أكد رئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات والبحوث محمد جاسم الغتم «أهمية الاقتصاد في تحقيق الاستقرار والأمن الاجتماعي»، وقال: «إن التاريخ حافل بمختلف الأطروحات والنظريات التي اهتمت بالجانب الاجتماعي للعمل الاقتصادي، سواء كانت رؤى وأفكارا منبعها الدين أو النظريات العلمية، ففي الدين الإسلامي تظهر للاقتصاد وظيفة اجتماعية محددة تتلخص في عمارة الأرض وإسعاد الإنسان، وفي المجتمعات المثالية «اليوتوبيا» التي تخيلها الفكر الإنساني كان دور الاقتصاد حاضرا، ومثال على ذلك جمهورية أفلاطون التي تكمن فيها وظيفة الاقتصاد في تحرير الإنسان من العوز والحاجة لينصرف إلى التأمل والتفكير».
وذكر الغتم «أن المتغيرات المتلاحقة وتغير الأزمنة وتراكم المعرفة أدت إلى إعادة التفكير في الوظيفة الاجتماعية للاقتصاد».
جاء ذلك في ندوة نظمها مركز البحرين للدراسات والبحوث عن «الوظيفة الاجتماعية للاقتصاد في المجتمعات المعاصرة» وحاضر فيها الأستاذ بجامعة البحرين باقر سلمان النجار، وذلك في مساء الاثنين الموافق 27 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، في مقر المركز بعوالي.
وقال المحاضر «إن إخفاقات المنطقة العربية في الجانب الاقتصادي تعود إلى عوامل غير اقتصادية بالدرجة الأولى مثل العامل الثقافي والاجتماعي وتنامي تأثير هذه العوامل على الاقتصاد... كما أن الرأسماليات العربية مثلت «حال هلامية» بخلاف رأسماليات الغرب وشرق آسيا»، لافتا إلى «أن الإخفاقات الاقتصادية في المنطقة العربية أدت إلى ارتفاع في معدلات البطالة والجريمة ومشكلات اجتماعية عدة أخرى».
وعن مدى تأثير الثورة التقنية والمعلوماتية التي يعيشها العالم في حال العرب يقول المحاضر إن «القرن الحادي والعشرين هو قرن الصناعة المعلوماتية... وإن هذه الصناعة لها دورها البارز في الاقتصاد في أي بلد، وسيكون له دور في ثقافتنا العربية وفهمنا لذواتنا وعلاقتنا بالآخر... ويبدو أن هذه المرحلة أصبحت تؤثر في الجيل الجديد من أبناء المنطقة العربية وتحديدا المناطق ذات القدرة على توظيف واستخدام التقنيات مثل دول الخليج العربي والأردن».
وفيما يختلف الحال العربي من حيث استخدام التقنيات الحديثة من بلد عربي إلى آخر، فإن إجمالي استخدام العرب للانترنت لا يتجاوز 0,5 في المئة مقابل 30 في المئة من سكان شرق آسيا.
وفي سرد المحاضر للوقائع العربية «غير المضيئة» ذكر أن تقريرا صدر حديثا عن أفضل 500 جامعة في العالم، لم يتضمن أية جامعة عربية، في حين احتوى على جامعتين إسرائيليتين على الأقل، لافتا إلى الفجوة المعرفية بيننا وبين الآخر.
وقال المحاضر «إن اشتراكية بعض الدول العربية لم يمنع فساد الدولة، كما أن رأسمالية الدولة عن بعض الدول الأخرى لم يجلب لها التنمية، والكثير من تلك الدول خرجت من إخفاق اقتصادي إلى إخفاق اجتماعي ثم سياسي»... وقارن الحال العربية بالحال الكورية والسنغافورية والماليزية وقدرة هذه الدول على تجاوز ويلات الحروب ودكتاتورية الأنظمة للنجاح في كل ما فشل فيه العرب. وأكد المحاضر «أن غياب الحكم الصالح واستشراء الفساد هو الذي أدى إلى الإخفاقات العربية، وأن تلك الإخفاقات ليس مسئولا عنها الآخرون والغرب بالدرجة الأولى كما يروج البعض». وأوضح «أن الندب والصراخ ورجم الآخر واتهامه بالانحلال والكفر لن يغير حقيقة أن الغرب قد استولى على العالم بسبب قوته التقنية والعلمية والاقتصادية، وان هذه الحقيقة يجب أن تواجه بحتمية التغيير في الحال العربي والسعي إلى التطور». وكان النجار بين في بداية محاضرته تداخل الاقتصاد بالعلوم الإنسانية الأخرى... وقال: «إن المعالجات الخاصة بالظواهر الاجتماعية لم تعد منعزلة عن باقي العلوم الإنسانية مثل الاقتصاد والسياسة وعلم النفس»، مشيرا إلى امتزاج وتأثير هذه العلوم في بعضها بعضا. وأضاف «احتل الاقتصاد مكانة مهمة فهو يؤثر في جوانب الحياة البشرية كافة، بل إن للاقتصاد دورا واضحا في تشكيل العوامل السياسية والاجتماعية والثقافية والنفسية للمجتمعات»
العدد 848 - الجمعة 31 ديسمبر 2004م الموافق 19 ذي القعدة 1425هـ