العدد 973 - الخميس 05 مايو 2005م الموافق 26 ربيع الاول 1426هـ

ميلاد النور... سيرة تتجدد

ولد خاتم الأنبياء محمد "ص" في مكة في بيته، عند طلوع الفجر من يوم الجمعة في عام الفيل، وفي هذا اليوم الشريف أيضا، في سنة ثلاث وثمانين، ولد الإمام جعفر الصادق "ع"، فزاده فضلا وشرفا، فهذا اليوم يوم شريف جدا.

لقد عانى رسول الله الأمرين من قريش، عندما حاول تبليغ رسالة الإسلام وتوجيه الناس نحو الله سبحانه وتعالى، وحاولوا قتله "ص" عدة مرات، وأبرزها عندما وفد قسم من أهل يثرب على النبي، وأسلموا وعادوا لديارهم يبشرون بالدين الحنيف، وتعاهدوا وتعاقدوا على نصرة الرسول والدفاع عنه.

وتناهى الخبر إلى زعماء مكة وشيوخها، حتى اعتملت في نفوسهم الهواجس والأفكار والأحقاد، فالرسول "ص" إن هاجر إلى المدينة سيصبح سيدا وزعيما وربما يهدد طريق قوافلهم التجارية التي تمر عليه، فقرروا قتل الرسول، فاختار المتآمرون من كل قبيلة رجلا قويا، ليضربوا الرسول ويقتلوه، فيضيع دمه بين قبائل قريش وبطونها، فلا يجرؤ بنوهاشم على المطالبة بدمه. وهنا يقر الرسول على الهجرة إلى يثرب فيتوجه ليلا، بعد أن يطلب من الإمام علي "ع" أن يبيت في فراشه ويلتحف ببردته. ويبيت الإمام علي "ع" في فراش الرسول معرضا نفسه للشهادة، وعيون الأعداء ساهرة خارج البيت ينظرون من طرف خفي إلى الداخل ويظنون أن محمدا نائم في فراشه، وحين هدأت الأصوات ونامت العيون، وانتصف الليل، هجم المشركون يحدوهم الأمل بالخلاص من رسول الله الذي حطم كبرياءهم وأذل جبروتهم، وسفه آلهتهم، فيفاجأون في اللحظة الحاسمة بعلي في بردة الرسول وعلى فراشه...! وهكذا فدى الإمام علي رسول الله بنفسه، ووقاه وعرض حياته للموت كي تستمر مسيرة الرسالة ويكمل الرسول الطريق.

ومن هنا نرى التضحيات والتفاني من أجل إكمال الرسالة الشريفة التي لولاها لعاشت البشرية في ضياع وتشتت لا مفر منه.

وأيضا لا ننسى القاء الضوء على ولادة الإمام جعفر الصادق "ع"، الذي كان يعمل بتوجيهات رسول الله "ص"، ولأن الإمام الصادق تأهل للإمامة، فصار الأعلم والأفهم بالدين والأحوط بسنة سيد المرسلين، وأصلح أهل زمانه وأقربهم لله ولرسوله. ولقد ركز الإمام على نقطتين، أولها العلم إذ فتح جامعة حقيقية، ففي عهد الإمام ظهر الملاحدة والزنادقة، وجواسيس الدولة المتسترون بالولاء لأهل البيت والغلو في حب الأئمة، فدرب الإمام جعفر مجموعة من رجاله على الكلام والجدل والمناظرة والفلسفة للدفاع عن عقيدة التوحيد وعن نقاء أهل بيت النبوة "ع" أما النقطة الثانية فقد ركز الإمام على أوليائه، وأصفياء آبائه وأجداده فخصهم بعنايته ونظم أمورهم تنظيما دقيقا، وعرفت الشيعة، وعرف أن لها مذهبا وهو مذهب أهل بيت النبي الذي أبرزه الله سبحانه وتعالى على يد الإمام جعفر الصادق "ع".

وكان الإمام "ع" يقول: "حديثي حديث أبي، وحديث أبي حديث جدي، وحديث جدي حديث علي بن أبي طالب، وحديث علي حديث رسول الله، وحديث رسول الله قول الله عز وجل".

ففي ذكرى ولادة الرسول الأعظم صلوات الله وسلامه عليه وحفيده الإمام جعفر الصادق، نعود إليهما لنستلهم ونتعلم ونسترشد. وفي هذه الأيام نحن ندعو الجميع إلى إعادة تجربة الرسول الأعظم وخطابه وفكره وسيرته ونهجه ومشروعه، عسى أن نجد في ذلك ما يساعدنا على تجاوز الكثير من المآزق التي تواجهها الكثير من حركات النهوض والصحوة في العالم العربي والإسلامي، والتخلص مما يسمى بالطائفية فرسولنا ونبينا واحد هو النبي محمد ابن عبدالله الذي بلغ رسالات ربه، فيكفي صراعات بين الشعوب وسببها التخلف العقائدي، الذي يدعو إلى التفرقة بين المسلمين، فكلنا عباد لله سبحانه وتعالى نؤمن بما أنزله على نبيه محمد "ص" وعلى أهله بيته الطيبين الطاهرين، فيكفي ضياع في زمن اشتهى البعض في إثارة الفتن بين المسلمين، وذلك فقط للوصول إلى مآربهم الدنيئة.

فاطمة مهدي حسين الجمري

العدد 973 - الخميس 05 مايو 2005م الموافق 26 ربيع الاول 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً