العدد 1009 - الجمعة 10 يونيو 2005م الموافق 03 جمادى الأولى 1426هـ

ندوة القروض الاستهلاكية

جاسم حسين jasim.hussain [at] alwasatnews.com

يناقش مقالنا الأسبوعي التحليلي جانبا من الكلمات والمناقشات التي دارت في ندوة "القروض الاستهلاكية ضرورة أم رفاهية". يذكر أن جمعية حماية المستهلك البحرينية قامت بتنظيم الندوة في تاريخ 7 يونيو/ حزيران الجاري.

وجاء تحرك الجمعية ضمن نشاط تثقيفي يهدف إلى تسليط الضوء على تداعيات القروض الاستهلاكية على المجتمع عموما. حقيقة يكتسب الموضوع أهميته في ظل الزيادة المطردة لمستويات القروض الشخصية، إذ إنها فاقت المليار دينار حتى نهاية مارس/ آذار. ويعتبر هذا الرقم ضخما جدا، إذ يمثل 46 في المئة من حجم التسهيلات الممنوحة من قبل المصارف التجارية العاملة في المملكة فضلا عن تشكيله لنحو ثلث الناتج المحلي الإجمالي البحريني.

تحذير من التأثيرات السلبية للقروض

حذر راعي الحفل وزير الصناعة والتجارة حسن فخرو في الكلمة التي ألقاها من التأثيرات السلبية لسوء استخدام القروض الشخصية. وأكد الوزير أهمية تنبيه الناس إلى خطورة الديون وتأثيرها السلبي على حياتهم حاضرا ومستقبلا. واستشهد فخرو بإحصاءات العام 2004 والتي بينت أن القروض الشخصية زادت بواقع 25 في المئة في غضون سنة واحدة فقط. كما شدد الوزير على ضرورة تحصين المجتمع من المفاهيم الخاطئة بالنشاط الاستهلاكي.

توصيات صندوق النقد الدولي

من جهته، أشار الاقتصادي والاستشاري حسين المهدي إلى أن نسبة القروض الممنوحة للأغراض الشخصية في البحرين تعتبر الأعلى بين مثيلاتها في دول مجلس التعاون. جاء ذلك في سياق الكلمة التي شارك بها والمعنونة "القروض الاستهلاكية بين الفرد والمجتمع". أكد المحاضر أن القروض الشخصية تمثل 46 في المئة من مجموع القروض في مملكة البحرين مقابل أقل من 30 في المئة في دولة الإمارات العربية المتحدة. وأشار المهدي إلى توصيات صندوق النقد الدولي في هذا المجال والتي تؤكد تحديد القروض الشخصية بما نسبته 30 في المئة من حجم القروض والتسهيلات الممنوحة. باختصار يخرج وضع القروض في البحرين عن توصيات الصندوق. كما أشار المتحدث وبالأدلة القطعية إلى حدوث نمو غير طبيعي في مستويات القروض الشخصية في غضون عقد من الزمان.

القروض الشخصية مسألة ثقافية

بعد ذلك جاء دور كاتب هذه السطور، إذ قدم ورقة معنونة "القروض الشخصية ثقافة بحرينية متأصلة". أكدت الورقة أن هناك فرقا شاسعا بين ما تدفعه المصارف التجارية العاملة في البحرين من فوائد للودائع وما تفرضه على زبائنها للحصول على القروض والخدمات المصرفية الأخرى. بخصوص الربع الأول من العام الجاري دفعت المصارف 0,31 في المئة لودائع التوفير فضلا عن 2,21 في المئة للودائع المصنفة لفترة أقل من ثلاثة و2,62 في المئة للودائع للفترة ما بين ثلاثة شهور وسنة واحدة. بالمقابل فرضت المصارف نسبة فائدة تزيد على 8 في المئة للقروض الشخصية من دون ضمان ونحو 7 في المئة للقروض المضمونة بودائع. بمعنى آخر هناك فرق شاسع بين ما تمنحه المصارف للودائع وما تفرضه للحصول على القروض. وربما هذا يفسر استعداد المصارف منح جوائز نقدية وعينية للمودعين لغرض الحصول على ودائع ذات كلفة متدنية.

تشير إحصاءات مؤسسة نقد البحرين إلى أن مجموع القروض والتسهيلات الممنوحة من قبل المصارف بلغ 2231 مليون دينار في نهاية الفصل الأول من العام الجاري. والأهم من ذلك كان نصيب القروض الشخصية 1070 مليون دينار. بالمقابل كان نصيب قطاعات الإنشاء والتعمير والتجارة والصناعة مجتمعين 854 مليون دينار أي أقل من القروض الشخصية.

السؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا تفضل المصارف التجارية منح القروض على القطاعات الأخرى. باختصار تكمن العلة في معدلات الفائدة. كما أسلفنا فرضت المصارف معدلات تفوق 7 في المئة للقروض الشخصية حتى المضمونة منها بودائع وعقارات "تحديدا 8,22 في المئة للقروض من دون ضمان" مقابل نحو 5 في المئة للقروض التجارية وأعلى بقليل لأغراض الإنشاء والتعمير.

كما أشارت الورقة إلى حقيقة أن القروض الشخصية تمثل نحو 20 في المئة من موجودات المصارف التجارية "بلغ حجم موجودات المصارف التجارية العاملة في البحرين في نهاية الربع الأول من العام الجاري 5498 مليون دينار". أيضا تساهم القروض في تحقيق المصارف التجارية العاملة في المملكة أرباحا عالية نسبيا "على سبيل المثال حقق البنك الأهلي المتحد وبنك البحرين الوطني زيادة في الربح الصافي قدره 17 في المئة و10 في المئة على التوالي في الربع الأول من العام 2005 مقارنة بالفترة نفسها في العام 2004".

من جهة أخرى، أشارت الورقة إلى معدلات الفوائد المرتفعة على بطاقات الائتمان. فقد ارتفع المعدل من 18,6 في المئة في نهاية العام 2004 إلى 20 في المئة مع نهاية شهر مارس/ آذار من العام الجاري. حقيقة تعتبر نسبة الفائدة على بطاقات الائتمان مرتفعة.

واختتمت الكلمة بالدعوة إلى إجراء دراسات علمية رصينة توضح أسباب ميل الأفراد في البحرين للاقتراض الشخصي حتى يتسنى الوقوف على السلوكات والاتجاهات المسببة لهذه الظاهرة الاجتماعية. نلفت عناية القراء الكرام إلى أن تفاصيل الورقة نشرت في الصفحة رقم 10 من صحيفة الوسط عدد أمس "الجمعة".

مداخلات الحضور

شهدت هذه الندوة عدة مداخلات من الحضور. وكان لافتا ما قاله أحد موظفي مؤسسة نقد البحرين ان المصارف التجارية وافقت على المزيد من طلبات القروض قبل نهاية العام الماضي ومن ثم قامت بتنفيذها في الفصل الأول من العام الجاري. ومرد هذا الكلام أن المصارف وافقت على الطلبات قبل دخول القواعد الجديدة للقروض حيز التنفيذ.

يذكر أنه ابتداء من بداية العام الجاري أصبح لزاما على المصارف التجارية تطبيق القواعد الجديدة المفروضة من قبل مؤسسة نقد البحرين فيما يخص التمويل الاستهلاكي. وعرفت المؤسسة التمويل الاستهلاكي بأنه أي شكل من أشكال التسهيلات الائتمانية مثل القروض الشخصية والسحب على المكشوف أو بطاقات الائتمان. وحددت المؤسسة القسط الذي يدفعه الفرد للقروض الاستهلاكية على أن لا يزيد على نصف إجمالي دخله وبحد أقصى 7 سنوات للسداد. ربما علينا الانتظار حتى نهاية العام لنرى تأثير القواعد الجديدة للقروض على عمليات منح القروض.

كما أشارت المداخلات إلى نقاط أخرى من قبيل حماية المصارف نفسها وذلك عن طريق التأمين في حال وفات أو إصابة المقترض بعجز "على المقترضين دفع مبلغ التأمين". أيضا تلزم المصارف على طالبي القروض دفع رسوم إدارية لتغطية نفقات الموظف الذي يقدم الخدمة وأمور أخرى مثل القرطاسية. بالمقابل ليس بمقدور المقترضين والذين هم بحاجة إلى المال إلا الرضوخ لشروط مفروضة من جهة واحدة. يبقى بمقدور الأفراد حماية أنفسهم عن طريق الابتعاد عن الحياة الاستهلاكية

إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"

العدد 1009 - الجمعة 10 يونيو 2005م الموافق 03 جمادى الأولى 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً