العدد 850 - الأحد 02 يناير 2005م الموافق 21 ذي القعدة 1425هـ

الفعاليات الوطنية تؤكد ضرورة الإصلاح وترفضه من "البوابة الغربية"

في تعليقها على منتدى المستقبل الذي يعقد في البحرين هذا العام

رصدت "الوسط" آراء الفعاليات الوطنية عن "منتدى المستقبل" الذي ستستضيفه البحرين العام الجاري الذي يعنى بمناقشة الإصلاح في المنطقة العربية ودول الخليج.

ورأى مراقبون أن ملف الإصلاح السياسي "يمثل ملفا شائكا يطل برأسه بعد كل أزمة أو كارثة تمر بها المنطقة. فبعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية في العام 1988م، وما أفرزته من تحولات كبيرة، وصولا الى "عاصفة الصحراء" التي قصمت ظهر الخليج مع مطلع عقد التسعينات، والتي أدت الى تغير حقيقي في موازين القوى كان على قادة الخليج أن يمنحوا شعوبهم متسعا أكثر من الحريات المدنية والسياسية التي طالبت بها القوة العظمى الوحيدة وهي الولايات المتحدة الاميركية".

واستجابت دول المنطقة على مضض لما هو مطلوب منها لتمرير "اللعبة الدولية". ففي الكويت مثلا أعيد فتح مجلس الأمة بعد حله سنوات طويلة، وفي البحرين أنشئ مجلس للشورى غير منتخب، وسارت بقيت دول المجلس على المنوال ذاته.

وتأرجح تطبيق هذا المطلب الغربي في عهد الرئيس الاميركي بيل كلينتون، لكن مطلب "الإصلاح" عاد ليفرض نفسه بقوة في الولاية الأولى لجورج بوش الابن وتحديدا عند بروز فكرة "الشرق الأوسط الكبير" بعيد الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2001 التي ركزت على نماذج عربية للإصلاح أبرزها المغرب والأردن والبحرين التي خطت خطوات نحو الإصلاح السياسي الذي دشنه جلالة الملك.

غير أن رؤية "الشرق الأوسط الكبير" لم تلق استحسانا كبيرا من جانب الكثير من الدول العربية المهمة مثل مصر والسعودية، وتحفظت عليها دول أخرى أيضا.

وبعد حرب العراق وإطاحة القوات الاميركية لنظام بغداد، عادت واشنطن بوجه مختلف لرؤيتها السابقة بشأن ملف الإصلاح. وغير المعتدلون في الإدارة الاميركية مظهرها الخارجي على الأقل لتبدو وكأنها خطة أفضل من سابقاتها.

ولوضع سكة الرؤية المعدلة على الأرض عمليا، نظمت الإدارة الاميركية مؤتمرا لمناقشة فرص وتحديات الإصلاح، وعقد "منتدى المستقبل" في مدينة الدار البيضاء بالمملكة المغربية في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي بمشاركة أكثر من 20 دولة من منطقة الشرق الأوسط الموسع و شمال إفريقيا، بالإضافة إلى دول مجموعة الثماني الكبرى، فضلا عن حضور مجموعة من المنظمات كجامعة الدول العربية واتحاد المغرب العربي ومجلس التعاون الخليجي.

وناقش المنتدى على مدى يومين الشراكة المستقبلية ومبادرات الإصلاح المحلية في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ومبادرة الحوار من أجل دعم الديمقراطية في البلدان التي يطلق عليها الغربيون لقب "البلدان الواعدة" وكذلك المبادرة المتعلقة بمحو الأمية وتدعيم حقوق المرأة ودعم المشروعات الصغيرة.

وشاركت البحرين في المنتدى بوفد رفيع المستوى رأسه نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة بمعية وزير المالية والاقتصاد الوطني عبدالله حسن سيف. ووافق المنتدون على طلب البحرين باستضافة الدورة الثانية من المنتدى في المنامة هذا العام. وكان البيان الختامي لقمة مجلس التعاون الخليجي التي اختتمت أعمالها في المنامة الشهر الماضي قد أبدى ترحيبه أيضا باستضافة البحرين للمنتدى، ما يوحي بتوافق خليجي في هذا الملف.

"الوسط" رصدت ردود فعل الناشطين السياسيين بشأن عقد المنتدى المقبل في البحرين وفرص الإصلاح السياسي والاقتصادي المتاحة أمام دول المنطقة.

فقد رأى رجل الأعمال أحمد التحو أن الإصلاح يجب أن يكون حقيقيا "لا نريد إصلاحا شكليا أو بوصفة أميركية جاهزة، ومادام هناك حديث عن الإصلاح وضرورته، فهذا يعني في المقابل إقرار واعتراف ضمني بوجود فساد مالي وإداري وسياسي. ولكن لابد أن يأتي الإصلاح من الداخل ونابعا من الإرادة الشعبية الحقيقية، ولابد أن يكون حداثي مع مراعاة خصوصياتنا كمجتمع مسلم وشرقي".

وبشأن فرص الإصلاح السياسي في البحرين تمنى التحو أن يزول الركود السياسي الحالي "فهناك ملفات ساخنة كثيرة لم نجد لها حلا حتى الآن كملفات البطالة وتحسين الوضع المعيشي "..." إننا بحاجة الى تعزيز ثقافة الإصلاح في وطننا على ارض الواقع، بدءا من المنزل والمدرسة وكل مؤسسات المجتمع المدني، فهناك أحزاب معارضة عربية يحكمها الفرد أكثر من القانون نفسه، وهذا يمثل استبدادا يفوق الاستبداد الحكومي أحيانا".

وقال الاستاذ الجامعي والمحلل الاقتصادي جاسم حسين: "لابد من إفساح المجال أمام القطاع الخاص ومبادرات الأفراد، ومن هذا المنطلق يمكن اعتبار المشروع إيجابيا لأنه يضمن التدريب اللازم وتقديم المساعدات للمشروعات الفردية، كما هو الحال في أميركا التي قامت الكثير من الشركات العملاقة فيها على جهود الأفراد كشركتي "D.H.L وMICROSOFT "، على النقيض من بعض دول المنطقة التي تقوم الدولة فيها بدور محوري في استيعاب العاطلين، فعلى سبيل المثال في الكويت تستوعب الدولة نحو94 في المئة من المواطنين للعمل في القطاع العام وكذلك في البحرين وهذه نسبة عالية جدا، على رغم وجود نماذج للكثير من رجال الأعمال الخليجيين والعرب الناجحين على المستوى العالمي كالأمير الوليد بن طلال وجاسم الخرافي وغيرها من الشخصيات التي يمكن أن يشار إليها في هذا الجانب".

وعن سر اهتمام المنتدى بالبعد الاقتصادي أكد حسين أن "النظرة الاميركية ترى أن تحسين الوضع المالي للأفراد يجعلهم أكثر بعدا عن التطرف والراديكالية. وبغض النظر عن صوابية هذه الرؤية من عدمها، إلا أن لهذه النظرة بعد ايجابي متمثل في تشجيع وتنمية المبادرات الفردية والمؤسسات الخاصة، وهذا تفكير صحيح "..." من حيث المبدأ يمكن القول ان تنمية دور القطاع الخاص في التنمية أفضل من دور الحكومة، ففي البحرين نرى أن 78 في المئة من مصروفات موازنة 2005 مخصصة للمصروفات المتكررة مثل الرواتب والأجور والعلاوات والمتبقي للمشروعات الرأسمالية، بينما المفروض أن يكون العكس".

وبدوره قال النائب الثاني لرئيس مجلس النواب الشيخ عادل المعاودة "نحن ننطلق من رؤية إسلامية، فكل أعمالنا وأهدافنا نابعة من صميم ديننا الإسلامي الحنيف الذي جاء لإصلاح حال البشرية جمعاء وعلى جميع الأصعدة، فعلى المستوى السياسي حرم الإسلام الظلم والاستبداد، وجعل الناس سواسية في الحقوق والواجبات وبحسب الظروف".

وأردف المعاودة قائلا "كما جعل الله خلافة الأرض مسئولية البشر والتي لا يمكن أن تقوم إلا على ركيزة العدل، ولذلك أمر الله الرسل وهم المعصومون بمشاورة الناس، بل في الآية المشهورة "وشاورهم في الأمر" جاءت في معرض اعتماد الرسول "ص" لمشورة كانت خلاف رأيه وكان رأيه أصوب ومع ذلك كان يصر ألا يترك مشاورة أصحابه، وهذا هو رأس الإصلاح السياسي، وهو الذي يجب أن يتبعه الناس.

أما على مستوى الإصلاح الاقتصادي - يضيف المعاودة - فلا يوجد نظام أفضل من الإسلام الذي يأخذ بالمصالح والمحافز من النظام الرأسمالي ويكسر الاحتكار وكذلك يفتح المجال واسعا أمام التطور الاقتصادي بخلاف منهج الماركسية".

وهل تثق الاطروحات الغربية في الإصلاح؟ يجيب المعاودة "كل إناء بما فيه ينضح، فمن كان دينه وعقيدته ومنهجه العدل والإنصاف وهذا يكون واضحا في سلوكه فذاك لن يأتي إلا بخير، أما المناهج التي تقوم على الظلم والازدواجية والتطرف فلن تقدم شيئا أساسيا إلا أن يكون خادما لمصالحها"

العدد 850 - الأحد 02 يناير 2005م الموافق 21 ذي القعدة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً