العدد 951 - الأربعاء 13 أبريل 2005م الموافق 04 ربيع الاول 1426هـ

بولتون سفيرا بالأمم المتحدة... ذئب في قن الدجاج!

صوت واحد كان كفيلا بإسقاطه من الترشيح

محمد دلبح comments [at] alwasatnews.com

.

واجه جون بولتون استجوابا قاسيا من أعضاء لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الاثنين الماضي في جلسة استماع للنظر في التصديق على ترشيح الرئيس الأميركي جورج بوش له سفيرا للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة. وتعهد بالعمل على إنجاح منظمة الأمم المتحدة، التي "تقدم لنا فرصة لدفع سياستنا إلى الأمام كما تمنحنا وحدة الهدف". وقال جو بيدن، أحد الديمقراطيين الذين كانوا يعارضون ترشيحه: "بصراحة أنا مندهش من أن المرشح يرغب في ذلك المنصب بعد كل الأمور السلبية التي قالها عن المنظمة الدولية".

وحدث ما توقعه خبراء ومسئولون سابقون من إن بولتون الذي يتولى منصب وكيل وزارة الخارجية لشئون ضبط التسلح سيواجه أسئلة ساخنة من أعضاء اللجنة الديمقراطيين الذين لا يرغبون في تعيينه نظرا لمعتقداته المتطرفة وإيمانه بسياسة العمل أحادية الجانب ومواقفه المعلنة المعروفة المناهضة للمنظمة الدولية كهيئة تقوم في أسسها على العمل متعدد الأطراف، إذ قال في خطاب له في الرابع من فبراير/ شباط 1994 إنه إذا فقد مبنى الأمم المتحدة في نيويورك عشرة طوابق فسيكون ذلك أفضل بكثير. كما أن بولتون هو أحد المحافظين الجدد الأكثر بروزا في حكومة بوش ولا يعرف عنه أي كلام معتدل بل هو قاس في تصريحاته.

فقبل عامين في سيئول، وعشية محادثات الدول الست بشأن برنامج كوريا الشمالية النووي ندد بولتون بالزعيم الكوري الشمالي كيم إيل جونغ ووصفه بـ "دكتاتور طاغية". وقال بولتون "إنه في الوقت الذي يعيش فيه حياة ملكية في بيونغ يانغ فإنه يبقي مئات الآلاف من الناس في معسكرات سجون وتعيش الملايين في فقر مدقع، وحياة الكثيرين في كوريا الشمالية كابوس جهنمي". وردت الحكومة الكورية الشمالية على ذلك بوصف بولتون بأنه "من حثالة البشر" ورفضت قبوله كعضو في الفريق الأميركي المفاوض.

وعلى رغم الأكثرية الجمهورية في لجنة العلاقات الخارجية، إلا أن للتصديق على ترشيح بولتون ليس مؤكدا. وستشمل جلسات الاستماع شهادات متنافسة لمسئولين سابقين بوزارة الخارجية يعارضون الترشيح، ومسئولين حاليين يؤيدون بولتون ضد تهم بإساءة استخدام معلومات استخبارية ضد كوبا والعراق ودول أخرى. وأيضا معارضته لمعاهدات رئيسية لضبط الأسلحة.

وقال نائب الرئيس التنفيذي لمنظمة "مواطنون من أجل حلول عالمية" دون كروس في مقابلة خاصة معنا بواشنطن إن ترشيح بولتون هو رسالة إلى العالم بأن حكومة بوش جادة في عملية إصلاح الأمم المتحدة ولكنها تتطلع إلى نوع من الإصلاح أحادي الجانب للغاية من شأنه أن يدعم أهداف الأمم المتحدة وفق رؤية حكومة بوش غير الراغبة في العمل مع دول أخرى لخلق نظام أكثر فعالية في الأمم المتحدة.

وأضاف أن بولتون يقول علانية إنه لا يوجد في الأمم المتحدة شيء اسمه اتفاقات متعددة الأطراف يجب الاعتراف بها كقانون، إنه لا يؤمن بنظام يقوم على أساس متعدد الأطراف كما تمثله الأمم المتحدة، وإن تعيين بولتون في الأمم المتحدة هو كمن يضع الثعلب في قن الدجاج.

ولكن أكثر الشهادات تأثيرا يمكن أن تأتي من الرئيس السابق لمكتب الاستخبارات والدراسات بوزارة الخارجية كارل فورد الذي ينتظر أن يبلغ لجنة العلاقات الخارجية أن بولتون شوه معلومات استخبارية لدعم وجهات نظر حكومة بوش بشأن العراق وقضايا أخرى.

ويقوم محققون في الكونغرس بالتحقيق فيما يقال عن زيارة قام بها بولتون إلى مقر وكالة المخابرات المركزية الأميركية "سي آي إيه" في العام 2002 ليطلب إزاحة محلل استخباري كبير اختلف معه بشأن قدرات كوبا في أسلحة الحرب البيولوجية. وندد مسئولون استخباريون حاليون وسابقون بتلك الزيارة وقالوا إنها هددت بتقويض موضوعية الأحكام الاستخبارية بإرسال رسالة بأن المحللين الذين لا يقولون لصناع السياسة ما يريدون سماعه سيعاقبون.

ومما يذكر أن حياد الأحكام الاستخبارية تظل قضية مثارة في الولايات المتحدة بسبب تأكيدات من بعض أعضاء الكونغرس بأن المحللين تعرضوا لضغوط لتقديم تقييمات بشأن العراق تؤيد قضية بوش للحرب، ولكن تبين أنها خاطئة.

وقد خرج الناطق باسم الخارجية ريتشارد باوتشر عن المسلك المعتاد بعدم الانحياز إلى جانب في الأمور الحزبية ليقول يوم الخميس الماضي إن حكومة بوش ترى أنه لا يوجد أساس لإثارة الشكوك حول ترشيح بولتون. وقال باوتشر إن لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ تفحصت بالكامل ادعاءات مماثلة ضد بولتون قبل عامين ورفضتها. وأضاف ان الوزارة مستعدة لتقديم وثائق وشهادات من مسئولين حاليين اليوم لدعم دفاع بولتون عن سجله كوكيل لوزارة الخارجية.

وتضم لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ عشرة جمهوريين بمن فيهم رئيسها ريتشارد لوغر، وثمانية ديمقراطيين ولكن إذا تم إقناع جمهوري واحد للانضمام إلى الديمقراطيين في معارضة بولتون في تعادل للأصوات فإن الترشيح لن يذهب إلى مجلس الشيوخ، ومن المحتمل أن يعرقل. ويركز الديمقراطيون ومنتقدو التعيين جهودهم على إقناع العضو الجمهوري المعتدل عن ولاية رود آيلاند، لينكولن تشافي الذي قال ناطق باسمه إنه لم يتخذ بعد قرارا ولكنه يميل إلى تأييد بولتون.

ويذكر أن بولتون كان قد تم التصديق عليه قبل أربع سنوات كوكيل لوزارة الخارجية بتصويت اتخذ طابعا حزبيا إذ صوت لصالحه الأعضاء الجمهوريون في لجنة العلاقات الخارجية فيما صوت الديمقراطيون ضده.

وفي الأسبوع الماضي أصدرت مجموعة من 59 من كبار الدبلوماسيين والمسئولين الأميركيين السابقين بيانا حثوا فيه اللجنة على رفض ترشيح بولتون. وقد وجه خلال الأسبوع الماضي أيضا بيان من 65 مسئولا أميركيا سابقا من الجمهوريين يدعمون بولتون. كما أن خمسة وزراء خارجية سابقين في حكومات جمهورية صدقوا على ترشيحه، ولكن لم يكن من بينهم كولن باول الذي كان المسئول المباشر عن بولتون خلال السنوات الأربع الماضية. ويذكر أن بولتون قد عين آنذاك بدعم من نائب الرئيس ديك تشيني على عكس رغبة باول.

ويقول معارضو بولتون إن إجماع الآراء وليس المجابهة هو ما تحتاجه الأسرة الدولية في الأمم المتحدة. ووصفت العضوة الديمقراطية البارزة في مجلس الشيوخ باربرا بوكسر ترشيح بولتون بأنه متطرف.

ويقول الخبير في شئون الأمن الدولي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، ريك بارتون في تصريح لمراسل "الوسط" إن ترشيح بوش لبولتون يبعث رسالة مربكة إلى العالم، "فمن غير الواضح ما إذا كان بولتون يؤمن في القيمة الجوهرية للأمم المتحدة. وقد جاء ترشيحه مباشرة بعد قيام الرئيس بجولة في أوروبا لكي يقترح بصورة خاصة بأننا غير مهتمين في الأسلوب الأحادي الجانب في السياسة الخارجية، ولذلك فإن الأمر متناقض بعض الشيء"

العدد 951 - الأربعاء 13 أبريل 2005م الموافق 04 ربيع الاول 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً