العدد 950 - الثلثاء 12 أبريل 2005م الموافق 03 ربيع الاول 1426هـ

"واتخذنا من الإسلام دينا"!

عبير إبراهيم abeer.ahmed [at] alwasatnews.com

حل زائرا على البحرين، ولم تمر مدة طويلة على إشهاره لإسلامه. .. سمع عنها وعن طيبة أهلها... وكان قد قرأ عنها في الكتب للتعرف أكثر على معالمها وخصالها، دستورها ومواثيقها... والذي ركز في ذهنه أكثر من أي شيء أن البحرين بلد عربي يتخذ اللغة العربية لغة رسمية له، وهو إسلامي يتخذ من الإسلام دينا أساسيا له وإن تعددت أديان أهله أو اختلفت مذاهبهم، وفوق ذلك فهو يستمد قوانينه وتشريعاته مما جاء في كتاب الله عز وجل وسنة نبيه الكريم "ص".

زائرنا ذاك كان له من الأصحاب قلة في البحرين، ممن هم على خلق ودين... في زيارته القصيرة اصطحبوه ذات يوم إلى مستشفى السلمانية لزيارة أحد أصحابه الآخرين الذي تعرض لوعكة صحية شديدة ألزمته السرير الأبيض في ذلك "المستشفى العريق الذي يعتبر معلما من معالم البحرين الحضارية وغير الحضارية"، وكم فرح لهذه الزيارة ليس لشيء إنما لما لمسه من التزام من أهل البحرين بأداء الواجب "زيارة المرضى"، وهذا ما يدل عليه العدد المهول من الزائرين الذين احتلوا موقف السيارات داخل المستشفى وخارجها وتزاحموا عند المصعدين حتى استسلم الكثيرون منهم للسلالم... المهم أن صاحبنا أدى الواجب الذي عليه وكان أن صادف ارتفاع أذان الله لحظة الزيارة تلك فاستفسر من أصحابه عما إذا كان هناك مكان مخصص للصلاة في هذا "المستشفى الأممي"...فلمح على وجه أصحابه شيئا من الخجل وكل منهم ينظر إلى الآخر وكأن الاستفسار ذاك حل مصيبة على رؤوسهم... وأخيرا بادر أحدهم بالإجابة: طبعا يوجد مكان لذلك، "فنحن بلد إسلامي"... بداية اشمئز صاحبنا من وضعية دورات المياه ولكنه استسلم للأمر الواقع فهو لم يرد إحراج أصحابه والتمس العذر لهذه الوضعية بالأمم التي تؤم هذا الصرح العظيم كل يوم!

لكن المفاجأة الكبرى حينما توجه به أصحابه إلى أسفل أحد السلالم بدلا من "المصلى" وقبل أن ينطق ببنت شفة بادره أصحابه بالقول: "المكان الوحيد المخصص للصلاة هو هذه الغرفة "التي يبدو أنها صغيرة جدا لا تليق بالعدد الزائر كل يوم" وهي خاضعة للصيانة منذ ما يربو على السنة والنصف"!... فقال في عقل باله ربما هناك مخطط لتحويل هذه الغرفة الصغيرة إلى مسجد كبير متكامل يستوعب آلاف المصلين! ولما لا؟ فنحن في بلد إسلامي!

في اليوم التالي اصطحبه أصحابه إلى أحد المجمعات التجارية الكبرى، التي باتت هي أيضا أحد معالم البحرين العريقة التي يؤمها الناس كل يوم وبالآلاف حتى تخال أن أساسها سيقع ذات يوم لزيادة حمولته على مقدار استيعابه! وأيضا حل وقت الصلاة فتوجه هو وأصحابه للوضوء... الحمد لله فدورات المياه والمصلى وإن كان صغيرا مهيئان لأن يؤديا الغرض الذي بنيا لأجله... ولكن مهلا إذ يبدو أن هناك لبسا ما، فما نسمعه خليط من "الأذان والأغاني"!... بالله عليكم هل حان موعد الصلاة أم هي دعوة لحفلة غنائية؟!... وما علمه صاحبنا من زيارة له مسبقة لدورة المياه تلك أن الموسيقى لا تفارقها أبدا وهي موصولة بالموسيقى التي تعج في المجمع ككل، أو هي مفصولة عن المحال التي لا يروق لها إلا سماع أغاني الروك و"الهشك بشك" حتى في وقت الأذان وكأنها في حرب معه لابد فيها من أن تطغى بصوتها الصاخب على صوته "الخجول" أصلا!... قال صاحبنا على مضض: لعلها غفوة - وإن طال أمدها بحسب أصحابه- وسيتنبه إليها بعد قليل من الوقت... فنحن في بلد إسلامي!

ذات يوم رأى صاحبنا أحد أصحابه الجامعيين يصلي في وقت ليس بوقت صلاة، فاستفسر منه ظنا من أنها صلاة مستحبة يرتجي بها ذلك الصاحب قربا ومغفرة من الخالق سبحانه وتعالى وهو - أي صاحبنا - لم يتعلمها بعد... لكن الجواب كان: في الجامعة مسجد متكامل للصلاة، ولكن ليس أي فرد يستطيع أن يصلي فيه نظرا إلى بعده عن بعض المباني ولكون الوقت الفاصل بين المحاضرة والأخرى لا يتعدى ربع ساعة "في المسائي" هذا إذا لم يقتطع الأستاذ منها خمس دقائق أو أكثر، وهنا تتعذر عليك الصلاة، ويبدو أن موازنة الجامعة أو عدد طلبتها لا يسمحان بتخصيص قاعة واحدة للصلاة في كل مبنى وخصوصا المباني البعيدة عن المسجد! ومن هنا لا عليك إلا أن تصلي أسفل السلم أو في قاعة المحاضرة قبل حضور المحاضر التالي والطلبة "وإن كان يسبب التذمر لدى الطلبة فكان الله في عون الطالبات كيف يستطعن ذلك وسط مزاحمة الطلبة الذكور" أو أن تؤخر صلاتك إلى حين زوال وقت الصلاة أصلا، ولا أعلم أيها أكثر قبولا عند الله"!... فما كان من صاحبنا إلا وقف على طوله وزمجر: بالله عليكم يا أصحاب هل نحن في بلد إسلامي؟!

ملاحظة: إن كانت شخوص هذه القصة من نسج الخيال، فإن وقائعها حقيقة يلمسها كل زائر للأماكن التي ذكرت، ولمن أراد التثبت من الأمر فعليه بزيارة واحدة لأحد تلك "المعالم" التي ذكرت "كمثال" وغيرها من الأماكن... وعندها ليجبني: هل نحن فعلا في بلد إسلامي اتخذ أهله من الإسلام دينا؟

إقرأ أيضا لـ "عبير إبراهيم"

العدد 950 - الثلثاء 12 أبريل 2005م الموافق 03 ربيع الاول 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً