العدد 905 - السبت 26 فبراير 2005م الموافق 17 محرم 1426هـ

استحالة تمرير أي قانون لا ترغب فيه الحكومة

علي ربيعة comments [at] alwasatnews.com

قرأت في "الوسط" تلك الآراء التي طرحها بعض النواب عن استقلالية دائرة الشئون القانونية كما قرأت التعديلات المقترحة من قبل النواب الديمقراطيين التي ينوون إدخالها على مشروع قانون إعادة تنظيم هذه الدائرة من أجل التأكيد استقلاليتها.

وبودي أن أسأل عن المغزى أو الهدف الحقيقي من وراء طرح هذا الموضوع وبهذه الجدية وكأن الدائرة القانونية هي السبب في عرقلة مشروعات القوانين التي يتقدم بها النواب.

ان إعطاء هذا الموضوع هذه الأبعاد القانونية سواء من حيث التعديلات المقترحة من النواب أو من حيث إصدار مشروع قانون جديد لإنشاء هيئة مستقلة للشئون القانونية يعين رئيسها ونائبها جلالة الملك باعتباره رئيسا للسلطة التنفيذية، كمخرج للمادة 93 وج من المادة 104؛ يوحي للقارئ والمتتبع لما يدور في الساحة النيابية وكأن عدم استقلالية الدائرة القانونية هو السبب الرئيسي وراء غياب الأعمال التشريعية للنواب.

وحتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود لمن اختلطت عليهم الأمور في الشأن الدستوري والتشريعي فإني أفترض جدلا أن الدائرة القانونية قد أصبحت مستقلة عن الحكومة بفعل القانون الجديد فماذا يا ترى سيكون عليه الوضع التشريعي بعد هذه الاستقلالية؟

هل أن نجاح الدائرة القانونية المستقلة في إنجاز مهمة وضع مقترحات القوانين التي يتقدم بها النواب في صوغها القانوني الصحيح كفيل بتغيير العلاقة بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية؟ وبحسب رأيي المتواضع فاني اعتقد ان استقلالية الدائرة القانونية لا علاقة لها البتة بالعلاقة بين السلطات الثلاث كما يدعي البعض كما أن هذه الاستقلالية لا تقود إلى عملية الفصل بين السلطات الثلاث كما أشار إلى ذلك أحد النواب.

وليس من قبيل المبالغة القول إن هذه الاستقلالية في ظل الوضع الدستوري والقانوني الحالي لا تؤدي أبدا إلى حدوث أي تحسن في مستوى أو أداء عملية التشريع وذلك لسبب بسيط وهو أن من يتحكم في صوغ مشروع القانون له وحده مطلق الحرية في تقديم القانون إلى مجلس النواب سواء في الدورة نفسها أو في الدورة التالية.

العقبة الثانية هي التي أوجدتها المادة 82 التي أعطت الأولوية في مناقشة مشروعات القوانين والاقتراحات في مجلس النواب والمجلس الوطني لتلك المقدمة من الحكومة دائما وهذا يعني أن استقلالية الدائرة القانونية لا يمكن أن تغير من هذه الوضعية التي تعطي الحكومة حق السبق في تقديم مشروعاتها.

وفي هذا السياق لا اعتقد انه قد غاب عن النواب حقيقة الأزمة التشريعية المتمثلة في وجود الخلل الدستوري الذي أعطى المجلس المعين جميع الصلاحيات التشريعية أسوة بمجلس النواب المنتخب الأمر الذي أوجد صعوبة جمة أو بالأحرى استحالة تمرير قانون لا ترغب فيه الحكومة.

لكن الأخطر من ذلك كله هو المادة 87 التي بإمكانها ان تلغي دور مجلس النواب كلية في مشروعات القوانين التي تنظم الموضوعات الاقتصادية والمالية وذلك في حال اختلاف المجلسين على إقرارها. فعندما يختلف المجلسان على أي مشروع قانون بعرض المشروع على المجلس الوطني وإن هو تأخر في البت فيه خلال 15 يوما جاز للملك ان يصدر المشروع بمرسوم له قوة القانون.

والآن وبعد هذا الايجاز الشديد بشأن جوهر القضية التشريعية والأسباب الحقيقية وراء تعطيل العمل التشريعي ماذا سيقول المطالبون بتبعية الدائرة القانونية لمجلس النواب اعتقادا منهم من أن إبعاد هذه الدائرة عن تدخل الحكومة سيؤدي إلى تسريع العملية التشريعية لصالح مشروعات النواب. وماذا سيكون رد أولئك الذين قالوا إن قرب الدائرة القانونية من القضاء سيترتب عليه استقلالية وحيادية السلطة التنفيذية.

ونحن نعيش دور الانعقاد لمجلس النواب الثالث نتمنى من قلوبنا ان يقوم ممثلو الشعب بعملية معالجة شاملة لدور السلطة التشريعية والبحث عن مكامن الخطأ والقصور ومن ثم العمل على إصلاح هذا الخلل الدستوري الذي جرد السلطة التشريعية من جميع صلاحياتها التشريعية والرقابية وعندئذ سيكف النواب عن محاولة استجداء الحكومة وكسب ودها وعطفها.

كاتب بحريني

العدد 905 - السبت 26 فبراير 2005م الموافق 17 محرم 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً