العدد 1001 - الخميس 02 يونيو 2005م الموافق 24 ربيع الثاني 1426هـ

في وداع سمير قصير

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

واحد من ألمع الكتاب والصحافيين والمثقفين اللبنانيين والعرب، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القديس يوسف بلبنان، الفلسطيني الأصل، والصحافي في "النهار"، كان على موعد مع الموت الأحمر صباح أمس الخميس، الثاني من يونيو/حزيران، في حي الأشرفية ببيروت. كانت عبوة ناسفة وضعت في سيارته تنتظر ركوبه، وما لبثت أن انفجرت لتطفئ حياته فور تشغيل السيارة - القبر.

تعرفت عليه في زيارة لبيروت قبل ستة أشهر، في ندوة للصليب الأحمر، كانت تدور حول علاقة هذه المنظمة الدولية بالإعلام. وكنت آمل خلال تلك الزيارة العابرة أن أزور "السفير"، فكلمته في الجلسة الصباحية التي ترأسها، وعاد في الجلسة المسائية ليخبرني بكل دماثة خلق ورقة طباع، انه اتصل برئيس تحريرها جوزيف سماحة، ورتب للقاء بعد اختتام أعمال المؤتمر.

ماذا كان يملك سمير قصير؟ ما جرمه ليتم تفجيره بهذه الصورة الدامية؟ لم يكن يملك صواريخ ولا قاذفات قنابل لتتم تصفيته، ولم يكن قائد منظمة ارهابية أو جيش من المتمردين. كان سمير قصير كاتبا يحمل قلما فقط، ويدافع عما يراه حقا. ولذلك صودرت حياته بهذه الصورة العنيفة.

لم يكن قصير من باعة القلم وإنما كان استاذا جامعيا آثر أن يكون قريبا من قضايا الوطن، ولذلك احتل مكانا في الخريطة السياسية والصحافية في بلاده، في وسط اليسار الديمقراطي اللبناني، فلما قتل أصيب الشارع بحال من الذهول.

كانت مواقفه واضحة تجاه قضايا مجتمعه، كما كان واضحا في احتجاجه على نظام الهيمنة وسلطة المخابرات، فلذلك جاءت مقالاته صريحة ومباشرة، وامتازت كتاباته بلغة ومواقف حادة توجه السهم إلى القلب. وكان مقاله الأسبوعي في "النهار" مكرسا لإلقاء الضوء على ممارسات "الأجهزة" و"الاستخبارات"، ولم يوفر فرصة للطرق على هذه الرؤوس الجامدة إلا استخدمها.

كتب عن "الاستبداد لحظة انكشافه" "النهار، 19 فبراير/ شباط الماضي": "ومهما تكن شطارة النظام المخابراتي في حياكة روايته التبريرية، فيبدو ان مبلغ الكبت جعل من انكسار الصمت... انقلابا رمزيا وسياسيا قد تتعدى مفاعيله حدود لبنان..."، ويذهب في سخريته اللاذعة إلى القول: "اضحت بلا جدوى محاولات المتبقي من البعث توزيع الناس بين فسطاطين، فسطاط العملاء والخونة وفسطاط "الوطنيين" المعنيين بالقضية القومية... أما اليوم فقد اصبحت القضية القومية تكمن في التخلص من أنظمة الارهاب والانقلاب واستعادة حرية الشعوب كمدخل الى نهضة عربية جديدة".

وفي مقال "إلى متظاهر سوري" "11 مارس/ آذار" كتب يقول: "بكل محبة، ان خطاب سلطتهم هراء في هراء، وان الحكم السوري في لبنان لم يكن لا فاعل خير ولا حكما حياديا تدخل بدافع المروءة من اجل التفريق بين المتحاربين واحلال السلام في ما بينهم. القوات السورية في لبنان كانت طرفا في الحرب: في البدء كطرف ضد الحركة الوطنية، ثم بعد حين كطرف ضد الاحزاب المسيحية. وفي الحالين، لم تكن حرب ملائكة. فكل الاطراف لوثوا ايديهم بالدم وكلهم دخلوا في مغامرات مدمرة".

هل بسبب هذه المقالات وضعت القنبلة تحت مقعد سيارته، وبسبب هذه المواقف انهيت حياة الاستاذ الجامعي في حي الاشرفية في بيروت؟. هذه عموما ضريبة الكلمة... فوداعا سمير قصير

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1001 - الخميس 02 يونيو 2005م الموافق 24 ربيع الثاني 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً