نجح الفلسطينيون في إعادة إعمار مخيم جنين في الضفة الغربية والذي دمرته قوات الاحتلال الاسرائيلي في الثالث من ابريل/ نيسان ،2002 بفعل الدعم الإمارتي الذي جاء بقرار من سمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله.
ووقتها اتخذ الشيخ زايد، قرارا بتخصيص 27 مليون دولار، لإعادة إعمار مخيم جنين الذي دمره الاحتلال الإسرائيلي ومحاه عن بكرة أبيه، ببناء نحو "469" وحدة سكنية، وانه وبمتابعة من وزير الدولة للشئون الخارجية، رئيس جمعية الهلال الأحمر الإماراتي حمدان بن زايد آل نهيان، تم في 20 يوليو / تموز ،2002 توقيع اتفاق إعادة إعمار المخيم، بين جمعية الهلال الأحمر ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى "الأنروا".
ووقع الاتفاق عن سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، رئيس مجلس إدارة جمعية الهلال الأحمر خليفة ناصر السويدي، في حين وقعها عن جانب "الأنروا" المفوض العام بيتر هانسن.
وكان لهذه الخطوة الإماراتية الجريئة، سلسلة من الخطوات الأخرى التي امتدت إلى مختلف الأراضي الفلسطينية، تمثلت بتقديم المساعدات المادية والمعنوية، أضف إلى ذلك، الاهتمام الإماراتي بإبراز حضوره في قلب كل مواطن فلسطيني دمر منزله، أو أسرة تشردت، أو طفل بكى أباه الذي كان يوما مصدر إلهامه ومصدر حياته.
ووفق تقارير رسمية فلسطينية حصلت عليها "الوسط" فقد شملت مكرمة رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، بالإضافة إلى إعمار مخيم جنين، سلسلة من المشروعات الأخرى تمثلت في إزالة الأنقاض والركام الذي خلفته آلة الدمار الإسرائيلية والتي قدرت بنحو 70 إلى 80 ألف كوب من الركام، فيما شملت المرحلة أيضا تنظيف هذا الركام والمناطق الأخرى من المواد المتفجرة التي خلفتها آلة الدمار الإسرائيلية.
كما شملت مرحلة البناء وإعادة الإعمار، إعمار المنازل التي تضررت بشكل بسيط، والتي قدرت بـ 1200 وحدة سكنية، كذلك المنازل التي تضررت بأضرار جزئية، كهدم جزء من المنزل أو غرفة، أو تعرض المنزل للحرق خلال المجازر الإسرائيلية. وقد قدر عدد تلك المنازل بـ 600 وحدة سكنية ومبنى. أما المرحلة التي شملت إعمار المنازل التي دمرت بشكل كامل، فقد قدرت بنحو "469" وحدة سكنية، وهي عبارة عن "125" مبنى.
أما المرحلة الثالثة فقد شملت إعمار البنية التحتية وإعادة تأهيلها، بالإضافة إلى إعمار مراكز المجتمع المحلي في مخيم جنين، وهي عبارة عن مركز النشاط النسوي ومركز الشباب الاجتماعي، والمدرسة الابتدائية للبنات، أما مشروعات البنية التحتية فتشمل إعادة إعمار شبكات الكهرباء والمياه والصرف الصحي والطرق وقد شمل هذا المشروع إعادة تحسين السكن لـ 55 أسرة في المخيم.
وعلى رغم حجم الكارثة الكبير وما خلفه من دمار للمنازل وتشريد مئات الأسر الفلسطينية عن مخيم جنين، فإن هذه المشروعات أنجزت بشكل قياسي، ولم تكن ترى النور لولا الدعم المالي السخي الذي قدمته دولة الإمارات العربية المتحدة فقد تمت إعادة تصليح وترميم جميع المنازل التي تضررت بشكل جزئي، وكانت آلية العمل بتقييم الأضرار في هذه المنازل من قبل مهندسي وكالة الغوث الدولية، وصرف مبالغ نقدية لأصحاب هذه المنازل كي يقوموا هم أنفسهم بإصلاح الأضرار التي لحقت بمنازلهم تحت إشراف مهندسي الأنروا.
كذلك، تم الانتهاء من إصلاح المنازل التي تضررت بشكل جزئي، وكانت آلية العمل بالطريقة السابقة نفسها، عن طريق صرف مستحقات لأصحاب هذه المنازل، من خلال وكالة الغوث، بإشراف المهندسين لضمان عملية الإعمار والتصليح.
وذكر مساعد محافظ جنين عبدالرازق أبوالهيجا، أن مشروع إعمار مخيم جنين قد تم إنجازه وتسليم جميع الوحدات السكنية لأصحابها في نهاية العام ،2004 كما تم أيضا الانتهاء من ربط جميع المنازل والوحدات السكنية بشبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي بطرق حديثة ومواصفات عالية.
وقامت دولة الإمارات بشراء "14" دونما محاذية للمخيم، من أجل تحسين السكن بهدف توسيع الطرقات والتهوية، وتحسين الظروف الصحية للمباني والوحدات السكنية، وإنشاء المناطق الخضراء، بالإضافة إلى إعادة ربط المخيم بشبكة الهواتف، وقطع شوط كبير في تعبيد الطرق، إذ تمت إعادة إنشاء وترميم جميع الطرق في منطقة الهدم والدمار وسط مخيم جنين، وتعبيد الطرق الجديدة على الأرض الجديدة التي تم شراؤها.
إضافة إلى ذلك، تبرعت دولة الإمارات المتحدة بمبلغ من المال لإعادة بناء وتوسيع مسجد مخيم جنين والذي سيحمل اسم "مسجد الشيخ زايد" رحمه الله، إذ تم وضع حجر الأساس وإنجاز المخططات الهندسية اللازمة، وعما قريب سيتم البدء في عملية بناء هذا المسجد.
وفيما يتعلق بإعادة إعمار المؤسسات الفلسطينية في مخيم جنين، فقد مولت دولة الإمارات العربية المتحدة بناء وتأسيس المؤسسات الآتية: مركز النشاط النسوي الذي يتكون من 3 طوابق ويشمل روضة أطفال نموذجية ومسرحا ومكتبة وحديقة ألعاب، ومدرسة ابتدائية للإناث، وتتكون من 26 غرفة صفية ومختبر للحاسوب، وساحات وملاعب ومرافق صحية، وذلك بأحدث الطرق الهندسية والمواصفات العالمية والتربوية، إضافة إلى تأثيث وتجهيز المدرسة، ومركز الشباب الاجتماعي الذي يتألف من طابقين ويشمل جميع النشاطات الشبابية من صالات رياضية مختلفة وملاعب ومدرج رياضي يفي بالأغراض.
وذكر مدير مخيم جنين الحالي، عدنان الهندي، أن دولة الإمارات العربية بالإضافة إلى تمويلها كل الأضرار التي لحقت بالمواطنين في مجال الأثاث والمباني التي تضررت، فقد قدمت جمعية الهلال الأحمر الإماراتي 30 ألف وجبة إفطار في شهر رمضان الماضي، بواقع ألف وجبة كل يوم، للأسر المحتاجة، وقدمت لأسر الشهداء منحا مالية ما بين "500 -700" دولار لكل أسرة شهيد، وقرطاسية وخدمات للقطاع التعليمي في المخيم.
وفي تعليقه على المساعدات الإماراتية لمخيم جنين يقول عضو المجلس التشريعي فخري التركمان: إن مخيم جنين البالغ عدد سكانه نحو 15 ألف مواطن، قد استفادوا من مكرمة دولة الإمارات العربية المتحدة، ويكنون الاحترام والتقدير لدولة الإمارات، ممثلة بالمغفور له سمو الشيخ زايد آل نهيان رحمه الله، وحكومة الإمارات وشعبها، الذين ساندوا القضية والشعب الفلسطيني، والذي من دون هذا الكرم العربي الإماراتي لم يكن يتحقق إعادة إعمار مخيم جنين الذي تعرض للدمار على يد الآلة العسكرية الإسرائيلية.
من جانبه، قال محافظ جنين قدورة فارس إن الشعب الفلسطيني يقدر ويثمن دور جميع الأشقاء العرب الذين وقفوا إلى جانب هذا الشعب في أحلك الظروف، في مواجهة القهر والظلم الواقع عليه، وخصوصا الدور الريادي والمهم الذي وقفته دولة الإمارات حكومة وشعبا، مع أبناء الشعب الفلسطيني ومع مخيم جنين بشكل خاص، ما ترك الأثر والاعتزاز بالإمارات حكومة وشعبا.
وأضاف موسى أن أبناء مخيم جنين حاليا يعيشون في منازلهم الجديدة التي شيدت لهم مكان منازلهم التي دمرها الاحتلال الإسرائيلي في ابريل ،2002 إذ ذهب عنهم شبح التشرد والخوف من المستقبل كي يبدأوا حياتهم الاعتيادية من جديد
العدد 980 - الخميس 12 مايو 2005م الموافق 03 ربيع الثاني 1426هـ