العدد 927 - الأحد 20 مارس 2005م الموافق 09 صفر 1426هـ

ادانة الارهاب واجبنا جميعا

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

العمل الإجرامي الذي تعرض له أحد المسارح في العاصمة القطرية، الدوحة، وخلف قتيلين وعددا كبيرا من الجرحى عمل خارج عن الناموس الإسلامي والإنساني. ذلك لأن استهداف الأبرياء يعتبر في الفقه الإسلامي نوعا من أنواع "الفتك" و"الغيلة"، والقرآن ذكر "... أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا" "المائدة: 32".

إنه لمن المؤسف حقا أن يرتبط "الإرهاب" باسم ديننا الذي يشتق اسمه من السلام "الإسلام"، ومن المؤسف أن الأمم الأخرى تتحدث عن ابتكارات جديدة كل يوم لتسهيل حياة الإنسان وإسعاده وتمكينه من العيش مددا طويلة في أحسن صحة وعافية، بينما تحولت مفاهيمنا إلى ابتكار وسائل قتل النفس وقتل الآخرين وكأن الله خلقنا من أجل أن نمارس القتل تحت ذريعة ما.

إننا لسنا معنيين بأخطاء الآخرين الذين أطلقوا على الإرهابيين "مناضلون من أجل الحرية"، وهو ما كانت الولايات المتحدة تطلق عليهم مثل هذه المسميات عندما كانوا يقاتلون أنظمة لا تحبها الإدارة الأميركية في أميركا الجنوبية في الثمانينات من القرن الماضي. لسنا معنيين بذلك، ولا يمكن أن يكون مثل هذا الحديث، أو الحديث عما يجري في العراق، مبررا لممارسة الإرهاب وقتل النفس التي حرم الله.

إن الإرهاب هو أي عمل إجرامي يهدف إلى إدخال الرعب في قلوب الناس، وسواء كان ذلك بذريعة دينية أو أيديولوجية أو سياسية، فإن النتيجة واحدة، وهي أن النفس الإنسانية تمقت الإرهاب وتمقت كل من يتخذ من ممارسة العنف والقتل ثقافة أساسية في حياته.

الإرهاب يستهدف خلق حال من اليأس والإحباط، وقد يبدو أن بعض الأعمال تحقق هدفا ما، إلا أن ذلك سرعان ما يتضح أنه سراب لا يروي العطشى. ولقد كان الإرهاب ينتشر بصورة أكبر في مناطق أخرى خارج العالم الإسلامي، وهناك من الأمم من استطاعت أن تتخطى المشكلات التي خلقها الإرهاب عبر الدخول في العمل السياسي السلمي وعبر الاقتناع بأن من حق كل فرد أن يعيش ويترك مساحة لغيره أن يعيش فيها من دون أن يؤذي الآخرين.

لقد كانت من أكثر المناطق المملوءة بالإرهاب شمال إيرلندا، ولكن هذه البلاد "بشقيها الشمالي والجنوبي" تشهد حاليا تجارب ناجحة على المستويين الاقتصادي والسياسي. وخلال الأسابيع الماضية قتل أحد الإيرلنديين على يد مجموعة الجيش الإيرلندي السري الذي كان يمارس العنف لسنوات طويلة، واللافت في الأمر أن أهالي القتيل "وهم من الكاثوليكيين الذين يدعي الجيش السري القتال من أجلهم" قرروا تحدي تلك المنظمة السرية في عقر دارها وخرجوا مطالبين بتحويل القتلة إلى المحاكم العلنية. وفي الأسبوع الماضي تحول الغضب من جماهير الإيرلنديين الكاثوليكيين ضد أولئك الذين تعودوا على ممارسة القتل منذ عشرات السنوات وراحوا بعد ذلك ينفذونه ضد أي شخص حتى لو كان واحدا من الفئة التي يدعون الدفاع عنها.

إن الإرهاب لا يعرف مكانا أو جنسية أو دينا، وإنما هو ابتلاء تبتلي به الأمم بين الفترة والأخرى، والأمة التي تنجو منه هي التي تدينه علنا ولا تسمح بانطلاق التبريرات من على منابرها الدينية أو السياسية، ذلك لأن النفس البشرية لها حرمة عند بارئها ولا يجوز لأي فرد أن يقرر إنهاء حياته "بحسب ديننا"، فكيف إذا كان الأمر يتعلق بحياة الآخرين؟

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 927 - الأحد 20 مارس 2005م الموافق 09 صفر 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً