العدد 888 - الأربعاء 09 فبراير 2005م الموافق 29 ذي الحجة 1425هـ

العلاقات الإيرانية - البحرينية نموذجية

محمد فرازمند comments [at] alwasatnews.com

-

الجمهورية الإسلامية الإيرانية - هذا البلد الشاسع والمترامي الأطراف - تقع في قلب منطقة الشرق الأوسط وتربط بحر قزوين بالخليج وكذلك بشرق غرب آسيا، ومن هنا يمكننا القول إن لاستتباب الأمن والاستقرار في إيران تأثيرا غير قابل للانكار على منطقة الشرق الأوسط برمتها وعلى غرب آسيا. ومن هذا المنطلق فإن ممارسة سياسة إزالة التوتر والحفاظ على السلام والاستقرار في المنطقة كانت إحدى السياسات الاستراتيجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية خصوصا بعد انتصار الثورة الإسلامية. كما أن مبادرة حوار الحضارات والتي طرحت من قبل الجمهورية الإسلامية الإيرانية العام ،2001 تقيم في هذا الاتجاه.

التطورات الداخلية

بعد انتصار الثورة الإسلامية الإيرانية في سنة 1979 والتي جاءت بمطالبة وإرادة الغالبية الساحقة للشعب الإيراني بقيادة مؤسسها وقائدها الكبير الإمام الخميني "ره"، ولأنه تم التأكيد في مبادئ الثورة على الاستقلال والحرية والجمهورية الإسلامية، لذلك تم الرجوع إلى آراء الشعب بشأن تحديد نوع الحكم منذ البداية، فاختار 98 في المئة من المشاركين في الاستفتاء حكومة الجمهورية الإسلامية الإيرانية. وأجريت 25 عملية انتخابية حتى الآن والتي تبين كل منها نسبة مشاركة الشعب في تقرير مصيره، وكانت الانتخابات الرئاسية والتشريعية وانتخابات مجالس البلدية من أهم الانتخابات التي يمكن الإشارة إليها في هذا المجال وبعبارة أخرى فإن الانتخابات التي أجريت والموارد التي تم الرجوع فيها إلى آراء الشعب كانت بمعدل عملية انتخابية واحدة كل سنة والذي اختار الشعب الإيراني من خلالها قياداته الحكومية وكان دور الأحزاب والجمعيات والتكتلات السياسية ملفتة للنظر خصوصا خلال الفترة الانتخابية.

حقوق الإنسان

إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تعتقد بأن اتخاذ الإجراءات الأساسية الكبيرة في البلد من الدلالات الرئيسية على ارتقاء حقوق الإنسان والدفاع عنها، الإجراءات التي توفر الأرضية اللازمة لكي تنتقل عملية الحفاظ والدفاع عن حقوق الإنسان إلى المؤسسات الأهلية عن طريق ايجاد الكوادر الوطنية.

ونستطيع أن ندعي اليوم بأن الجمهورية الإسلامية الإيرانية قد قامت باتخاذ إجراءات كبيرة وشاملة على المستويين الوطني والدولي لتنظيم حقوق الإنسان حتى تتمكن من تنمية القدرات المحلية عن طريق توظيفها وكذلك الاستفادة من المساعدات الفنية والاستشارية الدولية والتعاون الثنائي بغية النهوض بحقوق الإنسان فيها وقد اتخذت إجراءات مهمة ومؤثرة في هذا المجال والتي تتلخص أهمها فيما يأتي:

1- توقيع اتفاق التعاون الفني والاستشاري مع مكتب المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة لمنظمة الأمم المتحدة - في مجال تعليم حقوق الإنسان في المدارس - وتوجيه الدعوات المتكررة للمقررين والمراقبين الناشطين في مجال حقوق الإنسان لزيارة إيران وإعداد تقارير في هذا المجال.

2- إجراء التعديلات التشريعية للوصول إلى الرفاهية الاجتماعية كاقرار قانون ينص على اعتبار الأقليات الدينية مساويا مع سائر فئات المجتمع فيما يتعلق بدفع الدية وانضمام إيران إلى ميثاق حقوق الطفل واقرار القوانين الداعمة للمرأة وإجراء التعديلات في بعض القوانين الجزائية بهدف الوصول إلى حقوق المواطنة وتنميتها.

3- توفير الأرضية الملائمة لتعزيز قدرات مؤسسات المجتمع المدني - كتأسيس لجنة حقوق الإنسان على الصعيد الوطني والتعاون مع المنظمات غير الحكومية "NGO" سواء الإقليمية أو الدولية - والتعاون الثنائي ومتعدد الأطراف مع منظمة الأمم المتحدة وبعض الدول الأوروبية وغيرها في المجال القضائي.

4- القيام بالتوعية الثقافية عبر تزويد المنظمات الحكومية وغير الحكومية بالمعلومات عن طريق إقامة الدورات والورشات التعليمية للقضاة والصحافيين وقوات الأمن العام في مجال حقوق الإنسان.

المجال الاقتصادي

إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية وانطلاقا من تمتعها بالقدرات العالية في مجالات موارد ومصادر الطاقة وقدراتها وامكاناتها الداخلية، سعت جاهدة للاستفادة من الاستثمار الأجنبي بغية الوصول إلى هدفها المنشود وفي هذا الاتجاه تم التصديق على قانون الاستثمارات الأجنبية ما أدى إلى الاسراع وتسهيل القوانين لدخول المستثمرين الأجانب إلى الأسواق الإيرانية المتنوعة في هذا المجال واستمرار هذا الأسلوب يؤدي إلى الوصول إلى الاقتصاد الفعال في البلاد.

يذكر أن النفط والغاز والمحاصيل الزراعية والسجاد والكافيار والفستق والحديد والفولاذ والمعدات والخدمات الفنية والهندسية تشكل أهم الصادرات الإيرانية إلى الخارج.

المجال الزراعي

نظرا لوجود الأراضي الزراعية الشاسعة والأراضي المعدة للزراعة ومشروع تخصيب الأراضي الصحراوية والتعامل الثنائي القيم بين الحكومة والمزارعين وأصحاب الأراضي، فقد بذلت جهود كبيرة في هذا المجال إذ وصل انتاج القمح - الذي يعتبر سلعة استراتيجية - في البلاد إلى 13,5 مليون طن وبهذا الانتاج الكبير دخلت إيران إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي.

الصناعة والمناجم

شكلت قطاع الصناعة والمناجم 11 في المئة من الناتج القومي، وتعتبر صناعة النفط والغاز والبتروكيماويات والفولاذ وصناعة النسيج وصناعة السيارات من أهم الصناعات الإيرانية، واستطاعت إيران خلال السنوات الأخيرة الخروج من الاقتصاد الأحادي الجانب المعتمد على النفط والغاز وارتفعت وتيرة صادراتها غير النفطية بصورة ملموسة جدا.

التربية والتعليم

إن قطاع التربية والتعليم في إيران شهد نموا ملحوظا خصوصا بعد انتصار الثورة الإسلامية المجيدة بحيث ارتفعت نسبة المتعلمين من الفئة السنية البالغة ست سنوات فما فوق إلى 85,81 في المئة، كما ارتفع عدد طلاب المدارس إلى 11,97 مليون طالب بينما ارتفع عدد طلاب الجامعات الإيرانية إلى أكثر من 2,5 مليون طالب، وتشكل الطالبات 53,6 في المئة من إجمالي طلاب الجامعات بينما بلغت نسبة الطلاب فيها إلى 46,6 في المئة.

يذكر أن نسبة الطالبات اللاتي دخلن الجامعات في السنة الدراسية الماضية بلغت 64 في المئة من مجموع الطلاب.

إن التطورات الكمية والكيفية الحاصلة في مجال إصدار المطبوعات وكذلك في مجال تأسيس المؤسسات الصنفية للصحافيين ونمو إصدار الكتب العلمية والبحثية وتأسيس المكتبات المتعددة في البلد، تعتبر من أهم التطورات التي شهدتها إيران خلال السنوات الأخيرة.

يتم إصدار 1081 مطبوعة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والتي تشتمل على 52 صحيفة يومية محلية منها أربع صحف باللغة الإنجليزية، كذلك صحف ومجلات باللغة العربية وبلغة الأقليات الدينية "كالأرمنية" وصحيفة خاصة للمكفوفين. كذلك يتم إصدار العشرات من المجلات المتخصصة والمهنية باللغات الآذرية والكردية وسائر الطوائف للمتكلمين بها.

لقد بلغ عدد القنوات التلفزيونية إلى أربعين قناة وهناك سبع قنوات أرضية على المستوى المحلي وست قنوات فضائية.

التطورات الإقليمية والدولية

إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية مع مراعاتها لحسن الجوار، تتطلع إلى تطوير العلاقات الثنائية وتعزيز التعاون مع جيرانها وسائر الدول على المستويين الإقليمي والدولي. تشكل المبادئ الثلاثة المهمة وهي العزة والحكمة والمصلحة والتي تم إعلانها من قبل القائد المعظم للثورة الإسلامية، المبادئ الأساسية للسياسية الخارجية والتي سعت الجمهورية الإسلامية الإيرانية خلال السنوات الماضية العمل بهذه الأصول في علاقاتها الشاملة بجدية.

تعتبر قضية الإرهاب إحدى التحديات المهمة التي نواجهها اليوم في المنطقة والعالم، والجمهورية الإسلامية الإيرانية التي كانت من ضحايا هذه الظاهرة المشئومة منذ بداية انتصار الثورة الإسلامية أعلنت مرارا عن إدانتها لكل أنواع الممارسات الإرهابية وقتل الناس العزل وطالبت بالتصدي ومكافحة الإرهاب سواسية في جميع أنحاء العالم.

إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تعتقد بضرورة التعرف أولا على جذور الإرهاب ومسبباته منها الفقر والبطالة والتمييز والاعتداء والغزو بدلا من التعامل الانتقائي مع هذه الظاهرة المنظمة بغية اجتثاث جذوره حتى يستطيع المجتمع الدولي العيش في السلام والأمن المستدامين اللذين يعتبران من العوامل الرئيسية لتطوير المجتمعات البشرية برمتها. وفي هذا الاتجاه فإن تعاون جميع الدول مع المجتمعات الدولية والتعاون الثنائي ومتعدد الأطراف يمكن أن يساهم في قضية مكافحة الإرهاب.

إن مكافحة المخدرات والعصابات الدولية الكبيرة والمعنية بهذه الظاهرة الهدامة، من المشكلات الأخرى التي تواجهها المنطقة والعالم، والجمهورية الإسلامية الإيرانية تكافح هذه الظاهرة التي تناهض البشرية بشكل جدي وقدمت في سبيلها الآلاف من عناصرها في الجيش وقوات الأمن حتى الآن وتم احراق ملايين الأطنان من المخدرات المضبوطة وذلك بحضور المراقبين المحليين والدوليين.

إن اتخاذ القرارات الاستراتيجية الحكيمة والعمل على إزالة التوترات الإقليمية أو تخفيضها والتي برزت إثر الهجمات العسكرية الأميركية على أفغانستان والعراق وغزوهما بذريعة مكافحة الإرهاب وإزالة أسلحة الدمار الشامل، هي إحدى انجازات الجمهورية الإسلامية الإيرانية في مجال السياسة الخارجية. إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية كانت ولاتزال تعارض الهجمات العسكرية ضد أي بلد أو عزوه وأكدت مرارا أن منظمة الأمم المتحدة هي الجهة الوحيدة التي لها صلاحية اتخاذ القرار في هذا الشأن.

إن التفرد بالهجمات العسكرية ضد البلدان وغزوها بذرائع ودوافع مختلفة من شأنها أن تؤدي إلى المزيد من حال انعدام الأمن والعنف وقتل الناس العزل وزيادة التوترات الداخلية والإقليمية. وعلى القوى العظمى والدول التي تسببت في نشوء حال اللااستقرار وانعدام الأمن في بلدان المنطقة خصوصا في أفغانستان والعراق إثر الاعتداء على هذه الدول أو القيام بالتدخل في شئونها الداخلية، أن تنهي غزو هذه الدول كي يتمكن شعوبها من تقرير مصير بلدانهم واختيار الحكومات التي يريدونها.

الطاقة الذرية

إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تؤمن إيمانا راسخا بأن الاستخدام السلمي للطاقة النووية من حق جميع بلدان العالم ولا يجب أن يتم احتكارها من قبل بعض الدول الطامعة، ومن هذا المنطلق تعاونت إيران مع جميع المنظمات الإقليمية والدولية منها الوكالة الدولية للطاقة النووية فيما يتعلق بالاستخدام السلمي للطاقة النووية وقامت بفتح منشآتها النووية السلمية أمام جميع المراقبين والمفتشين التابعين للوكالة المذكورة والذين أكدوا مرارا عدم وجود آثار للاستخدام العسكري من هذه التكنولوجيا.

إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية وانطلاقا من إيمانها بتعارض استخدام أسلحة الدمار الشامل مع الدين والعقل، أعلنت عن عدم وجود الأسلحة النووية في استراتيجيتها العسكرية وبذلت مجهودا كبيرا منذ زمن بعيد في المجتمعات الإقليمية والدولية لجعل منطقة الشرق الأوسط خالية من الأسلحة النووية.

العلاقات الإيرانية البحرينية

شهدت العلاقات الإيرانية البحرينية قفزة نوعية خلال السنوات الأخيرة وخصوصا بتوجيهات جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة وفخامة الرئيس خاتمي وفي ظل التطورات الإصلاحية في كلا البلدين. ومنذ الزيارة الميمونة لجلالة الملك إلى طهران في أغسطس/ آب العام 2002 أبرمتا لكثير من الاتفاقات بين القطاعين الحكومي والخاص في البلدين لتطوير التعاون في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والثقافية والسياسية ومن ثم أتت زيارة الرئيس خاتمي إلى مملكة البحرين في ابريل/ نيسان العام 2003 استكمالا لمبادرات قادتي البلدين لجعل العلاقات الإيرانية البحرينية "علاقات نموذجية" يمكن أن يحتذى بها لبناء فصل جديد من العلاقات الإقليمية بين بلدان هذه المنطقة ذات البعد الاستراتيجي

العدد 888 - الأربعاء 09 فبراير 2005م الموافق 29 ذي الحجة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً