وتحت حماية تركيا ووقع الهجوم الغاشم داخل المياه الدولية وليس هناك أدنى مسوغ قانوني عند الكيان الصهيوني، حيث المياه الدولية هي مياه حرة ولا تقع تحت سيادة أية دولة، كذلك لو افترضنا جدلاً بأن ذلك الأسطول دخل مياه فلسطين المحتلة والتي هي بحكم الواقع تحت سيطرة الكيان الصهيوني فإن العقل والمنطق يقولان كان بإمكان الجيش الصهيوني السيطرة على هذا الأسطول السلمي واقتياده إلى الموانئ الصهيونية والتحقيق مع طاقمه، وإذا وجد أن هناك مخالفة يتم محاكمتهم أمام القضاء الصهيوني وليس أن يقوم الجيش الصهيوني بمهاجمة وقتل عشرين ناشط سلام بدون أي مبرر لا شرعي ولا قانوني سوى انها الغطرسة والتعالي والتكبر الذي هي سمة هذا الكيان، لكن ليعلم الجميع بأن ما حصل قد أصاب ذلك الكيان في مقتل وإن كل ادعاءاته السابقة قد ولت ولم تعد تنطوي على المجتمع الدولي وإن الحرب القادمة في المنطقة سوف تغير من الوضع القائم والراهن بهذه المنطقة الساخنة على الدوام.

إقرأ أيضا لـ "أحمد سلمان النصوح "

العدد 2879 - السبت 24 يوليو 2010م الموافق 11 شعبان 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً