العدد 988 - الجمعة 20 مايو 2005م الموافق 11 ربيع الثاني 1426هـ

اقتصادات دول مجلس التعاون تواجه متغيرات متسارعة

في تقرير وزعته بنا

أكد تقرير اقتصادي بثته وكالة انباء البحرين أن التنسيق بين القطاعين الصناعي والتجاري سيزداد فاعلية وسيأخذ ابعادا استراتيجية أعمق عندما تنتقل الدول الخليجية من مستوى الاقتصاد المحلي الى مستوى التكامل الاقتصادي بينها خصوصا والبلدان العربية عموما وكذلك الى مستوى التحديات الاقتصادية الدولية.

وقال التقرير إن المجتمعات الخليجية عرفت تقليديا بأنشطتها التجارية، إذ بدأ الرعيل الاول من عوائل رجال الاعمال الخليجيين بشق طريقهم من أجل بناء تقاليد تجارية راسخة استطاعوا من خلالها المساهمة بفاعلية في التطور الاقتصادي والاجتماعي في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.

وذكر أن الرأس مال الخاص في دول الخليج قد شهد قوة دفع كبيرة خلال السبعينات بعد طفرة أسعار النفط الاولى، إذ شهدت الانشطة الاستيرادية وتيرة متسارعة من النمو والتوسع الافقي والعمودي وصاحب ذلك اتساع نشاط أصحاب الوكالات التجارية الرئيسية ما عزز الحاجة لدى هؤلاء ببقاء الدور القوى للنشاط التجاري والتوسع من خلاله الى أنشطة خدمية وعقارية ومالية مكملة ومساعدة.

واستطرد التقرير أنه مع بروز وتنوع الانشطة الصناعية بهدف الاحلال محل الواردات للكثير من السلع والمنتجات خلال الثمانينات تولد شعور لدى الكثير من أصحاب الانشطة التجارية في دول مجلس التعاون الخليجي بأن هذه الانشطة الوليدة التي تحظى بدعم وحماية حكومية قد تؤثر بشكل أو بآخر على أنشطتهم التجارية وخصوصا الاستيرادية منها ولاسيما أن بعض دول المجلس قد لجأت الى اتباع أسلوب منع استيراد بعض السلع لفترة زمنية محددة لاعطاء المجال أمام المنتج المحلي المماثل لتثبيت مكانته في الاسواق وهو ما حدا ببعض الفعاليات التجارية الخليجية إلى عدم التحمس للتوجهات الصناعية المبذولة والامتناع عن المشاركة فيها.

وقال إن اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي تواجه في الوقت الحاضر متغيرات متسارعة من أبرزها تطور البيئة الخارجية ووجود مرتكزات داخلية تحكم الكثير من أنشطة الاعمال الاقتصادية وتدفعها لتبني أنشطة أكثر قدرة على المنافسة سواء من حيث طبيعة المنتج والتقنية المستخدمة أو طبيعة الملكية والتحالفات التى تقوم هذه الانشطة على أساسها وقد باتت هذه المتغيرات تحتم على دول المجلس اجراء تغييرات واسعة في هياكلها وتركيباتها الاقتصادية غير أن أهم التحديات التي تواجه نماذج التنمية بدول مجلس التعاون هو تزايد التوجهات العالمية نحو التحرير الاقتصادي والعولمة.

واضاف أن هذه التحديات التي تواجه الاقتصادات الخليجية جعلت جهود تنويع مصادر الدخل ذات أولوية قصوى وباتت الحاجة اليها ضرورية، ما يستدعي وجود تنسيق اكبر بين جميع أنشطة القطاعات الاقتصادية وفي مقدمتها قطاعا الصناعة والتجارة نظرا إلى الترابط الوشيج بين مستلزمات نجاح كليهما وبالتالي نجاح جهود تنويع مصادر الدخل نفسها.

ففيما يتعلق بالجانب الاقتصادي المحلي نجد أن الازدهار التجاري لا يمكن أن ينمو ويستمر اذا ما اقتصرت التجارة على النشاط الاستيرادي وبالتالي على جانب واحد من أنشطتها أو أنها اكتفت بتصدير المواد الخام فكلا الاحتمالين يضعان البلد في موقع ضعيف يجعله أكثر ارتباطا بالتطورات الخارجية والدولية ويصبح معه متعذرا اتخاذ القرارات الاقتصادية بمعزل عن تلك التطورات لذلك يعتبر التكامل والتنسيق بين القطاعين الصناعي والتجاري من الضرورات الثابتة لبلوغ مرحلة النمو الاقتصادي المتوازن والمستديم.

وقال التقرير إنه بالنسبة إلى القطاع الصناعي نجده كذلك بحاجة الى قطاع تجاري نشط ليساعده على تسويق منتجاته محليا وخارجيا ويعمل على تحسينها وملاءمتها للمتطلبات المتغيرة كونه أكثر اطلاعا وارتباطا بالاسواق المحلية والخارجية والانماط الاستهلاكية للمتعاملين فيها.

واضاف أن الكثير من الخبراء يرون أن التنسيق بين القطاعين الصناعي والتجاري سيزداد فاعلية وسيأخذ ابعادا استراتيجية أعمق عندما ننتقل من مستوى الاقتصاد المحلي الى مستوى التكامل الاقتصادي بين دول مجلس التعاون خصوصا، والبلدان العربية عموما وكذلك الى مستوى التحديات الاقتصادية الدولية.

ففيما يخص المستوى الاول أي التكامل الاقتصادي الخليجي سيسهم هذا التنسيق في زيادة التجارة البينية بين دول مجلس التعاون وتقوية القاعدة الصناعية الخليجية من خلال تنويع الهياكل الاقتصادية واقامة اقتصادات متنوعة الانشطة والانتاج في دول المجلس، الامر الذي يسهم في الاسراع بقيام السوق الخليجية المشتركة وقيام جدار جمركي خليجي موحد.

وفي هذا الجانب ينبغي على دول مجلس التعاون العمل على زيادة التعاون والتنسيق بين الصناعة والتجارة من خلال اتخاذ التدابير التي تهدف الى تنمية وتنويع وتكامل القدرات الانتاجية وزيادة الصادرات والاستفادة من الامكانات الاقتصادية والبشرية الخليجية، وهذا يتطلب بدوره قيام أشكال كثيرة من التعاون مثل التعاون بين القطاعات المنتجة والقطاع التجاري للاستفادة المشتركة من ازدهار الصناعة اقليميا واعطاء القطاع التجاري دورا رئيسيا في تمثيل وتسويق المنتجات الوطنية وفتح الاسواق الدولية أمامها، ما يوفر فرصا واسعة لتعظيم القيمة المضافة المتولدة محليا والمعاد استثمارها محليا أيضا ولايجاد فرص أوسع للعمالة الوطنية وبناء اقتصادات معتمدة على نفسها ذاتيا وتغذي بعض أنشطتها البعض الآخر وبالتالي تحجيم تأثير المؤثرات الخارجية غير المأمونة.

أما فيما يخص التحديات الاقتصادية الدولية فمن أهمها تأثير اتفاقات منظمة التجارة العالمية على هذا الموضوع وهنا أيضا نجد أنه يجب على دول مجلس التعاون لكي تعظم من منفعتها من هذه الاتفاقات أن تقوم بتوطيد تلك الوشائج بين الانشطة التجارية والصناعية.

وذكر أن دول مجلس التعاون الخليجى تواجه في هذا الجانب قضيتين رئيسيتين هما مقدرة هذه الدول على الاستفادة من اجراءات التحرير الاقتصادي والثانية هي الإجراءات المصاحبة لقرارات التحرير الاقتصادي.

ففيما يتعلق بالقضية الاولى نجد أن الاجهزة الخليجية المعنية تبذل جهودا متواصلة وحثيثة من أجل تثبيت وتطوير سياسات التحرر الاقتصادي، لكن ينبغي على هذه الاجهزة استثمار التحرر الاقتصادي المتحقق في دول المجلس بصورة أكبر مما هو موجود حاليا سواء في جذب الاستثمارات الوطنية أو الخارجية فاجراءات التحرير الاقتصادي تنطوي على تكاليف يدفعها الاقتصاد الوطني نفسه واذا لم تقابل هذه التكاليف المردودات المرضية على المديين القصير والطويل الأجل فلابد أن يعاد النظر في تلك الإجراءات.

أما القضية الثانية الخاصة بالإجراءات المصاحبة لقرارات التحرير الاقتصادي فإن أهمية هذا الجانب تزداد في ظل التوجه نحو اندماج اقتصادات العالم وتكاملها خلال السنوات المقبلة ومن ثم فإنه ينبغي على القائمون على تخطيط وتوجيه الاقتصادات الخليجية أن يبحثوا عن المزايا الخاصة التي تتمتع بها اقتصادات دول المجلس لتمتاز بها عن بقية دول العالم في منظومة الاندماج والتكامل العالمي.

وقال إنه في الوقت الذي يتفق فيه الخبراء الاقتصاديون على أن الاستعداد لهذا الاندماج بحاجة الى خطوات تتخذ منذ الآن لكي لا تجبر لاحقا على اتخاذ خطوات قسرية فإن فترة السماح الممنوحة للدول لتحرير اقتصاداتها والتي تصل الى عشر سنوات لبعض الخدمات ليس المقصود منها تمكين هذه الدول من اتخاذ خطوات تمهيدية على طريق التحرير والتكامل فحسب بل والاهم من ذلك تأهيل أنشطتها وقطاعاتها الاقتصادية وخصوصا تلك التي تمتاز بمزايا تنافسية واضحة تؤهلها للاستمرار والتفوق حتى في ظل الانفتاح الكامل، وذلك من خلال سلسلة من إجراءات التعزيز والتقوية الذاتية.

وقال يجب أن ترافق عملية الاندماج إجراءات تأخذ طابع اعادة التأهيل على المستويين الوطني والخليجي للقطاعات الاقتصادية المختلفة ومن بينها القطاعان التجاري والصناعي وخصوصا في ظل وجود المزايا الكثيرة التي يتمتعان بها ما يؤهلهما للمنافسة القوية والاستفادة الواسعة من التحرير الاقتصادي اذا ما تمت اعادة تأهيلهما وتوطيد مصالحهما المشتركة

العدد 988 - الجمعة 20 مايو 2005م الموافق 11 ربيع الثاني 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً