العدد 2886 - السبت 31 يوليو 2010م الموافق 18 شعبان 1431هـ

خواطر رحلة بحرية

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

كانت رحلة بحرية «جميلة» و«غير جميلة» يوم أمس مع ممثلين عن جمعيات سياسية وبيئية وصيادين في مياه ساحل البحرين الشمالي (انطلاقاً من المحرق) حيث يمكن رؤية عمليات الدفان المستمرة في مشروع استثماري «خاص»، وهو «نورانا»، والاستعدادات الجارية لدفن آخر المصائد الساحلية لخدمة مشروع استثماري «خاص» آخر وهو «مرسى السيف»، إضافة إلى رؤية تلة كبيرة تتكون من بقايا البناء والرمال جاهزة لدفن ساحل كرباباد – السنابس وطرد الأهالي منه.

الرحلة جميلة لأنها تكشف عن المنظر الجميل للبحر الذي عرفت به البحرين، والهواء اللطيف الذي يفتح النفس رغم أن الطقس ليس مريحاً على اليابسة. الرحلة جميلة لأنها أيضاً جمعت سياسيين وبيئيين وصيادين من مختلف فئات المجتمع، جمعهم حب الوطن وووجوب الحفاظ على ثرواته من الضياع... ولكنها رحلة غير جميلة لأنك ترى كيف يستمر العمل في مشروعات استثمارية «خاصة» بصورة مخالفة للقانون، ومخالفة لإرادة المجالس البلدية المنتخبة.

وبينما كانت الحوارات تدور بين ممثلي الجمعيات المشاركة في الرحلة البحرية، كنت أراجع في ذهني تعريفات ومعاني الوطن والثروة الوطنية وأهمية تغليب الصالح العام على الصالح الخاص وغيرها من المثاليات التي نرددها دائماً. تذكرت أن واحداً من المفاهيم التي ارتكزت عليها النظريات السياسية التي أنشأت الدولة القومية الحديثة هو مفهوم «كومنويلث»، والذي يعني «الثروة المشتركة»، في مقابل «الثروة الخاصة». وكان الفيلسوف توماس هوبز (-1588 1679) قد أشار إلى أن القانون الطبيعي (قانون الفطرة) يحث البشر دائماً للسعي لتحقيق السلام، وأن أفضل وسيلة لتحقيق السلام بين البشر يتم عبر إبرام العقود الملزمة بينهم لحفظ «الكومنويلث». ويضيف هوبز بأن هذه العقود تحتاج إلى حماية لكي لا يكسرها بعض البشر ممن يجدونها مانعاً لنيل قوة مادية، أو ثروة خاصة بهم، وبالتالي تنشأ الحاجة لتنفيذ حكم القانون (المنصوص عليه في العقود المتفق عليها سواء كان ذلك على شكل دستور أو تشريعات أو اتفاقات، الخ...).

بمعنى آخر، فإن الدولة القومية تقوم أساساً على الاعتراف بوجود ثروة مشتركة (كومنويلث) بين مجموعة من البشر، وأن الحفاظ على هذه الثروة يتطلب تشريعات (عقود) نابعة من إرادة هذه المجموعة البشرية، وأنه يتوجب إيكال مهمة إنفاذ التشريعات (حكم القانون) إلى سلطة خاضعة لإرادة المجموعة البشرية المعنية.

ينقطع حبل الأفكار عندما تشاهد الآليات التي تدفن من دون كلل أو ملل، وترى العمال الآسيويين تصهرهم حرارة الشمس وهم ربما لا يعلمون ماذا يفعلون، ولربما لا يعرفون في أي بلد هم يعيشون، سوى أنهم يتسلمون معاشات تسد حاجة أبنائهم في بلدانهم البعيدة، وتسمع آهات النشطاء السياسيين والبيئيين والصيادين وهم يرددون عبارات الاستنكار ويكررون مطالبات عجزت الآذان من سماعها والأعين من قراءتها... ولكن إراداتهم لاتعجز لأنها تنطلق من حبهم للمجموعة البشرية البحرينية وللأرض المشتركة التي يعيشون عليها

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 2886 - السبت 31 يوليو 2010م الموافق 18 شعبان 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 4:08 ص

      abu zinab

      good article but what we do for strong people I MEAN BIG PEOPLE.

    • زائر 6 | 2:51 ص

      عظيم كم انت يا دكتور ابوعلي

      تحياتي لك يا اخى ابوعلي نعم ان اطروحاتك الجليلة دوما تفجر فى عقولنا ما نحن له من الماضى بقول الشهيد محمود درويش: أحن الى خبز أمى وأحن الى قهوة أمى, زد وأعد تفكيرهم علهم يصحون من كبواتهم - أخوك أبوعلي

    • زائر 5 | 1:48 ص

      بحراني دايخ

      البحرين ومن عليها للبيع !!!
      المشتكى الى الله
      سؤال ما الفرق بين المجلس البلدي للمحرق والمجالس الأخرى (العاصمة والشمالية والوسطى ) أعتقد ان جميع المجالس تقع في البحرين اذا مانا غلطان .

    • زائر 4 | 1:13 ص

      العدل

      هدا زمن القوة والشجاعة وليس زمن الجبناء والخوف

    • زائر 2 | 11:40 م

      البحرين معروضة كلها للبيع

      الكل يتكلم والكل يتذمّر مما يحصل ولكن تذمّر الناس لا يعني شيئا للأطراف المتنفذة العمل يجري على قدم وساق في كل مكان بدون اكثرات لأي اعتراض ولا حتى كأن هناك بشر آخرون يعيشون على هذه الأرض. ما نراه على هذه الأرض أغرب من الخيال فكأن لا وجود إلا وجود هؤلاء ولا رأي إلا رأيهم ثم يقولون لديكم برطمان روحو تكلموا وطالبوا فيه فلقد ضربوا بتصرفهم هذا عرض الحائط بهذا البرطمان ونقترح حله بالمرّة فيكفي ما هو حاصل
      وإذا لم تستحي فافعل ما شئت

    • زائر 1 | 10:47 م

      وطني الحبيب

      صباح الخير يا وطني الحبيب ، الأ يكفي تلك الكلمات للكف من ضياع ثروات الوطن ؟؟؟؟؟

اقرأ ايضاً