العدد 858 - الإثنين 10 يناير 2005م الموافق 29 ذي القعدة 1425هـ

ديناميكية

حسن العالي comments [at] alwasatnews.com

لماذا لا ندير شئوننا الاقتصادية بديناميكية فاعلة تبرهن على قدرتنا على التعاطي مع مفاصل هذه الشئون ومعطياتها؟ ولماذا نشعر بالفراغ والبطء في التعامل مع الكثير من القرارات الخطيرة التي تواجه تجربتنا التنموية وتطورنا الاقتصادي والاجتماعي؟ عندما نقوم بزيارة إحدى الدول الآسيوية التي قطعت شوطا كبيرا في تجاربها التنموية يمكنك ان تلاحظ بوضوح ومن على صدر صفحات صحفها اليومية وإعلامها المسموع والمرأي كيف ان جميع شئون الحياة الاقتصادية الاستراتيجية والتفصيلية مطروحة للحوار والمداولة ابتداء بأجهزة الدولة ووصولا الى فئات المواطنين. وكيف ان المعلومات التفصيلية بشأن هذه الشئون مكشوفة ومعروفة دون لبس ومواربة. وكيف ان المجال مسموح للتعاطي معها... وكيف أن أول ما يبرز تطور جديد يمس الاقتصاد تشكل الأجهزة المتخصصة التي تتعامل معها استعدادا لاتخاذ القرارات الضرورية بشأنها... وكيف... وكيف.

فلماذا تختفي هذه المظاهر عندنا... ولماذا الفراغ والبطء في التعامل مع شئوننا الاقتصادية. وغني عن القول ان هذه الظاهرة باتت تتضاعف خطورتها نظرا لانفتاح المجتمع على الخارج وتدفق التطورات والمتغيرات الذي يتطلب معها قدرا كبيرا من الديناميكية والابداع والمبادرة. ان لهذه الظاهرة باعتقادنا أسبابا كثيرة، باختصار أولها غياب الاستراتيجية الواضحة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية التي يمكن أخذ فلسفتها وأهدافها ومعاييرها أساسا لقياس كيفية التعامل مع المعطيات والمستجدات.

والسبب الثاني للقصور في إدارة شئوننا الاقتصادية هو ضعف الكوادر الفنية المسئولة القادرة على التعامل مع هذه المعطيات والمستجدات بروح إبداعية ومبادرة. كما ان القطاع الخاص بدوره لا يسعى بالجهد المطلوب من أجل تكريس دوره في التنمية الاقتصادية ما يفقد مسار الابداع والابتكار أحد أعمدته الرئيسية.

والسبب الثالث للقصور هو ان هناك نقصا فاضحا في الشفافية والافصاح عن المتغيرات والمعلومات التي تهم التطور الاقتصادي والاجتماعي بما يفسح المجال أمام تعاطي الأكاديميين والخبراء والمهتمين بها من مواقعهم المسئولة. وأخيرا، فإن المجتمع بحاجة إلى تقوية وتعزيز أجهزة البحث الأكاديمي والعلمي والمعلمي التي تهتم بدراسة جميع شئون المجتمع وتضع الدراسات والبحوث التي تتخذ كأساس للاسترشاد بها في توجيه دفة المجتمع وعجلة نموه.

ان التطورات العالمية والاقليمية المتسارعة تحتم ان تسعى دول مجلس التعاون الخليجي الى ضرورة الاستجابة لما تفرزه من معطيات ومتغيرات متسارعة. وهذا لن يتأتى إلا بوجود إدارة اقتصادية فاعلة وديناميكية تستقرئ تلك التطورات أولا بأول وتشخص انعكاساتها على أوضاعها الاقتصادية، وتبادر الى وضع التصورات والأفكار للتعامل معها، وتدرك أيا من الأجهزة قادرة على التعامل معها، بل وتبادر الى وضع اجراءات تخطيطية تسعى لاستباق آثار تلك التطورات وتتحاشى سلبياتها، مع الاستفادة من إيجابياتها. اننا بحاجة فعلا الى إحداث طفرة كبيرة في مفهومها وممارستنا لإدارة شئوننا الاقتصادية

العدد 858 - الإثنين 10 يناير 2005م الموافق 29 ذي القعدة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً