العدد 908 - الثلثاء 01 مارس 2005م الموافق 20 محرم 1426هـ

ملف الإسكان... واقع وحلول

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

واحد من أكبر الملفات العالقة، الذي من المتوقع أن ينفجر في أي وقت ما لم يأخذ نصيبه من العناية والاهتمام من قبل الحكومة، ملف الإسكان، فقد بات كالقنبلة الموقوتة تكاد تنفجر في أي وقت تاركة وراءها أثرا عميقا لا يستهان به، فلا أحد يستطيع أن ينكر أو يتنكر لما للمسكن من أهمية بالغة في حياة الإنسان، فهو مصدر للأمن والطمأنينة والاستقرار، وما لم يتوافر المسكن المناسب الذي يتناسب مع آدمية البشر فإن ذلك يسبب ضيقا وضجرا من قبل المتضررين الذين لم يجدوا آذانا صاغية لأبسط مطالبهم وهو حصولهم على مسكن يشعر من خلاله الإنسان بعزته وكرامته وتميزه عن سائر الكائنات الحية التي لا تفرق بين أن تعيش في منزل أو أن تفترش الأرض. فالمشكلة كبيرة جدا وقد بدأت الهوة تزداد وتتسع بازدياد المشكلة فقد أصبح الوقت لاستفادة المواطن من أي مشروع إسكاني لا تقل عن 13 عاما... عمر مديد، أساسا كم "13" عاما في عمر الإنسان لكي تضيع في الانتظار والترقب، ويبقى من واجب الحكومة توفير المسكن وهذا ما نص عليه الدستور، وبالتالي من حق المواطن البسيط، أن يطالب بحقه إذا ما هضم أو طال الانتظار، وهذا ما نتلمسه في الفترة الأخيرة من خلال نشاط اللجنة الأهلية للمتضررين من وسائل وسبل سلمية من خلال الاعتصامات والمسيرات التي تؤكد مبدأ المطالبة، والمعروف أن المشكلة الإسكانية تأخذ بعدين مهمين: الأول، متعلق بانحسار الأراضي وعدم توافرها وهذا بطبيعة الحال يرجع إلى مجموعة من الأسباب لعل أهونها ازدياد أعداد المجنسين بشكل رهيب جدا وبالتالي أصبحوا أكبر المنافسين للمواطن البحريني، إلى جانب أسباب أخرى ترجع إلى حوزة البعض الكثير من الأراضي الشاسعة التي لا حاجة لهم أصلا فيها سوى تأمين المستقبل والاستملاك ليس الا، تاركين وراء ظهورهم مشكلة تكاد لا تحمل من ثقلها، ولعل البعد الآخر المتعلق بالمشكلة هو نقص السيولة أو المال الكافي الذي تستطيع الحكومة من خلاله تلبية احتياجات المواطنين الاسكانية، وبالتالي يبقى الملف ثقيلا ومعلقا إلى أجل غير مسمى. ومن خلال قراءة الواقع ومن خلال الاطلاع على مشكلات الناس سواء من خلال ما يكتب في الصحف أو من خلال الاختلاط والمصاحبة، يلاحظ أن الرقم المتضرر والمترقب "أي من هم على قوائم الانتظار" مخيف جدا، ما لم يتم إيجاد حلول جذرية؛ فمصر مثلا تمكنت من حل مشكلة البطالة بشكل تمكنت من خلاله معايشة الواقع فقد استطاعت أن تعمر الصحار وتجعلها مدنا إسكانية مأهولة، فحكومة مصر حينما شعرت بعجزها عن حل المشكلة فتحت الباب على مصراعيه أمام الشركات الاستثمارية الكبرى للبناء والاستثمار، لهذا أرى من الأنسب - ونحن نخوض في مشكلة حقيقية ومهمة كهذه - أن نتكلم بموضوعية وصدق تام بعيدا عن الكلام في المطلق، لذلك سأركز على المشكلة وأبعادها من وجهة نظري بعدها سأقدم حلولا عملية وفقا للتشخيص الحالي. البحرين جزيرة تتكون من مجموعة من الجزر، ولكن يوجد عدد كبير من الجزر غير مأهول لأنه غير مفتوح أصلا، فإذا كانت الحكومة جادة فعلا وتريد أن تقدم حلولا عملية للملف الاسكاني فإن جزيرة واحدة على الأقل تستطيع من خلالها حلحلة الأزمة الاسكانية، فلماذا تلجأ الحكومة على سبيل المثال إلى ردم السواحل ودفنها وتجعل منها مدنا إسكانية؟ لم نصل بعد إلى الوضع الكارثي لكي تفكر الحكومة في حل كهذا، ألم تفكر الحكومة في أن الأموال التي تصرف على الردم والدفن أولى بها أن تستغل في العمران والبناء في المشروعات الاسكانية؟ كما أننا لم يصل بنا السوء إلى الحد الذي نلجأ فيه إلى تشويه سواحلنا وبيئتنا وطبيعتنا الخلابة، فنحن على كل حال جزيرة تتكون من "33" جزيرة، لا نريد لهذه الجزيرة الجميلة أن تتحول بين ليلة وضحاها الى جزر بلا شطآن، ولا نريد أن تتشوه معالمها الطبيعية، نريد لها كل خير ونتكلم بكل حرص وغيرة، لهذا نقول: افتحوا الجزر، لماذا لا تتم الاستفادة منها؟ عمروها بالسكان ومن خلالها نستطيع أن نعيش بلا مشكلة إسكانية مؤرقة أو فادحة وإلا فإن المشكلة ستتحول من الوضع المعقد إلى الكارثي حينها لا "ينفع طب ولا طبيب". نقول أيضا إنه لا توجد أراض شاغرة، ونحن ذكرنا أن هناك أراضي وبمساحات شاسعة أيضا مملوكة ومحوطة وغير مستفاد منها، والقائمة تطول، لماذا لا تشتري الحكومة هذه الأراضي من ملاكها الأصليين، وإقامة مشروعات إسكانية عليها بدلا من اللجوء إلى الردم والدفن في البحر؟ ولابد من ملاحظة أمر آخر يجب أن يؤخذ في الاعتبار أن هذه الأراضي توجد بها أيضا خدمات وبنى تحتية وبالتالي فإننا لا نبدأ فيها من الصفر ولكن ردم البحر يحتاج منا إلى ضخ أموال أكبر في دفنه؛ لتوفير الخدمات والبنى التحتية وبالتالي ضخ المزيد من الأموال. الحل الذي أود تقديمه على استحياء نظرا إلى عدم وجود القناعة من قبل المواطن المستفيد، ولكنه يدخل ضمن إطار الحلول التي تمثل حلا للمشكلة، هو التوسع العمودي، على أن تكون الشقق المقدمة تصلح لجيلين أربع غرف كحد أدنى وتكون بمساحات كبيرة أي أن مساحتها تضاهي مساحات البيوت ولكن تكون ضمن نطاق مشروعات الشقق الإسكانية، قادرة على فتح شهية المواطن المترقب لقسيمة سكنية، وهذا ما يستفيد منه بحسب علمي مجلس بلدي الوسطى في الوقت الحالي كمشروع إسكاني بالتعاون مع القطاع الخاص. البعد الثاني من المشكلة هو السيولة المالية أو الموازنات المالية المعتمدة لهذا الغرض، على رغم أن هناك كثيرا من الأسئلة التي تصب في هذا الاتجاه الذي ينم عن عدم جدية الحكومة في هذا الملف والا دعمته ماليا بالقدر الكافي على أقل تقدير، فمخجل جدا أن نكون من الدول النفطية ونعاني من مشكلات كهذه، فأين هي عائدات النفط؟ التي لم نسمع عنها سوى أنها في ارتفاع وتزايد، ولكن لا نرى لها صدى مماثلا في الواقع، وخصوصا في مشكلاتنا الاقتصادية، ومع ذلك نقدم حلا مساندا لهذه الأزمة إن كانت هناك أزمة حقا، وهو السماح بدخول القطاع الخاص كمنقذ للمشكل، دعوا الشركات الاستثمارية الكبرى تدخل البلد وتعمرها، وتقيم المشروعات الاسكانية. المواطن لا يحصل أساسا على خدماته مجانا، فاتركوا المواطن يدفع للجهة التي تستطيع أن تتعاطى مع مشكلاته الأساسية، إن كانت الحكومة أو كان المستثمر الأجنبي

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 908 - الثلثاء 01 مارس 2005م الموافق 20 محرم 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً