العدد 2900 - السبت 14 أغسطس 2010م الموافق 04 رمضان 1431هـ

سلامٌ على باكستان

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

من أكثر الدول الإسلامية إثارةً للحزن، بسبب ما آلت إليه أوضاعها في السنوات الأخيرة، وآخر الأخبار تتحدّث عن مخاوف بعودة العسكر إلى الحكم عبر انقلاب جديد.

دولةٌ كان يحلم آباؤها المؤسسون قبل ثلاثة وستين عاماً، بأن تكون نموذجاً للدولة الإسلامية الحديثة، لكنها انتهت إلى دولة فاشلة، يتناوشها ذئاب العسكر والسياسيون الذين انتهت صلاحيتهم، والتدخل الخارجي في سياساتها حتى أصبحت تقابل شتائم الإنجليز والأميركان بالابتسام.

قبل أسبوعين، اتهم رئيس الوزراء البريطاني باكستان بأنها تصدّر الإرهاب، متجاهلاً كل مساعيها وتضحياتها في الحرب على الإرهاب، كواحدٍ من أبرز الحلفاء. والأسبوع الماضي، سافر الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري إلى لندن بهدفٍ معلنٍ لـ «تخفيف الاحتقان في العلاقات»، إلا أن آلاف الباكستانيين المهاجرين استقبلوه بتظاهراتٍ تندّد بسفره بينما قضى أكثر من 1400 مواطن حتفهم هناك.

الرئيس الذي أنهى فترة محكوميته بتهم فساد واختلاسات، خرج من السجن ليحكم البلاد ضمن تسويةٍ أيّدها الأميركان باستبدال الحكم العسكري بآخر مدني. وبسبب تعرضه لضغط شعبي هائل، أعلن عن «نجاح» زيارته في جذب الاهتمام الدولي لجهة رفع المساعدات، دون أن يأتي على ذكر فشله في تخفيف الاحتقان. وفي سياق التغطية ذاتها، قام بتلك الحركات المسرحية المعتادة في مثل هذه الظروف، بالمرور على بعض المناطق المنكوبة وتصوير بعض اللقطات وهو يحتضن بعض الأطفال والعجائز لتبث على التلفزيون، من أجل امتصاص جزء من الغضب الشعبي. كما أعلن إلغاء الاحتفالات بعيد الاستقلال الذي صادف أمس (السبت).

الفيضانات الأخيرة التي لم تشهد لها المنطقة مثيلاً منذ ثمانين عاماً، غطت ربع مساحة البلاد، وأدت حتى الآن إلى مقتل أكثر من 1600 شخص، وألحقت الضرر بعشرين مليوناً، وهو ما يمثل نحو 10 في المئة من السكان. كما دمّرت 300 ألف منزل، غالبيتها العظمى من بيوت الفقراء الطينية في هذا البلد الفقير.

بعض الصحف الانجليزية فتحت بعض الملفات القديمة، فأشارت إلى أن أكثر من 300 مليون يورو من المساعدات التي مُنحت لباكستان بعد زلزال 2005، والذي أودى بحياة 74 ألف شخص، حُوّلت إلى قضايا أخرى بدل توجيهها إلى صناديق الإعمار. والرسالة معناها أن احتفظوا بأموالكم لأنفسكم، فما تدفعونه يذهب إلى جيوب أصدقائكم المسئولين!

هذه الأوضاع، تجعل الدول الأخرى تفكّر ألف مرةٍ قبل أن تقدّم أي منحة أو مساعدة، يكون مصيرها تلك الثقوب السوداء. بل إن نواز شريف (زعيم المعارضة) اعترف بأن الناس في بلاده «لا يتبرعون بسخاء لأنهم غير واثقين من أن الأموال ستنفق بنزاهة». وهو ما يفسّر أيضاً عدم اهتمام الجاليات الباكستانية في الدول الأخرى بتنظيم حملات جمع التبرعات كما يحصل مع جاليات أخرى في كوارث مشابهة.

وكالات المساعدة حذّرت من موجة وفيات جديدة بسبب الأمراض، بعدما كشفت التقارير أمس عن أول حالة إصابة بالكوليرا. ومع اعتراف الجهات الرسمية بتدمير محاصيل زراعية واحتياطات غذائية تقدر بمليارات الدولارات، يُخشى اليوم من حدوث أزمةٍ تطال نقص الأغذية والمياه.

بلدٌ مستَنزَفٌ في حروب الآخرين، أضاعه ساسته ستين عاماً على طريق التبعية لسياسة المحاور الغربية

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2900 - السبت 14 أغسطس 2010م الموافق 04 رمضان 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 8:56 ص

      هذا وقت المكارم .............. يارعيها

      يبي لهم ( الباكستانيين ) مكرمة تجنيس ، مساكيين الحين هم محتاجين لجواز ، سكن ،مستشفيات ،عمل ، تأمين على الحياة ، وهذا كله موجود في بلد المكارم هههههههههههههه

    • زائر 8 | 8:09 ص

      المهاجر

      مقال رائع واصاب كبد الحقيقية ...
      شكراً لك

    • زائر 6 | 7:36 ص

      هروب

      وانا معاك زائر 1 هذا يسمى هروب ويا ليت هروب للامام بل للوراء

    • زائر 5 | 5:25 ص

      صادوه....

      عاد ما فيه بحريني يقول اضانك، فاحذورا المجنسين لان بعضهم مثل السوسه يدخلون ويتكلمون مثل البحرينيين. وش يدخلكم بيننا؟

    • زائر 4 | 4:18 ص

      موقف

      ويش تبغى السيد يقول يا زائر رقم ون؟ ما قال كلامه من زمان بس ما احد يسمعه ولا يسمع غيره من الناصحين.ما تكلم قبل فترة وقال الحكومة ما تسمع ولا المعارضة. ألحين جاي تطالبه بالكلام يا رقم 1. كلنا نقرأ للسيد ونعرف مواقفه.
      وبعدين الكلام عن شعب من 200 مليون مو مهم؟ مو مسلمين؟ خصوصا انهم في شهر الصيوم. الله يعينهم فعلاً. لو ما قلوبكم رحمة وما تشوفون إلا نفسكم. الله يعينكم يا بوهاشم ومشكور على هذه الالتفاتة التي تدل على موقف انساني نبيل.

    • زائر 3 | 3:23 ص

      شكرا

      شكرا للمقال.. اللحين عرفت ليش ما في جهود مساعدة ..حرام و الله الي قاعد يصير

    • زائر 2 | 3:03 ص

      الله يعينهم

      نشوفهم كل يوم على التلفزيون مساكين، الله يعينهم، خصوصا انهم في شهر الصوم، حالتهم تكسر الخاطر. بس مثل ما قلت ياسيد ما فيه ثقة بالحكومة هناك ولذلك ما احد يتفاعل في جمع التبرعات، لأنها خربانه خربانه. عموما الله كريم ويخفف عنهم هذه الكارثثة.

    • زائر 1 | 2:26 ص

      ويش سيد

      غريبه يا سيد قاسم .. لماذا تضع القطن على اضانك وتغطي عينيك عن ما يجول في الساحة هذه الايام .. ما عهدنا ذالك منك وانت لاتفوتك لاشارده ولا وارده.. وين تحليلك وكلامك عن الوضع الحالي .. خوفي ان تكتب لنا الايام القادمة عن انواع النمل الافريقي او عن اسباب انتشار رقصة السولو في البيرو ..

اقرأ ايضاً