العدد 853 - الأربعاء 05 يناير 2005م الموافق 24 ذي القعدة 1425هـ

حديثي عن "الهلال الشيعي" جرى تفسيره على غير ما أردنا

العاهل الأردني في حوار مع "الرأي العام" الكويتية :

قال العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني في مقابلة تنشرها "الوسط" بالتزامن مع صحيفة "الرأي العام" الكويتية إن تصريحاته الأخيرة بشأن هلال شيعي في المنطقة قصد بها أن "تكون الحكومة العراقية ممثلة لجميع العراقيين على اختلاف مذاهبهم وأعراقهم، حكومة تعمل على بناء مستقبل العراق الأفضل، وتحافظ على وحدة وعروبة العراق، القادر على استعادة دوره الحيوي والفاعل على الساحتين الإقليمية والدولية". وقال عبدالله الثاني: "أنا كملك هاشمي عندما أتحدث فإنني أشعر أنني أتحدث عن جميع المسلمين سنة وشيعة، وواجبنا يحتم علينا ألا نقف مكتوفي الأيدي أمام أي تحد، وأن نحذر من أية محاولة هدفها تفتيت لحمة أي بلد عربي شقيق".

وأوضح أنه ليس ضد الشيعة بأي شكل من الأشكال، "فهم تشيعوا لآل البيت... ونحن من آل البيت". وأكد أن علاقات بلاده مع إيران جيدة ولا يوجد ما يعكر صفوها، "وما تحدثنا فيه عن "الهلال الشيعي"، حمله البعض في إيران أكثر مما يحتمل. وجرى تفسيره على غير ما أردنا".

واضاف: "نحن حريصون على مشاركة جميع العراقيين في الانتخابات. وأنا هنا لا أتحدث عن سنة وشيعة، بل أتحدث عن جميع العراقيين".

وجدد العاهل الأردني حرصه على تعزيز وتطوير علاقات التعاون التاريخية بين سورية والأردن في المجالات كافة.


الملك عبدالله الثاني:

الحديث عن "الهلال الشيعي" جرى تفسيره بغير ما أردنا

عمان - خيرالله خيرالله

تنشر "الوسط" بالتزامن مع صحيفة "الرأي العام" الكويتية جوانب من مقابلة أجراها خيرالله خيرالله مع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني في عمان، وتناولت معظم القضايا الراهنة التي تتعلق بالشئون العربية وخصوصا العراق وفلسطين وما يسمى بـ "الهلال الشيعي".

أثار حديثكم عن هلال شيعي في المنطقة قد يرى النور إذا أفرزت الانتخابات العراقية المقبلة حكومة موالية لإيران جدلا واسعا وانتقادات كثيرة. هل لجلالتكم أن يوضح ماذا قصدتم بالتحديد بالهلال الشيعي، وهل المخاوف من حكم الشيعة أم من حكم شيعي على الطريقة الإيرانية؟

- شكرا على هذا السؤال وسأجيب عليه بكل صراحة ووضوح كي لا يكون هنالك أي لبس أو غموض. إن عالمنا العربي، يشهد تفاعلات وانفعالات تتداخل فيها العوامل السياسية والأمنية وأحيانا العقائدية والطائفية وحتى المصلحية الضيقة بصورة تدعو إلى التنبه والحذر. وهذا ما عنيته، فأنا هاشمي أتشرف بالانتساب إلى رسول الله الأمين محمد صلى الله عليه وسلم، وأفتخر وأعتز بديني وعروبتي، وديننـا الحنيف هو دين السلام والأخوة والتسامح والصراط المستقيم. والعروبة احتوت الأمة بغض النظر عن أي اختلاف بين أفرادها في العرق أو الدين.

والأردن الذي يتشرف بالنهوض برسالة أمته العربية والإسلامية، قد كرس دائما معنى التسامح والحرية والوقوف إلى جانب أمته ورعاية الحوزات الدينية، وتقدم الصفوف لنبذ التمييز والعنف والإرهاب، وتسييس الدين تسييسا ضارا بمصالح الأمة وديننا الحنيف. فنحن مسلمون قبل أن تكون هناك مذاهب سنية وشيعية وغيرها. وكما أن هنالك دول مسلمة وعربية فهنالك دول مسلمة وغير عربية، فالإسلام يجمعنا والعروبة توحدنا، والدين لله والوطن للجميع. وعلينا أن نوحد جهودنا ونتفق على كل ما فيه خير الأمة ووحدتها وسموها. وهذا يتحقق من خلال تمسكنا بتعاليم ديننا الحنيف وبعروبتنا.

وكما تعرف أخي الكريم فإن الأردن سعى على الدوام في أن يكون العراق بلدا مستقلا ينعم شعبه بالحرية والأمن والاستقرار، وأن تكون الحكومة العراقية ممثلة لجميع العراقيين على اختلاف مذاهبهم وأعراقهم. حكومة تعمل على بناء مستقبل العراق الأفضل. وتحافظ على وحدة وعروبة العراق، القادر على استعادة دوره الحيوي والفاعل على الساحتين الإقليمية والدولية.

ونحن وعلى مدى السنوات الطويلة الماضية، كانت لنا مواقفنا الوطنية والقومية البعيدة عن لغة المزايدات، والشعارات الفارغة. ولم يحصل أن سمحنا لأنفسنا بالتدخل في الشئون الداخلية لأية دولة. بل على العكس، الأردن دوما يفتح قلبه وذراعيه للجميع. ودوما لنا رؤيتنا النابعة من حرصنا على الوفاء بالتزاماتنا نحو أمتنا وأشقائنا العرب. حتى لو تحملنا في سبيل ذلك، ما يفوق طاقاتنا وإمكاناتنا. وتاريخ أسرتي الهاشمية ومواقفها القومية ودعواتها المستمرة إلى الوحدة والعمل العربي الحقيقي لمواجهة الأخطار ونصرة الأشقاء معروفة. وأنا كملك هاشمي عندما أتحدث فإنني أشعر أنني أتحدث عن جميع المسلمين سنة وشيعة، وواجبنا يحتم علينا ألا نقف مكتوفي الأيدي أمام أي تحد، وأن نحذر من أية محاولة هدفها تفتيت لحمة أي بلد عربي شقيق.

تصريحات جلالتكم تم تفسيرها بأنها ضد الشيعة، وأن جلالتكم مستاءون من إمكان وصولهم إلى الحكم في العراق. فما هو تعليق جلالتكم؟

- لا يمكن أن نكون بأي شكل من الأشكال ضد الشيعة، فهم تشيعوا لآل البيت. ونحن من آل البيت، وتربطنا علاقات قوية وراسخة مع الشيعة في لبنان والعراق ودول الخليج وكذلك مع الكثيرين في إيران. ونحن حريصون على أن يبقى السنة والشيعة معا كما كانوا دائما. وسنقف في وجه أي فئة تحاول المساس بهذه العلاقة المتميزة. أنا فعلا أستغرب إثارة مثل هذه القضية. وتفسيرها على هذا النحو الخطير، الذي إن دل على شيء فإنما يدل على وجود خلل وأجندات خاصة من شأنها تأجيج الفتن وإشعال فتيل الصراعات الداخلية والطائفية، وهذا ما حذرنا منه دائما. ويتحتم علينا جميعا الوقوف ضدها ومحاربتها.

وفي كل لقاءاتي مع قادة وزعماء العالم، وآخرها مع الرئيس الأميركي جورج بوش، وأركان الإدارة الأميركية، أكدت ضرورة المحافظة على وحدة العراق واستقلاله. وتهيئة الأجواء الملائمة لإجراء الانتخابات في موعدها المقرر. فما يهمنا هو وحدة الصف العراقي والمحافظة على وحدة أراضيه واستقلاله ومستقبله والحياة الكريمة الآمنة لجميع أبناء الشعب العراقي. وكنا دائما نسعى - ومازلنا - إلى أن يحقق العراق طموحات شعبه في الرفاهية والعيش الكريم.

تصريحات جلالتكم عن دور إيران في العراق ومحاولتها التأثير على الانتخابات العراقية المقررة. أثارت غضبا واستياء في إيران. كما وصفتها وسائل الإعلام الإيرانية بأوصاف سلبية مختلفة.. ويقال أيضا ان العلاقات الأردنية الإيرانية في تدهور. ما ردكم على ذلك؟

- علاقاتنا مع إيران جيدة، ولكن هناك فئات معينة تحاول التأثير بالاتجاه الآخر، وقامت باستغلال ما قلته لغاياتهم الخاصة. وما تحدثنا فيه عن "الهلال الشيعي"، حمله البعض منهم في إيران أكثر مما يحتمل. وجرى تفسيره على غير ما أردنا. إن العراقيين أنفسهم هم أصحاب الحق في تقرير مستقبلهم، من خلال المشاركة في الانتخابات، بعيدا عن أي تدخل خارجي... قد يفرز حكومة لا تمثل جميع العراقيين. وتمثل فئة على حساب فئة أخرى. ما نسعى إليه هو مشاركة الجميع في تحقيق الأمن والديمقراطية وصياغة الدستور الجديد. وهذا كله يصب أولا وأخيرا في مصلحة العراق ومصلحتنا جميعا ومصلحة مسيرة السلام في المنطقة.

دعوتم أبناء الطائفة السنية إلى المشاركة بقوة في الانتخابات العراقية المقبلة، كيف تتوقعون صدى هذه الدعوة في ظل حديث هيئات سنية عن المقاطعة وفي ظل الوضع الأمني الذي يزداد تدهورا؟

- كما قلت سابقا، نحن حريصون على مشاركة جميع العراقيين في الانتخابات. وأنا هنا لا أتحدث عن سنة وشيعة، بل أتحدث عن جميع العراقيين. والمشاركة في الانتخابات هي الخطوة الصحيحة، باتجاه تجسيد الإرادة الحرة للشعب العراقي واختيار من يعتقد أنه يمثله. وضمان تمثيل الجميع في الحكومة ومؤسسات الحكم، وفي صياغة الدستور العراقي الجديد. ونحن نتوقع أن تبادر كافة التيارات الدينية والحزبية والسياسية إلى المشاركة في عملية الانتخابات، حتى لا تشعر أية فئة مستقبلا أنها مهمشة، وليس لها دور فاعل في الحياة السياسية. ودعوة البعض إلى مقاطعة الانتخابات، ليست في صالح العراق، ولا تصب في مصلحة مستقبله. فالمستقبل المشرق للعراقيين منوط بحجم المشاركة في الانتخابات. والمسئولية الوطنية تقتضي من الجميع الاستماع لصوت العقل والحكمة، وتجاوز دعوات المقاطعة.

أعلن رئيس الحكومة العراقية المؤقتة اياد علاوي من عمان أنه بعث إلى الرئيس السوري بشار الأسد رسالة تتضمن وثائق وأدلة على تورط سوريين في أعمال الإرهاب في العراق إضافة إلى المطالبة بتسليم مسئولين عراقيين سابقين موجودين في دمشق. هل تشاطرون الحكومة العراقية مخاوفها من دور سلبي لبعض دول الجوار أم انكم تثقون بما تقوله دمشق من أنها غير معنية سوى باستقرار العراق وسيادته؟

- أعتقد أن الجميع يدرك حجم الخطر الذي يمكن أن يحصل، إذا حاول البعض التدخل في شئون العراق الداخلية. وإذا أردنا فعلا مساعدة العراقيين في تحقيق الأمن والاستقرار، فعلينا جميعا توفير المساعدة والدعم الذي لا يرتبط بأي شكل من الأشكال بحجم تحقيق المصالح. فالشعب العراقي صاحب حضارة وتاريخ عريق، ويحتاج من الجميع إلى مساعدته وتمكينه من تقرير مصيره وتولي زمام أموره بنفسه، وتحقيق أحلامه في الأمن والاستقرار والازدهار. واجتماع دول الجوار العراقي في عمان، الذي نأمل أن تشارك فيه كل الدول المعنية، سيفتح المجال لمناقشة كافة الجوانب المتعلقة بالشأن العراقي.

هل العلاقات السورية - الأردنية في إطارها الصحيح والسليم الآن وإذا لا... ما هو المطلوب كي تستقيم؟ وأين صار الخلاف الحدودي بين البلدين؟

- سورية دولة شقيقة. والرئيس السوري بشار الأسد أخ عزيز وتربطنا معه علاقات أخوية وثيقة. ونحن حريصون على تعزيز وتطوير علاقات التعاون التاريخية بين البلدين في كافة المجالات، ومواصلة التشاور والتنسيق فيما يتعلق بإقامة مشاريع مشتركة، تكون لها نتائجها الإيجابية على شعبينا. ومؤخرا صدقت حكومتي على اتفاقية إنهاء التداخل الحدودي بين الأردن وسورية، وآمل أن يتم التوقيع النهائي على هذه الاتفاقية قريبا.

قرأ الأردن القرار 1559 الداعي إلى انسحاب سورية من لبنان قراءة مختلفة عن قراءة لبنان الرسمي طبعا، وسورية وبعض الدول العربية. هل تعتقدون أن الانسحاب السوري من لبنان وضبط الحدود العراقية خطوة في الاتجاه الصحيح لبناء المزيد من الثقة مع الولايات المتحدة خصوصا والمنظمة الدولية عموما؟

- نحن نحترم قرارات مجلس الأمن الدولي، ولا نستطيع أن نتعامل بانتقائية مع قرارات الشرعية الدولية، ونحن ندعو دوما إلى أن تكون لغة الحوار هي الأسلوب الأنجع في التعامل مع مثل هذه القضايا. وفيما يتعلق بقضية ضبط الحدود، فهذا الأمر مهم للغاية، وينطبق على جميع الدول المجاورة للعراق. فحدود عراقية آمنة من شأنها أن تؤدي إلى تحقيق الأمن والاستقرار داخل الأراضي العراقية، وعندما يشعر المواطن العراقي بذلك، سيبدأ بالتركيز على تحسين ظروفه المعيشية والمشاركة الفاعلة في التنمية بأبعادها المختلفة وجهود بناء الدولة. هذه العوامل وغيرها ستؤدي بالطبع إلى خلق أجواء من الثقة على المستوى الإقليمي والدولي

العدد 853 - الأربعاء 05 يناير 2005م الموافق 24 ذي القعدة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً