العدد 961 - السبت 23 أبريل 2005م الموافق 14 ربيع الاول 1426هـ

"الإخوان" والمؤسسة الدينية

يوسف البنخليل comments [at] alwasatnews.com

شواهد تاريخية عدة تشير إلى وجود علاقة خاصة بين تيار الإخوان المسلمين في البحرين وعلماء وشيوخ الدين. ويمكن من خلال هذه العلاقة تحليل المواقف المختلفة للتيار، وخصوصا تجاه المؤسسة الدينية وارتباطه بها طوال التاريخ التنظيمي الحافل الذي يمتد إلى أكثر من ستة عقود.

من أبرز المحطات اللافتة بشأن علاقة تنظيم الإخوان بعلماء وشيوخ الدين ما حدث خلال يناير/ كانون الثاني من العام 1976 عندما ناقش مجلس إدارة تنظيم التيار مسألة استضافة الدعاة من الدول الأخرى إلى البحرين لإلقاء المحاضرات والندوات المختلفة، وقرر الاكتفاء بالزيارات المتفرقة للدعاة السعوديين بعد أن قام بتكليف عبدالرحمن الجودر ومبارك الخاطر - رحمهما الله - بإعداد تقرير بشأن الموضوع. وبعد هذا التكليف صدر تقرير في ضوء الزيارة التي قام بها الجودر للرياض لمقابلة عدد من المسئولين السعوديين، إذ حصل التنظيم على دعم سعودي بالموافقة على إرسال الدعاة والمحاضرين في المناسبات الدينية ولتحفيظ القرآن.

أما المحطة الثانية فهي عقد الثمانينات من القرن الماضي الذي كان أكثر نشاطا في انشغال التنظيم باستضافة كبار العلماء وشيوخ الدين. فقد زخر هذا العقد بجملة من الاستضافات المهمة أبرزها استضافة الشيخ عبدالمجيد الزنداني، علي جريشة، وبدايات استضافة الشيخ يوسف القرضاوي، الشيخ مناع القطان، الشيخ يوسف السند وغيرهم. ولم تختلف الأوضاع في التسعينات عن العقد الذي سبقه من حيث حجم وطبيعة الاستضافات.

ومن خلال العرض السابق والمختصر لطبيعة الفعاليات التي حدثت، وتتبعها تاريخيا نجد أنه لم يكن هناك أدنى توجه لدى تيار الإخوان نحو إنشاء مرجعية دينية محلية تكون بمثابة المؤسسة المعنية بإرشاد قواعد التيار في مختلف النواحي الدينية والدنيوية، كما هي الحال بالنسبة لبعض التيارات الإسلامية السياسية الشيعية. والدليل على ذلك أن التيار لم يحرص في فترة ما على تبني أحد علماء أو شيوخ الدين - باستثناء استضافة أحد العلماء المصريين خلال فترة التسعينات لأغراض الدعوة والإرشاد فقط - بل دأب باستمرار على الاستضافة المتكررة لبعض الشخصيات لفترات قصيرة ومحدودة من دون أن توصم بعض الشخصيات بأنها تابعة لتيار الإخوان.

واليوم وبعد مرور أكثر من ستين عاما على تأسيس تيار الإخوان في البحرين يبدو أن هناك توجها لدى بعض أطياف التيار لتأسيس أول مرجعية دينية لتيار الإخوان المسلمين في البحرين من خلال دعم استضافة إحدى النخب المحلية لشيخ دين عربي قدم مهاجرا من أحد البلدان الغربية حديثا، وأعدت له سلسلة برامج طويلة من المحاضرات والندوات من أقصى شمال البحرين إلى أدنى جنوبها.

ما يميز هذه الشخصية حضورها الشعبي، وقبولها الواسع لدى عموم الناس، إلا أن القضية الأهم هو أن الأطياف التي تروج لهذه الشخصية وتدعمها في البحرين من الملاحظ أنها لا تدرك حجم البون الشاسع بين أفكار تيار الإخوان ومعتقداته وثوابته من جهة، وبين أفكار هذا الشيخ الذي أصبح يقدم اطروحاته السلفية والمتحفظة على كثير من القضايا والموضوعات المحسومة سلفا لدى تيار الإخوان من جهة أخرى.

إن أهمية طرح هذا الموضوع تكمن في إمكان تأسيس مؤسسة دينية بشكل غير مقصود لتيار الإخوان في البحرين، تقوم على شئونها شخصية لا تتقاطع فكريا مع توجه التيار برمته. وأعتقد أنه من المناسب وضع حد لهذا الإشكال المتفاقم في الوقت الراهن، لأنه إذا لم توضع الأمور في نصابها من قبل قيادات التيار الواعية بخطورة هذا الأمر، فإن الناس وربما قواعد التيار قد تقوم بشرعنة وجود هذه الشخصية لتكون المرجعية الدينية للتيار بشكل غير مقصود كما هو جار حاليا

العدد 961 - السبت 23 أبريل 2005م الموافق 14 ربيع الاول 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً