العدد 887 - الثلثاء 08 فبراير 2005م الموافق 28 ذي الحجة 1425هـ

البحرين وحوادث الإرهاب في الكويت

عباس بوصفوان comments [at] alwasatnews.com

.

بدت المداهمات الأخيرة في الكويت، التي استهدفت القبض على عناصر محسوبة على تنظيم "القاعدة" مثيرة للقلق، لجهة حجمها، والدلالات التي تنطوي عليها، واحتمالات امتدادها إلى دول أخرى، غير السعودية، وخصوصا أنها جاءت متزامنة مع أخبار أفادت القبض على عدد كبير من "المتطرفين" في عمان. .. وبالتالي إلى أي مدى يمكن أن تكون البحرين بعيدة عن هكذا حوادث.

من ناحية أولية، لا يمكن استبعاد أن تكون البحرين أو أية دولة أخرى في منأى عن العنف، في ظل وجود بيئات تفريخ فكرية، وسياسية، واجتماعية، يمكن أن ينكرها البعض، بيد أن ما جرى طوال السنوات الماضية يثبت وجودها.

بيئات فكرية يمكن أن تنشأ من المراكز الدينية، والمنشورات، التي لا تخفي تأييدها لقتل "الصليبيين والكفار"، تعززها بيئات اجتماعية قد تكون منطلقة من شعور بالغبن والتهميش، بغض النظر عن صحة هذا الشعور، الذي يمكن أن يكون محركا ودافعا، أو أن "يستثمر" باتجاهات معينة.

ويقال إن كثيرا من المتورطين في حوادث الإرهاب في الكويت يأتون من المناطق "الخارجية" التي تشتكي من عدم العدالة. وفي البحرين فإن فئات من المناطق الفقيرة، التي تشعر بعدم تمتعتها بالمساواة كانت وراء حوادث التسعينات التي اتسم بعضها بالعنف. أضف إلى ذلك بيئة سياسية مثالية، تتمثل في الاحتلال الأميركي للعراق، وجدت فيه حركات متطرفة ضالتها للانتقام من "قائدة الكفر العالمي"، وحلفائها من "عباد القبور"، إذ عملت هذه الحركات بشكل مبرمج على استهداف مصالح عامة وخاصة، غربية ومحلية، بدعوى أن "الكفر ملة واحدة"، وأن من يتعاون مع المحتل فهو "خائن"، يستحق القتل.

السلطات في البحرين تدرك ذلك، وربما يكون تصريح نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة كاشفا عن هذا الإدراك، حين قال قبل أيام إن "هناك خطب جمعة، وفتاوى، ومخيمات وأشرطة واجتماعات، ومواقع وأموالا تجمع باسم الخير، وبعض هذه جزء من شبكة تدفع باتجاه الفكر المتطرف، وعلينا أن نتوجه لمعالجتها وألا نلوم الآخرين فقط...".

كما أن وزير الدفاع الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة أشار إلى أن "بعض الدول تزعم وتعتقد أن هناك مجموعة أو اثنتين، ولكن لم يحدث شيء حتى الآن، والبحرين آمنة، ونحن لا نتهاون ولن نتهاون مع الإرهاب. وقواتنا تستطيع ردع كل خطر".

وقد سبق أن مرت البحرين بحالة من الإرباك بسبب بلاغات كاذبة أو حوادث حقيقية. في ديسمبر/ كانون الأول الماضي تم العثور على قنبلة وهمية قرب العدلية. وفي يوليو/ تموز الماضي أخلت قوات الأمن مجمع الشيراتون التجاري، وأغلقت جميع المحلات فيه، بعد تلقي البنك السويسري الذي يقع في المجمع إنذارا بانه سيكون عرضة للتفجير، واتضح فيما بعد أن البلاغ "كاذب".

وفي الفترة ذاتها، أعلنت السلطات اعتقال "خلية" تعد للقيام بـ "أعمال خطيرة" تستهدف الأمن العام، قررت النيابة العامة في وقت لاحق الإفراج عنها، بيد أنها مازالت ممنوعة من السفر، ويقول متابعون إن المنع قد يكون مفيدا للمجموعة المتهمة التي لا يمكن أن تضمن عدم تعرضها للملاحقة في الخارج، خصوصا وأن اعتقالها تم بناء على معلومات خارجية في الأساس.

هذا يشير إلى أن عناصر "نائمة" قد تكون موجودة، ربما لا تشجعها المساحة الصغيرة للبلد والواقع الاجتماعي على الاستمرار في عمل عنيف إذا ما بدأته، لكن المبادرة قد تحصل ولو لمرة واحدة، إذا ما كان ينوي الشخص "الاستشهاد"، في عرف هذه الفئة. ولم يعد مقبولا القول هنا إن البحرينيين غير، إذ لم يكن الكويتيون والسعوديون غير.

إن علاج العنف، لن يتم إلا بإدراك حيثياته، ومقاربته سياسيا أولا، عبر تعزيز الحريات، وتطبيق القانون... أما غض النظر عنه، أو التعاطي معه أمنيا فقط فلن يكون إلا معززا لنهج يراد احتواؤه

العدد 887 - الثلثاء 08 فبراير 2005م الموافق 28 ذي الحجة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً