العدد 901 - الثلثاء 22 فبراير 2005م الموافق 13 محرم 1426هـ

يا رب نسألك قبرا لا تأتي عليه الجرافات!

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

الناس في العالم العربي أصبحت لا تفكر إلا في الخبز وقليل من الكرامة. .. هل قدرنا ان نصبح بلا مأوى؟ هل قدرنا ان نشتري بأثمان باهظة أرضا صغيرة تباع علينا من متنفذ هنا، أو متنفذ هناك مازال يكوش على كل شيء... لا أعلم ان كنا سنحصل على قطعة أرض ندفن فيها أم لا، أم يبيعها علينا المسئولون؟

فعلا هناك وزراء لم يتركوا شيئا، وليس هنالك من يراقب... أحزن كثيرا على واقعنا، وأهمس في نفسي قائلا: من المستفيد من هذا الهدر؟ قرى بكاملها بفقرائها يبحثون عن مزارع أجدادهم فلا يرونها... يبحثون عن إسكان لهم فلا يرون له وجودا ينامون ليلا ويستيقظون ذات نهار واذا بالمتنفذين أنفسهم يبيعون على أبناء القرية المخططات وهكذا تمر العملية يقولون انهم حيتان الماضي... فعلا هم كذلك ولكنهم أصبحوا اليوم تماسيح المستقبل. قبل أيام وقع في يدي مخطط كبير جدا يكفي لبناء 600 بيت متوسط الحجم للمواطنين... سألت فدمعت عيني وكفرت بدجل الرقابة وصراخ النواب وبقدسية من أين لك هذا؟ ارحموا هؤلاء الفقراء... فالمواطن يمشي ويجر خلفه سلاسل القيود ويا للقدر... لا أعلم لماذا هؤلاء المسئولون لا يهمهم شيء؟ وأسنانهم حادة كالمنشار تأكل كل شيء.

وسأبقى أعزف لحن الحزن وسأردد قول محمد الماغوط في كتابه الجميل "سياف الزهور": "اينما شرقت وغربت في ربوع هذا الوطن العربي الحبيب، لا تسمع ولا تقرأ الا الأمن القومي والأمن الجنائي والأمن الجوي والأمن الغذائي والأمن الزراعي والأمن الصناعي... ومع ذلك ينام المواطن العربي وهو غير آمن على ثيابه الداخلية".

تذهب الى سوق السمك تتفاجأ بورشات مليئة بالأجانب يزاحمون الناس في بيع الروبيان والسمك، تفتش عن "الأرباب" تكتشف حزمة من الأسماء... الهامور يبيع الهامور.

تذهب لتشتري خسا و"رويدا" وباذنجانا تتفاجأ بأن الوزير يبيع خسا و"بربيرا".

نسمع عن القانون وهو يصرخ "مبدأ تكافؤ الفرص مبدأ كفله الدستور" نصرخ يحيا العدل ويعيش القانون حتى نكتشف ان القانون كتب بالطريقة السويسرية ولكنه طبق بالطريقة الصومالية... واذهب الى الوزارات والشركات والمصارف لترى كيف يمارس المزاجيون من المسئولين مزاجيتهم في توزيع مهمات المؤسسات.

أصبحت تهمة الخيانة في الصحافة الليبرالية وجهة نظر ويا لغرابة الزمن وكيف تقاس المقاييس!

في البحرين هناك وزراء يحترمون الشفافية والاصلاح وهناك وزراء يتاجرون بها ويبيعونها في سوق المزايدات.

تسأله ما بصماتك طيلة فترة توزرك لا تجد شيئا سوى سفرات وحاشية مستنفعة وتصاريح وتوزيع ابتسامات في الصحافة... ألا تعتقد ان البطالة المقنعة بدأت تتسرب حتى الى المسئولين.

هناك الوزراء ممن قدموا وخصوصا في الفترات الأخيرة تركوا لهم بصمات قليلة ولو صغيرة وهناك وزراء أصبحوا عالة على الموازنة العامة. اتعجب ان الدستور ينادي بعدم تداخل العمل في التجارة ومهنة الوزارة كوزير وعلى رغم ذلك تكاد لا ترى وزيرا الا وعمله في التجارة أكثر من عمله في الوزارة، اللهم الا من رحم ربك.

يا ساتر استر حتى بعض المقابر أكلتها سياسة التكويش، يا رب نسألك قبرا لا تأتي عليه الجرافات

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 901 - الثلثاء 22 فبراير 2005م الموافق 13 محرم 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً