كشف رئيس دائرة العلوم العصبية في مجمع السلمانية الطبي استشاري جراحة الدماغ والأعصاب طه الدرازي لـ "الوسط" عن "استقبال الدائرة خلال شهر يناير/ كانون الثاني الجاري عشر حالات تعاني من أنزفة دماغية، وقد تم التدخل جراحيا في ست حالات منها، فيما تم علاج باقي الحالات بالأدوية وتماثلت للشفاء".
وأضاف "وصل إلى الدائرة في العام 2004 ما لا يقل عن 8 حالات كانت تعاني من أنزفة تلقائية تحت العنكبوتية، بالإضافة إلى حوالي 20 حالة كانت تعاني من أنزفة بسبب إصابات مختلفة، وتم التدخل جراحيا في حدود ست حالات منها، كما استقبلت الدائرة بين خمس إلى سبع حالات في العام الماضي كانت تعاني من أنزفة بسبب تعاطي أدوية تزيد من سيولة الدم، وتم التدخل جراحيا في حوالي ست حالات منها وذلك بعد استقرار سيولة الدم".
وذكر الدرازي "أن 80 في المئة من حالات الأنزفة الدماغية التي يتم إدخالها إلى مجمع السلمانية الطبي يكون سببها الحوادث المرورية"، وعرف الأنزفة الدماغية بأنها "عبارة عن نزيف يحدث في مادة الدماغ أو في بطينات الدماغ أو تحت العنكبوتية".
وبخصوص أساب الأنزفة الدماغية، أوضح الدرازي "يمكن أن تحدث الأنزفة الدماغية بسبب إصابات الرأس الناتجة عن الحوادث بمختلف أنواعها "حوادث السيارات، سقوط جسم على الرأس" وعموما أي شيء يصيب الرأس، كما يمكن أن تحدث الأنزفة بشكل تلقائي بسبب تشوهات في الأوعية الدماغية أما الشرايين أو الشرايين مع الوريد". وأضاف "من الأسباب كذلك استخدام بعض الأدوية التي تؤدي إلى زيادة سيولة الدم، ومن هذه الأدوية على سبيل المثال "الأسبرين"، "الوارفرين" و"الهيبارين"، وتحدث كذلك نتيجة التهابات الدماغ وقد يحدث بعضها بسبب الأورام الدماغية".
وذكر رئيس دائرة العلوم العصبية بمجمع السلمانية الطبي "أن أعراض الأنزفة الدماغية متنوعة، فمن أعراضها الإصابة بألم شديد في الرأس قد يكون بشكل مفاجئ أو تدريجي ويكون الألم مصحوبا بتقيؤ، وأحيانا تكون الأعراض عبارة عن ضعف في أحد أعضاء جسم الإنسان، أو عدم القدرة على النظر إلى الضوء "التخوف من رؤية الضوء""، مردفا "من الأعراض التي قد تصاحب الأنزفة الدماغية كذلك عدم وضوح النظر، وفي بعض الأحيان تكون الأعراض عبارة عن الإصابة بغيبوبة، مثل أحد المرضى من إحدى الجنسيات الآسيوية الذي وصل إلى مجمع السلمانية الطبي قبل فترة في حال غيبوبة وتوفي حينها"، منوها إلى أن "هذه الأعراض لا تظهر جميعها لدى مريض واحد، وهي تختلف من حال إلى أخرى".
وفي سؤال عن كيفية التعامل مع المرضى الذين يصلون إلى مجمع السلمانية الطبي وهم يعانون من أنزفة دماغية، أجاب "مع وصول المريض يحاول الطبيب التعرف على قصة الألم وسلوكه ومدته لدى المريض، كما يستوضح منه عن الأعراض التي صاحبت الألم، ويستفسر منه إذا ما تناول أية أدوية تساعد على سيولة الدم"، مؤكدا أن "المريض يجب أن يبوح للطبيب بكل ما لديه، حتى يساعده على القيام بمهمته".
وذكر الدرازي "أن من طرق التعامل مع المرضى الذين يعانون من أنزفة دماغية اتباع أسلوب الفحص السريري، إذ يجب على الطبيب التعرف على مسببات حدوث النزيف لدى المريض، على سبيل المثال التعرف إذا ما تعرض إلى انتفاخ في العصب البصري، التصلب في الرقبة، أو من خلال حركة العين أو حدوث شلل في جزء من جسم المريض".
وتابع قائلا: "من الطرق كذلك إجراء الفحوصات المختبرية خصوصا للمرضى الذين يتعاطون أدوية تسبب سيولة الدم، فيقوم الطبيب بعمل فحص لدم المريض للتعرف على درجة سيولة الدم لديه، بالإضافة إلى ذلك تجرى فحوصات إشعاعية للمريض وهي عبارة عن أشعة مقطعية للتوصل إلى مكان النزيف، وإذا أوضحت الأشعة بأنه لا وجود للنزيف وكان الطبيب يشك في وجود نزيف، يقوم الطبيب بغرس إبرة في ظهر المريض، من أجل أخذ عينة من السائل الدماغي الشوكي، لأن بعض الأنزفة لا يمكن تشخيصها إلا عن طريق أخذ هذه العينة".
وأوضح الدرازي "إذا ثبت من خلال الأشعة وجود نزيف تحت العنكبوتية لم ينتج عن إصابة معينة، فإن المريض في هذه الحال بحاجة إلى إجراء قسطرة لشرايين الدماغ، وذلك بهدف التعرف على مكان النزيف"، منوها إلى "أن النزيف إذا كان كبيرا ويسبب ضغطا على الدماغ قد يؤدي إلى شلل أو غيبوبة في بعض الأوقات، ويمكن أن يتدخل الجراحون لإزالة النزيف لتصحيح حال المريض".
"وإذا كان النزيف خفيفا ويسبب ألما فقط ولا يسبب ضغطا، يترك ليجف تلقائيا "الدماغ يقوم بامتصاصها""، مشيرا إلى "عدم احتياج جميع الحالات لعمليات جراحية، إذ لا تتعدى نسبة المرضى الذين يحتاجون إلى عملية جراحية 10 في المئة".
وقال استشاري جراحة الدماغ والأعصاب: "بعد إزالة النزيف يحتاج المريض بعدها إلى تأهيل للجهاز العصبي، بالإضافة إلى تأهيل في النطق وحث الذاكرة وتقويتها، حتى يتم التأكد بأن حال المريض مستقرة، وكل ذلك متوافر في مجمع السلمانية الطبي".
وأكد الدرازي "عدم الاستهانة بآلام الرأس، وخصوصا الحادة منها، فمن الضروري مراجعة الطبيب المختص"، مردفا "حتى آلام الرأس المزمنة تؤخذ في الدائرة على محمل الجد، لأن كثيرا منها تسبب حدوث ورم في المخ"، منوها إلى "لجوء بعض المرضى إلى أطباء غير مختصين، فيصاب بورم وقد يتوفى"
العدد 878 - الأحد 30 يناير 2005م الموافق 19 ذي الحجة 1425هـ