العدد 1003 - السبت 04 يونيو 2005م الموافق 26 ربيع الثاني 1426هـ

زمن "الشحاذين"... "الديمقراطي" ليته يدوم!

محمد صادق الحسيني comments [at] alwasatnews.com

لا أحد يقترب من "الايديولوجيا" حتى في إيران، البلد صاحب النظام الإسلامي. صدق ذلك أو لا تصدق!

وكأن فيها "مس" من السكون!

ليس بالضرورة لانهم غير معتقدين بايديولوجيا معينة، وبالذات بالايديولوجيا الإسلامية. لكنه زمن الانتخابات وهو بتعبير أحدهم من "قدامى المحاربين" هنا: زمن "استجداء" الاصوات و"شحاذيها". فكل مواطن عبارة عن رأي يمكن له ان يرفع مرشحا أو يطيح بآخر، لا بل ان باستطاعته ان يحول الانتخابات كلها الى "مشروع" اضعاف لهذه "الايديولوجيا" أو تلك، ناهيك عن قدرته على جعلها مشروعة أو غير مشروعة.

من هنا ترى جدران المدن ووسائل الاعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية "جدباء" تماما هذه الايام من اي لون "ايديولوجي".

"لقد ولى زمن الشعارات وحان وقت العمل والعملانية في التفكير والممارسة" هذا ما يردده مرشح محسوب على الترس الثوري وهو "يلتمس" اصوات الشباب ويعدهم بغد أفضل تتداول فيه النخب الشبابية السلطة وارثة اياها من الجيل الأول للثورة.

"لن أسمح بتدخل الدولة في حريم الاشخاص والعائلات وجماعات المجتمع المدني" واعدا الأخيرة بدعمه واسناده لها لتصبح فاعلة بعيدا عن "هيمنة" الدولة في ظل مشروعه الانتخابي الذي يقوم اساسا على برنامج "التنمية الديمقراطية" هذا ما يحرص التأكيد عليه مرشح آخر يعتبر من اركان النظام ومن المؤسسين له.

الكل يتغنى بالطبيعة والبيئة السليمة وما توفرهما هاتان النعمتان الالهيتان للايرانيين كل الايرانيين والذين يستأهلون مكانة وموقعا لائقين بهم بعيدا عن قيمومة الدولة أو تدخلها في "خصوصيات الافراد والجماعات" حتى المرشح القادم الى المسرح التنافسي الانتخابي من موقع قيادة الشرطة. انه زمن "استجداء الأصوات" الانتخابية والذي "يا ليته يدوم" كما ورد على لسان احد مساعدي الرئيس السابقين ذلك لأنه "زمن التصالح والمحبة والوئام والتنفس السليم" على حد تعبيره.

الجميع يريد ليس فقط "كسب ود الرأي العام الداخلي" بل وأيضا كسب ود الرأي العام الإقليمي والدولي ويسارع على الفور الى تكذيب أو تصحيح كل ما من شأنه الاساءة الى صورته العامة أو مدرسته الفكرية أو السياسية التي ينتمي اليها، حتى لايفهم خطأ انه يسعى للتوتر مع هذا البلد أو ذاك أو هذه المجموعة الدولية أو تلك.

انه زمن التصالح والتسامح والتساهل والرغبة في العيش أو التعايش مع "الآخر" كما انه زمن جميل يا ليته يستمر حتى بعد الانتخابات كما يقول المعلق القريب من مطبخ صناعة القرار، اليس كذلك؟!

انه زمن الوعود واية وعود! فقد ذهب أحدهم إلى أن قطع على نفسه عهدا بأن يؤمن دفع مبلغ ثابت لكل مواطن إيراني يأتيه وهو جالس في بيته بمقدار نحو "60" دولارا في الشهر فيما لو نجح في الانتخابات، كما ورد في الدعاية الانتخابية لمرشح هو الآخر - يتم تصنيفه من الرعيل الأول وأحد التلاميذ النجباء لـ "الايديولوجيا" بكل أمانة وصدق.

انها ظاهرة لطيفة وظريفة ومحمودة تكتب لهم بالتأكيد ان استدامت الى ما بعد الانتخابات سواء نجحوا فيها ام لم ينجحوا، لان الناجح لن يكون لأكثر من واحد ويا ليت ثمة آلية تمكن الناخب من "انجاحهم" جميعا حتى يمتحنهم معا في وقت واحد وفي ظروف متكافئة! لكنها المكنة الديمقراطية الحديثة والحداثية التي لن تسمح بأكثر من رئيس جمهورية واحد وبعدها قد "يتفنن" الرئيس في تعليق كل اخطائه أو عثراته على "شماعة" الآخرين الذين لم يسمحوا له بتحقيق جميع وعوده أو لم يوفروا له الظروف المناسبة والمثالية لتطبيق برنامجه الانتخابي! ولعل منهم من يرمي بالكرة في ملعب الناس والناخبين انفسهم والعياذ بالله! كأن لم يكونوا على مستوى معايير ومقاسات "الرشد" الديمقراطي كما تفضل النخب المنبهرة بالنظام الديمقراطي الغربي اليوم ان تتهم شعوبها و"ناسها" بعد تعثرها في موائمة حركة الناس ومواكبتها.

انها "اللعبة" الديمقراطية المستوردة أصلا من عالم الواقع الآخر المختلف تماما في سياقات تكونه عن سياقات تكون شعوبنا ومجتمعاتنا، لكنها "اللعبة" الأكثر رواجا و"مطلبا" والتي باتت تشبه صندوق الاحلام السحري.

"انها ورقة أصغر بكثير من الكف، تمسك بها اصابع ثلاث وتسقطها في صندوق مقفل فاذا بها "نائب" يسعى" كما يقول احد الصحافيين والكتاب الظريفين من صحيفة "السفير" اللبنانية، في تعليق له على انتخابات بلده البرلمانية.

انها "لعبة" تمرست عليها إيران على امتداد خمسة وعشرين عاما مضت افردت تجارب حلوة ومرة لكنها كانت دائما "معلمة" للناس ودروس عبر أفادتها كيف تتعامل مع هؤلاء "الشحاذين" للآراء فتنجح من تشاء وتخذل من تشاء في اللحظة المناسبة ويا ليت زمن "الشحاذين" هذا يدوم على الناس كل الناس في كل مكان في العالم حتى يكتشف الناس "معادن" الرجال لتجافي "الزبد" منهم وتبقي ما ينفعها يمكث في الارض

إقرأ أيضا لـ "محمد صادق الحسيني"

العدد 1003 - السبت 04 يونيو 2005م الموافق 26 ربيع الثاني 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً