العدد 856 - السبت 08 يناير 2005م الموافق 27 ذي القعدة 1425هـ

على الحكومة أن تقدم تنازلات لتشجع الناس على المشاركة!

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

لست من الذين يقولون إن البرلمان هو الحل. .. وأقول هنا: دلوني على برلمان عربي مثل نقلة نوعية لشعبه، أزال همومهم، حقق أمانيهم. الحقيقة أنه لا يوجد، ودعونا نغير السؤال: أيهما أفضل، دولة بلا برلمان، أو دولة ببرلمان ولو منتقص الصلاحيات؟ طبعا الثاني أفضل، والواقعية تقتضي أن تكون في البرلمان حتى لا يملأه الانتهازيون، ويتخذون من البرلمان طريقا لتهميشك وسبك، وإقصائك بل وتقنين قوانين تحد من حريتك... هذا لا يعني ألا تطالب بتعديل مواد دستورية هنا أو هناك، طالب وواصل المطالبة ولا تيأس ولكن لا تضع كأس البرلمان خاليا.

في حديث لي مع أحد الرافضين للمشاركة قلت له: يا سيد، إذا تركت البرلمان لبعض الانتهازيين، يجيرونه لمصالحهم الشخصية ويستخدمونه ضد مصالح الناس أو لصالح أجندات شخصية أو مناطقية فماذا ستفعلون حينها؟ ما آليتكم في الخارج؟ عريضة؟ أنجزتم العريضة وسلمتموها وأخذت ووضعت في الدرج ثم مرة أخرى أفرج عن معتقل هنا أو هناك بمكرمة، وبعد ذلك قدمتم الشكر للدولة على الإخراج ثم ماذا؟ سؤال آخر: إلى كم ستبقون خارج البرلمان؟ قال لي: يا سيد، الغرب بقي ثلاثة قرون يطالب حتى حقق الديمقراطية! قلت له: هل هذا كلام منطقي؟ هل الناس مستعدة لأن تبقى ثلاثة قرون حتى تحصل على مطالبها ثم السؤال الأهم: ماذا بقي في البحرين؟ وإذا بقيتم عشر سنوات خارج البرلمان فعلى ماذا سيحصل الناس؟ أكثر الأراضي وزعت، البحر صودر واستملك، ومشروعات ضخمة تمرر عبر البرلمان وتضفى عليها الشرعية وأنتم غائبون، وقوانين ستشرع وهي تحد من الحرية وأنتم غائبون، والموازنة تقر وأنتم غائبون، وملفات حساسة مثل ملف التجنيس والتمييز والتأمينات والتقاعد والكهرباء وأنتم غائبون، الكادر الوظيفي يناقش ويثبت وأنتم غائبون وقضايا حساسة أخرى من إصلاح القضاء ومن دعوات تقنين الأحوال الشخصية وأنتم غائبون، وتخصيص مبالغ ضخمة لمشروعات متنوعة وتقر في البرلمان وأنتم غائبون، وكل ذلك قد يقبل، قد يبتلع، لو أنتم بقيتم في الخارج لما استطعتم أن توقفوا ربع مشروع واحد أو قضية واحدة من هذه القضايا والملفات التي تطرح في البرلمان، ولكن العكس هو الذي بات يحدث، حتى ان بعض الوزراء ممن تورطوا في التجاوزات خرجوا عن طريق بعض النواب أبطالا وقديسين يستسقى بهم الغمام وأنتم غائبون.

هل في الخارج خطة عمل؟ لا توجد خطة عمل، والدليل هو الإرباك الواضح في الخطاب وفي الأداء. إلى اليوم لا نعرف أين يسير بنا الركب! وللأسف فإن كل موقف سياسي له تداعياته وربما نصبر حتى أسبوع من بداية الانتخابات ولا نعرف الموقف ثم نكتشف أن الموقف هو اللاموقف. وبعد خراب البصرة وبعد أن تطير الطيور بأرزاقها وإذا بنا نكتشف في الخطاب الواحد أكثر من رأي وأكثر من موقف، ونقول: يا جماعة، الناس تعبت من الخطابات الصاعدة النازلة، خلونه نرسي على البر. ونقطة أخرى: هناك محدودية جغرافية واقتصادية واسكانية و... في البحرين وهي توزع اليوم وغدا، وإذا غبنا نحن عن الساحة وعن مواقع التأثير فقد نحقق أحلامنا اليوتوبية، ولكن بعد أن توزع كل الامتيازات يوم يكون لا بحر ولا أرض ولا إسكان. هناك قضايا مستعجلة لا تتحمل التأجيل، الآن سؤال مهم: أهالي الدير يشكون من توزيع أراضيهم وهم محرومون من الإسكان... من سيحمل هذه القضية في الصحافة أو في البرلمان؟ لا أحد سيسأل عنهم، وأروني موقف بعض المقاطعين من هذه القضية... نعم بعض المقاطعين سيتفاعلون بإخلاص معهم ولكن تبقى "ما في اليد حيلة"، لأنه ليست القضية أن تصرخ في الميكروفون بقدر ما يجب أن تكون حاضرا في موقع التأثير.

أنا هنا أخاطب عقول الناس بأن البرلمان هو أداة من أدوات العمل السياسي وليس كل الأداة، وإن كانت من أهم الأدوات ولكن هناك قضية مهمة سأتطرق إليها لاحقا عبر الصحافة، وهي دور السلطة. السؤال: هل السلطة تريد من المعارضة أن تدخل البرلمان؟ هذا السؤال يجب أن نضع تحته ألف خط. ثانيا: لو افترضنا أن السلطة تريد منها الدخول، فما الوسائل التي اتبعتها لتشجيع الناس على ذلك؟ لو جئنا على مستوى التعيين، فسنجد أن كثيرا من التعيينات جاءت طائفية والتمييز الطائفي زاد ولم يقل وخصوصا في التوظيف، ولكم أمثلة: البرلمان، الشورى، المحكمة الدستورية، النيابة العامة، وزارة الداخلية، الدفاع، الشباب والرياضة، الإسكان، الكهرباء، الصحة، البلديات، الجامعة والتربية، وقس على ذلك. وبالنظر إلى تعيينات الوزراء والوكلاء فإن بعضهم يفتقد الكفاءة العلمية والعملية ولذلك فإن بعض الوزارات تراجعت إلى الخلف على رغم الانفتاح السياسي في البحرين. وزارة الإعلام ضعيفة، الكهرباء تراجعت، البريد لديه مشكلات كبرى، المالية الله يرحم سمعتها بعد قضية التأمينات والتقاعد... فعلا اطورنا على مستوى الرياضة، حصلنا على بعض بيوت الإسكان، رممت بيوت، بدأنا نشهد حال إصلاح للشوارع في القرى المهملة، ولكن على مستوى التجارة، الهوامير في ازدياد، وأهالي الدير وسار يشتكون من عدم وجود بيوت إسكانية لهم.

السؤال: أين أراضي سار؟ أقول: الحكومة يجب أن تشجع الناس على الدخول عبر تكثيف الإيجابيات، فهذا الإحباط الذي يعيشه الشارع جزء منه جاء بسبب الحكومة، الناس تريد خبزا وكرامة، فلكي تحد من تشنجات الناس، يجب أن تقدم بعض التنازلات، وهذه التنازلات لن تكون إذا لم تمارس المعارضة والناس الضغط السلمي الموثق عبر برامج عملية ومشروعات

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 856 - السبت 08 يناير 2005م الموافق 27 ذي القعدة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً