العدد 989 - السبت 21 مايو 2005م الموافق 12 ربيع الثاني 1426هـ

الإصلاح السياسي والجمعيات الأهلية والسياسية

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

الحوارات التي جرت بين الجمعيات الأهلية في البحرين حديثا أوضحت لعدد من المشاركين فيها أن الحاجة مازالت قائمة إلى إعادة صوغ أجندة الجمعيات لكي تلعب دورها المتوقع منها.

أحد الخبراء غير البحرينيين الذين شاركوا في حوارات مع قادة الجمعيات السياسية خلص إلى نتيجة مفادها أن هناك خلطا كبيرا في الدور الذي تضطلع به، وهي جمعيات أقرب إلى مؤسسات خيرية لها اهتمامات سياسية أو احتجاجية أكثر من كونها مؤسسات حزبية تسعى إلى أن تصل إلى مواقع النفوذ السياسي الذي يفترض أن يتطور ليصل إلى مرحلة تسلم الوزارة.

الحزب السياسي لا يكون حزبا سياسيا إلا إذا كان يسعى إلى الوصول إلى موقع القرار السياسي وتسلم الحكومة، أما أي شيء آخر دون ذلك فإن المؤسسة قد تكون مجموعة ضغط أو جمعية خيرية أو مجموعة احتجاجية.

ولذلك، فإن هناك خلطا من نوع آخر في البحرين، فالجمعيات السياسية ليست من مؤسسات المجتمع المدني إذا كانت تسعى إلى أن تتسلم موقع القرار "كما هو حال أي حزب سياسي". مؤسسات المجتمع المدني هي التي تنظم نشاطات أعضائها الذين ينتمون إليها بصورة طوعية عن شأن محدد مثل: "البيئة، حقوق الإنسان، الشباب، الثقافة... إلخ"، وهذه المؤسسات لها دور كبير في تنشيط المجتمع نحو الديمقراطية لأنها تطلق الإبداع في مختلف المجالات عبر الوسائل السلمية. ومؤسسات المجتمع المدني الطوعية لا تهدف أساسا إلى الوصول إلى مواقع القرار السياسي "السلطة" وإنما تهدف إلى الدفاع عن مصالح محددة، أو نشر مفاهيم ومبادئ "مثل حماية البيئة" يؤمن بها من ينتمي إلى الجمعية.

الخلط يزداد عندما يخلط البعض بين نشاط جمعية سياسية مع حركة جماهيرية احتجاجية، فالأخيرة لها نمطها ولها قوتها ولها محدوديتها أيضا، بمعنى أنها تحرك الأجواء، ولكنها لا تحسم الموقف السياسي ولا تتخذ قرارا مؤسساتيا يستطيع أن يتحكم في حركة الشارع المحتج، ولذلك فإن "كاريزما" الشخصيات الدينية تكون هي البديل الحقيقي لقيادة الشارع الاحتجاجي، فعالم الدين يستطيع أن يصدر رأيا يقترب من قوة الفتوى لتهدئة الشارع أو حثه على تغيير رأيه، ولكن الجمعية فاقدة الوسائل التي تمكنها من إدارة الحدث عندما يشتد الزخم الجماهيري في هذا الاتجاه أو ذاك.

لاشك أن البحرين هي أكثر المجتمعات الخليجية حيوية على المستويين الاجتماعي والسياسي، ولكن هذا الحراك يبدو مبهما في كثير من الأحيان بعد مرور أكثر من أربع سنوات من بدء المشروع الإصلاحي. فنحن مازلنا تحت طائلة قانون لا يعترف بدور الجمعيات الأهلية في عدد من المجالات المسموح بها حاليا بصورة غير رسمية، كما أن كثرة الجمعيات أصبح عائقا أمام فاعليتها، لأن الكثير مثل القليل يضر ولا ينفع.

وزارة الشئون الاجتماعية تطلق تصريحات بين الفينة والأخرى، يشم منها أحيانا التشكيك الحكومي في مؤسسات المجتمع المدني، فأنجح مؤسسة أهلية لدينا هي الصندوق الخيري، والوزارة لم تتوقف من تحذير الصناديق الخيرية من الانخراط في السياسة أو تنظيم فعاليات ثقافية، وهذه التحذيرات تعيد إلى الأذهان الخوف الحكومي من المؤسسات المدنية الناجحة.

مشكلة أخرى تنتظرنا، وقد تنفجر في أي وقت، تتعلق بالتمويل الأجنبي والالتقاء مع مسئولين أجانب، ولدينا أيضا مؤسسة إن. دي. آي التي تمارس نشاطا نوعيا ويستفيد منها الجميع، ولكنها مازالت تعمل من دون رخصة رسمية، ولا أحد يعلم من الجهة الرسمية المعنية بإعطاء رخصة لمثل هذه المؤسسة.

إذا، بعد أربعة أعوام توقفنا عند مستوى معين من دون أن نستطيع تجاوزه إلى الأمام، وربما أن الخلط في المفاهيم من جانب، والتشكيك بين الأطراف من جانب آخر هما السببان الرئيسيان لذلك

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 989 - السبت 21 مايو 2005م الموافق 12 ربيع الثاني 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً