العدد 982 - السبت 14 مايو 2005م الموافق 05 ربيع الثاني 1426هـ

"إسرائيل" تحتفل بذكرى طرد الشعب الفلسطيني

فضل الله في خطبة الجمعة:

السيد محمد حسين فضل الله comments [at] alwasatnews.com

أشار السيد محمد حسين فضل الله في خطبة الجمعة السياسية إلى احتفال "إسرائيل" بالذكرى السابعة والخمسين لتأسيسها على حساب الشعب الفلسطيني الذي طردته من أرضه بمجازرها الوحشية، أو حبسته في بعض أرضه فتحول سجينا في داخلها، بفعل التخطيط الأوروبي أولا والاميركي ثانيا، وبذلك تحول الموقع الإسرائيلي الى موقع يرتبط بالإمبراطورية الاميركية التي ترى في "إسرائيل" حليفا عضويا تلتزم به اميركا كما تلتزم بالأمن المطلق الإسرائيلي، حتى أنها مستعدة للدخول في حرب عالمية لحماية هذا الأمن على جميع المستويات.

ولذلك، فقد أعلنت اميركا الحرب على الدول العربية والإسلامية لإخراجها من الموقف المبدئي الذي اتخذته على أساس الموقف العربي والديني من خلال تجسيده للانتماء في حساب الهوية، ما أدى بفعل التعقيدات السياسية والاعتداءات العسكرية الى فرض الصلح بين العدو الصهيوني وبعض هذه الدول، بشكل كامل وبطريقة جانبية من خلال المكاتب الاقتصادية وغيرها وبعض المحادثات الخفية، ما جعل وزير خارجية العدو يصرح بأن هناك عشر دول ستبادر الى الصلح بإقامة العلاقات الدبلوماسية الكاملة معها، ما ترك الشعب الفلسطيني وحده في المسألة السياسية والأمنية والعسكرية، من دون أي اهتمام به في خطة متكاملة في حمايته الوجودية، وفي استعادة حريته، وحول الخط العربي والإسلامي الى خيانة الهوية العربية والإسلامية، في عملية انسحاب متدرج، بينما لا يزال العدو بالتنسيق مع اميركا يؤكد الصفة اليهودية للدولة بما يهدد العرب في فلسطين في وجودهم المستقبلي فيها.

وقال "ان "إسرائيل" أخلصت لكلمتها الأولى في خطتها الصهيونية، ولم تتنازل عنها في المبدأ ولا في التفاصيل، بينما تساقطت كلمات هؤلاء على مستوى المؤتمرات المتعددة، وقدموا كل التنازلات في المطالبة بالصلح معها، ولم تقبل منهم ذلك لأنها تحتقر مستوى ضعفهم.

وأشار إلى أن "هذه الذكرى لا بد أن تثير الكثير من المواقف في العالمين العربي والإسلامي، وفي وجدان العالم الحر الذي يؤمن بحرية الشعوب في تقرير مصيرها، وعلينا أن نجدد الموقف الرافض لهذه الدولة، والابتعاد عن الاعتراف بشرعيتها، وأن تتحرك الشعوب العربية والإسلامية من جديد في دعم الشعب الفلسطيني ماديا ومعنويا وسياسيا، ومواجهة الدعم الاميركي لمجازر "إسرائيل" الوحشية المتتابعة في الاغتيالات والاعتقالات والتدمير، وتمييع كل الوعود عن الدولة الفلسطينية انسجاما مع الخطة الإسرائيلية التي لا تريد حلا عادلا للشعب الفلسطيني، في عملية نفاق اميركي سياسي بفعل الخلفيات الحاقدة للإدارة الاميركية.

أما الرئيس الاميركي الذي يطوف العالم، مستعرضا عضلاته الخطابية في انتصاراته الديمقراطية في العراق وأفغانستان... فهو الذي يتدخل يوميا في الواقع السياسي اللبناني، يحاول الإيحاء بأنه هو الذي منح الشعب اللبناني الديمقراطية من خلال تعقيدات تدخلاته، والجميع يعرف أن الديمقراطية اللبنانية انطلقت منذ نشوء الدولة اللبنانية وليست منحة منه. إننا نريد للبنانيين أن يعيشوا وعي الطريقة الدولية - وفي مقدمتها أميركا - التي تريد أن تفرض وصايتها السياسية والأمنية المخابراتية على قراراتهم، من خلال الكواليس المظلمة التي تصنع فيها القرارات. وفي هذا الجو، فإن السجال الانتخابي اللبناني دخل في كهوف الطائفية، ومغارات العنصرية الخانقة، في منطق يحاول أصحابه أن يغلفوه بغلاف الوطنية والتعايش الشعبي، ولكنه - مهما حاولو ا - يشف عما تحته.

إننا نسأل هؤلاء: هل يعني ذلك أن يترك اللبنانيون قانون المحافظة أو القضاء، ليقدموا قانونا تنتخب فيه الطوائف المتنوعة نوابها بعيدا عن الدوائر الصغيرة أو الكبيرة، لينتخب المسيحيون نوابهم من دون تدخل المسلمين، وينتخب المسلمون نوابهم من دون تدخل المسيحيين، وليكون هناك مجلس نيابي للمسلمين وآخر للمسيحيين، أو مجلس لهذه الطائفة أو تلك، وهل هذا هو الذي يحقق العدالة، عدالة الطوائف بعيدا عن الإلغاء الطائفي؟! إن هذا المنطق يقود الى هذه النتيجة حيث يتحول البلد الى فيدرالية الطوائف لا فيدرالية المناطق. والسؤال: هل هذا هو ما يريده اللبنانيون؟

إن المشكلة ليست في مسألة الدوائر، ولكنها مشكلة السياسيين في المعارضة والموالاة الذين أوصلوا لبنان الى هذا المصير الأسود من خلال التجربة السلبية التي حكمت هذا البلد. إننا نريد لبنان بلدا حرا مستقلا، يملك شعبه قراره بعيدا عن الشعارات الفضفاضة التي تثير الحماس الضبابي، وندعو الجيل الجديد أن يفكر في المستقبل بطريقة حضارية مستقبلية، وأن يخطط لولادة بلده إذا أراد البقاء في بلده من دون أن يضطر للهروب منه. ومن المؤلم أننا لم نسمع طيلة هذا الجدل كلاما عن الاهتزاز النقدي والمالي والاقتصادي وحل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والدين العام. إن المصالحة الوطنية تنطلق من مصالحة الشعب اللبناني مع قضاياه الحيوية، لا من التأكيد على جانب محدود مما تركه التاريخ من المشكلات المعقدة التي فرضتها أوضاع الحرب السابقة

إقرأ أيضا لـ "السيد محمد حسين فضل الله"

العدد 982 - السبت 14 مايو 2005م الموافق 05 ربيع الثاني 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً