أبدى نواب وحقوقيون تفاؤلهم بشأن إحالة مشروع قانون بالموافقة على الانضمام إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية إلى المجلس الوطني، معتبرين أن ذلك من شأنه ان يكون خطوة إيجابية تجاه العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي بحث المجلس مشروعا بقانون للموافقة عليه، وكلف دائرة الشئون القانونية بإعداد الرأي القانوني بشأن بعض المواد الواردة فيه. جاء ذلك في الوقت الذي أكدوا فيه أنه لا مناص من توقيع العهد وخصوصا في الوقت الحالي بعد اجتماع جنيف الذي طالب البحرين بالإجابة على الكثير من الأسئلة نظرا إلى انعدام الشفافية في هذا الجانب.
في حين أكدوا أيضا أن الانضمام إلى العهد الأول خطوة متقدمة جدا من شأنها أن تساعد البحرين كثيرا، وخصوصا فيما يتعلق بالمشاركة في الاتفاقات الدولية الاقتصادية والتجارية.
بعد إحالة أحدهما إلى "النواب" وتشاور "قانونية مجلس الوزراء" بشأن الآخر
نواب وحقوقيون يرحبون بالانضمام إلى "العهد الاقتصادي" ويدعون إلى الخطوة ذاتها لـ "السياسي"
الوسط - أماني المسقطي
أثنى نواب وحقوقيون على الخطوة الايجابية التي اتخذها مجلس الوزراء بإحالة مشروع قانون بالموافقة على الانضمام إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى مجلسي الشورى والنواب، داعين إلى القيام بالخطوة ذاتها فيما يتعلق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي بحث المجلس مشروع بقانون الموافقة عليه، وكلف دائرة الشئون القانونية بإعداد الرأي القانوني بشأن بعض المواد الواردة فيه ومدى مواءمتها لما هو معمول به في المملكة من أنظمة وقوانين.
وفي حين يهدف العهد الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية إلى منح الشعوب حق تقرير مصيرها ومركزها السياسي والسعي لتحقيق نمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والتصرف في ثرواتها ومواردها الطبيعية، فإن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة، يرمي إلى منح الشعوب حق تقرير مصيرها والتصرف الحر في ثرواتها وأن تتعهد الدول بكفالة الحقوق لجميع الأفراد دون تمييز بينهم.
وفي هذا الصدد، اعتبر النائب فريد غازي الخطوة التي قامت بها مملكة البحرين بالموافقة على الانضمام إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية خطوة في الاتجاه الصحيح لاقرار مزيد من الحقوق للمواطنين وضمانة عدم تجاوزها من قبل السلطة المختصة، لافتا إلى أن المملكة تسلك توجها ايجابيا فيما يتعلق بكل المواثيق والمعاهدات الدولية التي تعنى بهذا الجانب، مشيرا إلى أنه وان أتت هذه الخطوة متأخرة نوعا ما، إلا أنها جاءت بنتيجة ايجابية لكل ما ناقشه المجتمع المدني في مملكة البحرين طوال الأعوام الثلاثة الماضية، وأنه أمام التزام المملكة بالديمقراطية واحترام حقوق الانسان الدولي، فإنه لم يكن لها بدا من أن توقع هذه المواثيق والمعاهدات.
وقال: "نأمل في المستقبل القريب أن تستكمل التشريعات المحلية أيضا في هذا الاتجاه لتتوافق مع التزامات المملكة دوليا، فالعهدان الدوليان يمثلان اتجاها واحدا، فإذا لم تلتزم المملكة بالتوقيع على الشق الثاني من العهدين بعد، فإننا على ثقة بأنها ستلتزم في نهاية الطريق بكل ما جاء في المواثيق الدولية في هذا الاتجاه"، معتبرا أنه لا يجوز الجزم في الوقت الجاري بالأسباب التي دفعت الحكومة إلى عدم الموافقة على العهد الثاني.
وأوضح غازي أن مضمون العهدين يفرض احترام حقوق الانسان، واحترام كل الاثنيات في مملكة البحرين، مؤكدا أن ما يأتي في وثيقة العهدين لا يختلف مع ما يمارس ويطبق في المملكة، وإن كل ما تحتاجه هو تعزيز دولي في هذا الاتجاه فقط.
فيما ذكر الأمين العام للجمعية البحرينية لحقوق الانسان سلمان كمال الدين، ان جمعيته تنظر إلى هذا التطور، بالشروع في التوقيع على العهد الدولي الأول نظرة ايجابية، معتبرا إياه مؤشر ايجابي، وأن الأكثر تطورا نحو الايجابية هو العهد الدولي الآخر، المعني بالحقوق السياسية والمدنية. مبينا أن ذلك من شأنه أن يكون علامة مضيئة في مملكة البحرين.
وأكد أن التوقيع على العهدين، من شأنه أن يرفع العبء والتكليف المحرج للمشرعين الذين ما فتئوا يبتكرون القوانين التي تتناقض مع مبادئ حقوق الانسان وميثاق العمل الوطني ودستور مملكة البحرين، وأنه سيعطي زخما جديدا لسلطة التشريع بأن تعيد النظر بشأن القوانين السابقة كافة أو التي صدرت في السابق والتي تتعارض مع قيم ومبادئ حقوق الانسان، معربا عن أمل جمعيته بأن تكون المملكة سباقة باختيارها وقناعاتها في تفعيل دور التشريعات والقوانين المتحضرة قبل أن تفرض عليها أجندة من الخارج لا فكاك من القبول بها.
أما بشأن رده فيما يتعلق بالأسباب التي حالت دون الموافقة على الانضمام للعهدين في آن واحد، فأشار إلى أن ذلك السؤال موجه للحكومة المسئولة بالدرجة الأولى بالاجابة عليه، آملا في الوقت ذاته بأن تعجل الحكومة باتخاذ قرار ايجابي في هذا الشأن، وعدم تهاونها في مسألة تفعيل القوانين المتعلقة بحقوق الانسان وخصوصا أنها مدركة لحجم الضغوطات الدولية في هذا الشأن.
ومن جانبه، أكد النائب عبدالنبي سلمان أن الانضمام للعهد الأول خطوة متقدمة جدا ومن شأنها أن تساعد البحرين كثيرا، خصوصا فيما يتعلق بالمشاركة في الاتفاقات الدولية الاقتصادية والتجارية، إضافة إلى كونها سندا للبحرين في المحافل الدولية، إلا أنه أكد في الوقت ذاته الحاجة الملحة إلى أن تسارع البحرين بالتصديق على العهد الثاني، نظرا إلى أهمية الجانبين المدني والسياسي أيضا اللذين لا يقلان بل يتساويان وربما يزيدان على الجوانب التي أكد عليها العهد الأول، مرجعا أسباب هذه الحاجة إلى أن الدول التي تتجه للديمقراطية بدأت في أن تحذو هذا الحذو، على اعتبار أنها تأتي ضمن شروط تطوير أسس ووسائل الديمقراطية عبر التصديق على هذا النوع من المعاهدات.
وقال: "لا توجد مبررات قوية لامتناع البحرين عن الانضمام للعهد الثاني، خصوصا بعد مؤتمر جنيف الذي أحرجت فيه بكل أسف في مسألة التمييز، وتطلب من البحرين اليوم أن تجيب على الكثير من الأسئلة نظرا إلى انعدام الشفافية في هذا الجانب". مشيرا إلى أنه إذا كان من المفترض على البحرين ان تستجيب للمطالب الدولية فمن الأجدى بها بدء العمل عليه سريعا بدل التمطيط فيه، خصوصا بعد مضي أكثر من عام منذ أن طرحت مسألة اقراره.
ينتظر تحويله إلى اللجنة التشريعية خلال الأيام القلية المقبلة وإحالته إلى مجلس النواب لدراسته
ويشكل العهدان الدوليان أول معاهدتين دوليتين شاملتين وملزمتين قانونا في ميدان حقوق الإنسان، ويؤلفان مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، أساس القانون الدولي. وجاء إقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة لكل من العهدين بعد قرابة 20 عاما من صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، في العام 1966 وقد بدأ نفاذهما في العام .1976
ولا يكتفي العهدان بحفظ "الحقوق الأساسية"، بل لهما "قوة إلزامية" إذ تنص المادة "2" من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أن "تتعهد كل دولة طرف باحترام الحقوق المعترف بها، وبكفالة هذه الحقوق لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها". كما "تتعهد كل دولة طرف، إذا كانت تدابيرها التشريعية أو غير التشريعية القائمة لا تكفل فعلا أعمال الحقوق المعترف بها في هذا العهد، بأن تتخذ طبقا لإجراءاتها الدستورية ولأحكام هذا العهد ما يكون ضروريا لهذه الأعمال من تدابير تشريعية أو غير تشريعية".
ويعتبر العهدان دستورا دوليا شاملا يتضمن حقوق وواجبات الدول تجاه الإنسان عموما، والمواطن خصوصا، كما تضمنت الحقوق المستوى الدولي المعاصر، وتم صوغ الوثيقتين وتكييفهما لتتماشيا مع السياسة الدولية، فهما وجدا كأداة تنظيم، وتوجيه لأنظمة الحكم والدول في التعامل مع الإنسان والمواطن بما يحقق النماء السياسي، ما يؤدي إلى استقرار الدول مع شعوبها، فإذا ما تم احترام حقوق الإنسان، بجميع جوانبها، في جميع الدول، فلن تكون هناك منازعات أو ثورات أو معارضات.
وقيام المملكة بالتوقيع على هاتين الوثيقتين، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، بالتصديق عليهما، من خلال البرلمان والملك، يجعلهما وثيقتين تشريعيتين، كما تستدعي الضرورة القيام بتعديل وتطوير القوانين الوطنية لإزالة أي تعارض بينها وبين أي تشريع محلي
العدد 963 - الإثنين 25 أبريل 2005م الموافق 16 ربيع الاول 1426هـ