العدد 914 - الإثنين 07 مارس 2005م الموافق 26 محرم 1426هـ

نفيت عنك العلا

جعفر الديري comments [at] alwasatnews.com

هناك على امتداد البصر، مدينة كبيرة تسمى حلب، تاريخها مثل بهائها وجمالها، عظيم الأثر يمتد الى مئات السنين. وقف يوما أمامها الشاعر الكبير بشارة الخوري - وهو من هو في منزلته بين شعراء العربية - فقال فيها قصيدته الشهيرة "حلب والمتنبي": "نفيت عنك العلا والظرف والأدبا... وان خلقت لها ان لم تزر حلبا/ شهباء لو كانت الأحلام كأس طلا... في راحة الفجر كنت الزهر والحببا"، ووقف الشاعر عندها ولم يكمل... لعله أحس بأن الشعر لا يطاوعه في ذلك المكان. وله الحق هذا الشاعر البيروتي، فتلك مدينة وقف عندها المتنبي نفسه فلم ينبس ببنت شفة.

تلك حلب إذا؟! مدينة النسور وجنة الله في أرضه. تلك حلب وهناك تبدو قلعتها يقف فيها سيف الدولة الحمداني، والى يمينه أبوفراس الحمداني، تلك حلب التي كانت قبلة عز عربية وحيدة بعد أن أضحت جميع المدائن العربية في ضعف ما بعده ضعف.

وحكى صاحبنا ما حكى عن حلب والشوق والاعجاب يملآن أصغريه "قلبه ولسانه". والمدينة العريقة الجميلة تعيش في وجدانه. وكنت أنظر اليه فأعجب كيف أن هذا الشاب المتيم بالمقاهي وبالسهرات والذي لم يمسك يوما بكتاب يقرأ فيه قد انقلب فجأة الى عاشق ولهان لا يفتأ يذكر محبوبته حلب.

سألته عن طريق المزحة لا غير والابتسامة لا تفارق فمي: أظنك يا هذا متيما بفتاة من حلب وإلا فما معنى هذا الحب الذي نزل عليك فجأة؟ فقال وهو لايزال مفتونا بحلب: لو شاهدت حلب لأنستك كل امرأة، انها جميلة الجميلات آسرة الفؤاد بلسم القلب والعينين. انها جميلتي حلب، تلك التي تنام على ضفة من العشب والأزهار، والتي متى استيقظت من نومها ورفعت رأسها رأيتها تطاول عنان السماء

العدد 914 - الإثنين 07 مارس 2005م الموافق 26 محرم 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً