العدد 943 - الثلثاء 05 أبريل 2005م الموافق 25 صفر 1426هـ

مزارع شبعا... وهويتها

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

الخلاف على توضيح هوية "مزارع شبعا" المحتلة هو من النماذج الحية على العلاقات الملتبسة السورية - اللبنانية. فمنذ انسحاب "إسرائيل" في العام 2000 تحت ضربات المقاومة "حزب الله" وتنفيذا للقرار الدولي 425 أثيرت مسألة المزارع وحتى الآن لم تتوصل القوى المعنية بالموضوع إلى تحديد هويتها النهائية. حزب الله يقول إن المزارع لبنانية وبالتالي فإن مقاومته للاحتلال لاتزال مستمرة لأن "إسرائيل" لم تنفذ بالكامل شروط القرار الدولي. "إسرائيل" تدعي أن المزارع سورية ولا ينطبق عليها القرار .425 فهي احتلتها في العام 1967 وليس في العامين 1978 أو .1982 وحين احتلتها كانت توجد فيها قوات سورية وبالتالي فإن التفاوض عليها يتم مع دمشق تحت سقف القرار الدولي .242 الأمم المتحدة تقول إن المزارع سورية بحسب ما تشير اليه الوثائق المودعة عندها وبالتالي تعتبر "إسرائيل" انها نفذت من جانبها الانسحاب الشامل من الأراضي اللبنانية وبالتالي لا يجوز تنفيذ عمليات عسكرية ضدها لأن هذا الأمر يخالف الشرعية الدولية. لبنان يقول إن المزارع لبنانية وهو يملك ما يكفي من صكوك وأوراق رسمية تثبت ملكية تلك الأراضي. كذلك يملك الكثير من المعاملات الرسمية التي تؤكد أن خراج مزارع شبعا "ضرائب عوائد، فواتير كهرباء ومياه" كان يعود إلى الحكومة اللبنانية. وبناء عليه يطالب لبنان الأمم المتحدة بإعادة المزارع والا فإن المقاومة ستستمر حتى تنسحب "إسرائيل" منها تنفيذا للقرار الدولي. هذا الاختلاف على توضيح هوية المزارع هدد مرارا بانهيار الهدنة وكاد في أكثر من مناسبة أن يؤدي إلى اندلاع الحرب أو تجدد المعارك لولا تدخل الأمم المتحدة وضبطها للحدود الفاصلة بين البلدين. حتى الآن لاتزال المشكلة قائمة. لبنان يؤكد رسميا وشعبيا وسياسيا ان المزارع لبنانية. "إسرائيل" تدعي انها سورية ولا ينطبق عليها القرار .425 الأمم المتحدة تؤيد ادعاء "إسرائيل" وتضغط على لبنان لوقف مطالبته بها كذلك تهدد حزب الله بأن أي عمل عسكري يخالف الشرعية الدولية، ربما يعطي المبررات لـ "إسرائيل" بالرد واختراق الحدود وإعادة الاحتلال "كما يحصل في الضفة الغربية". حتى الآن لم تتوضح ملابسات هوية المزارع. فالأمم المتحدة تطالب الحكومة بأن تأتي بموافقة سورية واضحة تؤكد وجهة نظر لبنان حتى تقوم بإجراء الترتيبات اللازمة ونقل ملكية المزارع من الملف السوري "القرار 242" إلى الملف اللبناني "القرار 425" وبالتالي ستفعل ما تستطيع لرد المزارع إلى لبنان من خلال التفاوض مع "إسرائيل". وهذا يعني في حال وافقت سورية على لبنانية المزارع أنه يحق لحزب الله ان يواصل مقاومته العسكرية وتحت سقف الشرعية الدولية لاسترداد الأراضي المحتلة. المسألة اذا واضحة من الجهات الثلاث، وبقي على الجهة الرابعة "دمشق" ان توضح موقفها وتدلي برأي قاطع في الموضوع حتى تنجلي الملابسات وتأخذ المشكلة مسارها المنطقي "استردادها بالقوة أو بالتفاوض". حتى الآن لم يحصل لبنان على رد واضح من الحكومة السورية. فالكلام الذي يقال رسميا وعلنا ان المزارع لبنانية، الا ان دمشق لم تؤكد كلامها بوثائق رسمية تعلن تخليها عن تلك المزارع ونقل ملكيتها من الجانب السوري إلى اللبناني. فالكلام الرسمي الذي يطلق في تصريحات ومؤتمرات صحافية وبيانات لا يلزم الأمم المتحدة ولا يعطيها الحق في اعتماد ما يقال "وثيقة رسمية" تخول الأمم المتحدة تغيير معالم الحدود الدولية. المسألة إذا ليست بسيطة ومشكلة هوية المزارع لم تتوضح صورتها حتى بعد زيارة الموفد الدولي للأمم المتحدة تيري رود لارسن. فالأخير قال في مؤتمر صحافي في دمشق ووزير الخارجية السوري إلى جانبه إن المزارع سورية ولم يصحح فاروق الشرع كلامه. وحين حاء إلى بيروت أكد لارسن أن المزارع لا تقع ضمن خطوط القرار 425 وأن "إسرائيل" نفذت ما هو عليها فرد عليه وزير الخارجية محمود حمود بأن المزارع لبنانية وأن الخط الأزرق ليس بديلا عن خطوط الهدنة. المشكلة إذا كبيرة وربما تستدرج لبنان إلى حرب اقليمية محدودة مع "إسرائيل" في حال لم تتوضح هوية المزارع وتعطي سورية جوابها الرسمي المعزز بالخرائط حتى لاتأخذ الأمم المتحدة بالكلام الشفهي الذي يقال هنا وهناك. الخلاف على هوية المزارع ليس مهما بذاته. فالمسئولية في النهاية تقع على جنرالات فرنسا وبريطانيا الذين رسموا الحدود الدولية بين سورية ولبنان وفلسطين بعد الحرب العالمية الأولـى. الا ان أهمية الخلاف تكشف تلك العلاقات الملتبسة السورية - اللبنانية. وهذا الالتباس طغى على الكثير من الأمور والنواحي وهو ما ادى إلى ما نشهده اليوم من تداعيات سلبية بين البدين

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 943 - الثلثاء 05 أبريل 2005م الموافق 25 صفر 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً