العدد 877 - السبت 29 يناير 2005م الموافق 18 ذي الحجة 1425هـ

للذين في آذانهم وقر

محمد الرديني comments [at] alwasatnews.com

كاتب عراقي

الذين لا يقرأون التاريخ نوعان من البشر، النوع الاول هم الدكتاتوريون والنوع الثاني هم الظلاميون - إن صحت التسمية - وكلاهما غبي وساذج الى حد النخاع.

ان الدكتاتور يكرر نفسه ويقع في المحظور الذي وقع به الدكتاتور الذي سبقه، هناك موسوليني وبروسبير وهتلر وستالين وصدام حسين وقبلهم كان الاباطرة الرومان والقياصرة الروس مرورا بدكتاتوريي افريقيا بشمالها وجنوبها و... وغيرهم كثير. والذي يتفحص نهايات حياتهم يجدها متماثلة وكأنما هي نسخة طبق الاصل: دائما النهاية المأسوية نفسها، تلك النهاية التي يقفل بها الستار اما بالقتل اوالسجن حتى الموت او النفي الى جزر مجهولة وربما يكون آخرها السحل.

وليس من المنطق ان يتمنى بوكاسا - فيما لو قرأ التاريخ بعناية - نهاية لحياته تشبه في الاصل نهاية هتلر، والقول نفسه ينطبق على بروسبير وموسوليني وأمثالهما الذين يعرفون القراءة والكتابة وربما نالوا الشهادات الفخرية بقوة السلاح ولكنهم أميون في قراءة التاريخ. أما قلت لكم إنهم اغبياء وساذجون الى حد النخاع؟

أما الظلاميون فهم دكتاتوريون من نوع آخر، يعيش على القتل وتصدير الافكار السوداء. ليس المهم من يكون الخصم، المهم هو غرس نصل السكين في قلبه، فاذا لم يفد ذلك فليقل له ما يعتمل في قلبه الاسود. هذا النوع هو الآخر أمي في قراءة التاريخ، فالذي ينجح في باكستان ليس بالضرورة ان ينجح في العراق، والذي يجد ان تجربته تسير في طريق سالكة في بلده ليس له الحق في فرضها على دولة مجاورة. واذا افترضنا انه سينجح في هذا وذاك فانه بالتأكيد سيبقى أميا - الى حد النخاع - لانه ببساطة لا يعرف معدن الشعوب التي يتعامل معها.

إن هناك شعوبا ومنها شعبنا العراقي لا يستطيع أحد مهما بلغت قوة علمه ونفاذ بصيرته ان يراهن على تغيير قناعاته المبدئية دون ان يصاب بالفشل والاحباط. الذي لا يعرف شعبنا العراقي يظل يتخبط في امره، فمرة يرمي صاروخا على سوق شعبي، ومرة يكره ان يرى اناسا ارادوا احياء تقاليد قمعت في الثلاثين سنة الماضية فقاد اليهم سيارة مفخخة، ومرة لم يعجبه ان هذا الشعب ينهض - كعادته - ليعيد بناء حياته من جديد فارسل لهم بعض انصاف الرجال لينسفوا انفسهم بينهم وليقولوا بعد ذلك عنهم إنهم شهداء العقيدة.

أيها الظلاميون... إنكم تناطحون شعبا لا يعرف غير العراق وطنا له، انه يحمله معه اينما رحل ولا يعرف مكانا غيره في قلبه. فوفروا قنابلكم، فوالله لا تستطيع مهما بلغت بها القوة ان تصيب مكانا في قلب هؤلاء الرجال الذين جعلوا من الفرات ودجلة، من السيبة وزاخو، سياجا نسيجه "الخستاوي" جنوبا وحبة " الكاكا" شمالا وبينهما خضر الياس وعطر الجوري

العدد 877 - السبت 29 يناير 2005م الموافق 18 ذي الحجة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً