العدد 932 - الجمعة 25 مارس 2005م الموافق 14 صفر 1426هـ

مكافحة الإرهاب لا تعني انتهاك حقوق الانسان

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

بينما انشغل كثير منا بمتابعة تطورات قرار إدارة "الوفاق" إخراج مسيرة سترة أمس والاجتماعات الطارئة التي انعقدت يوم الخميس الواحد تلو الآخر، كانت "الوسط" تجمع المعلومات عن مقترح بقانون حولته الحكومة إلى مجلس النواب بـ "صفة مستعجلة" تحت عنوان: "مكافحة الإرهاب".

وفي الوقت الذي نؤكد فيه أننا جميعا ضد الإرهاب بكل أشكاله، فإن المقترح الحالي يحتوي على بنود قد تؤدي إلى إلغاء الحقوق والحريات العامة تحت ذريعة مكافحة الإرهاب. فالمشكلة التي قد نقع فيها هي أن البعض قد يتهم بأنه إرهابي بصورة خاطئة، أو أن التهمة تلبس به، على أساس ذلك فإن السلطات المعنية ستكون لها الصلاحية في مراقبة الشخص والتجسس عليه وسجنه وقد يحكم عليه بالإعدام. والمشكلة الأخرى هي أن القانون قد يسترخص "المحامي العام" في القيام بأعمال ضد شخص أو جماعة، وقد تتحول هذه الأمور إلى إجراءات روتينية ومكتبية وقد يتم تخطي الكثير من الضوابط القضائية والعقلانية عندما تحتاج السلطات إلى تعقب شخص ما.

لقد أعلن الأمين العام للأمم المتحدة في 11 مارس/ آذار الجاري استراتيجية عالمية جديدة لمكافحة الإرهاب، وأطلقها في مدريد بمناسبة مرور عام على التفجيرات الإرهابية لأربعة قطارات كانت متجهة نحو العاصمة الإسبانية "مدريد"، إذ راح ضحيتها 191 من الأبرياء وأعداد كبيرة من الجرحى. مع كل الآلام التي مازالت عالقة في أذهان الجميع، فإن عنان طرح خمسة مبادئ للاستراتيجية المقبولة لمكافحة الإرهاب. وهذه المبادئ هي: السعي إلى ثني الجماعات الساخطة والناقمة عن اختيار الإرهاب تكتيكا لتحقيق أهدافهم، وحرمان الإرهابيين من الوسائل التي قد يستخدمونها لشن هجماتهم، وردع الدولة المؤيدة للإرهابيين، وتطوير آلية على مستوى الدول لمكافحة الإرهاب، والدفاع عن حقوق الإنسان في الصراع ضد الإرهاب.

المبدأ الخامس الذي طرحه عنان من أهم المبادئ في نظر الكثيرين، لأنه مهما تكن الإجراءات قاسية لردع الإرهابيين، فان الرادع الأكبر وعلى المدى البعيد هو احترام حقوق الإنسان وعدم الاعتداء عليها. وقد تميز المؤتمر الدولي الذي رعاه عنان في مطلع هذا الشهر في مدريد بأنه ركز كثيرا على تطوير الديمقراطية ودعم مؤسسات المجتمع المدني لممارسة أدوارها بصورة سلمية، واعتبر أن ذلك هو الوسيلة الأفضل لطرح البديل العملي على المجتمعات بحيث يتحول من يلجأ إلى الإرهاب إلى شخص أو جماعة ممقوتة.

المشكلة في مقترح القانون هي المطاطية في النصوص، والصلاحيات غير المحدودة لجهات قد لا تخضع للشفافية في أساليبها. ومثلا فإن المادة الـ "10" التي تنص على "يعاقب بالحبس وبالغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من استغل الدين أو دور العبادة أو الأماكن العامة أو المناسبات الدينية في بث دعايات مثيرة أو أفكار متطرفة أو رفع لافتات أو وضع رسوم أو ملصقات أو صور أو شعارات أو رموز من شأنها إثارة الفتنة أو التحقير من الأديان السماوية أو رموزها أو الطوائف المنتمية إليها أو الإضرار بالوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعي أو اضطراب الأمن أو النظام العام". هذه واحدة من المواد التي ستختلف الأجهزة التنفيذية والرقابية والقضائية في تفسيرها وتطبيقها. فمن هو الذي سيحدد ما إذا كان هذا الأمر أو ذاك يدخل في دائرة الإرهاب، وبالتالي يتم تسليط مواد القانون عليه؟

كذلك، فإن المواد التي تتحدث عن الصلاحيات الممنوحة لتعقب المتهمين بالإرهاب فيها من المطاطية والغموض ما قد يؤدي إلى الإضرار بالمبدأ الخامس الذي أعلنه كوفي عنان. ينبغي علينا جميعا ان نكافح الإرهاب ونساند الدولة في هذا المجال، ولكن ينبغي علينا أيضا الدفاع عن حقوق الإنسان

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 932 - الجمعة 25 مارس 2005م الموافق 14 صفر 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً