العدد 1016 - الجمعة 17 يونيو 2005م الموافق 10 جمادى الأولى 1426هـ

مجلس التنمية الاقتصادية في مواجهة التحديات

جاسم حسين jasim.hussain [at] alwasatnews.com

يناقش المقال الذي بين يديك التحديات الاقتصادية التي تواجه مجلس التنمية الاقتصادية. يكتسب الموضوع أهميته وذلك بعد اكتمال الوضع القانوني فضلا عن الترتيبات الجارية فيما يخص الوضع الإداري للمجلس.

يذكر أن سمو ولي العهد أصدر قرارا في تاريخ 11 يونيو/حزيران الجاري يقضي بتعيين رئيس ديوانه الشيخ محمد بن عيسى بن محمد آل خليفة رئيسا تنفيذيا لمجلس التنمية الاقتصادية. وجاء قرار سمو ولي العهد تتويجا لمرسوم جلالة الملك الصادر بتاريخ 8 مايو/ أيار الماضي القاضي بمنح المجلس صلاحيات إضافية. تحديدا قضى المرسوم الملكي بأن تكون قرارات مجلس التنمية الاقتصادية ملزمة للوزارات والمؤسسات والجهات الإدارية في المملكة. بيد ان المطلوب من المجلس تنسيق أعماله مع رئيس مجلس الوزراء.

المعروف أن إحدى المهمات الرئيسية لمجلس التنمية الاقتصادية تتمثل في توفير البيئة الاستثمارية المناسبة في المملكة. يبدو لنا أنه لا مناص للمسئولين في المجلس من معالجة الأولويات عند رجال الأعمال والمستثمرين. يذكر أن غرفة تجارة وصناعة البحرين ومجلس التنمية الاقتصادية قاما في وقت لاحق من العام الجاري بإجراء مسح ميداني شارك فيه 656 شخصا. وكشف الاستبيان عن وجود تصور لدى القطاع الخاص فيما يخص عوائق النمو في البحرين.

صنف المشاركون الأولويات على النحو الآتي: 1- الحصول على التمويل بنسبة 28 في المئة، 2- البنية التحتية بنسبة 19 في المئة، 3- كفاية القوانين والنظم بنسبة 16 في المئة، 4- الحصول على قطعة أرض بنسبة 14 في المئة، 5- المعاملات الحكومية بنسبة 13 في المئة، و6- تطبيق القانون والنظام القضائي بنسبة 10 في المئة. وفيما يأتي قراءة تفصيلية للأولويات.

أولا: صعوبة الحصول على التمويل

للأسف الشديد لا تساهم المصارف التجارية العاملة في البحرين إلا بالنزر اليسير فيما يخص توفير التمويل المالي للمستثمرين. وكنا قد كشفنا في مقالنا في الأسبوع الماضي عن تفضيل المصارف منح القروض الشخصية على حساب التسهيلات الأخرى. فقد تبين أن القروض الشخصية تستحوذ على 46 في المئة من مجموع التسهيلات المقدمة من المصارف التجارية. للتذكير كان نصيب القروض الشخصية 1070 مليون دينار من أصل 2231 مليون دينار مجموع حجم التسهيلات المصرفية للمصارف التجارية في نهاية الفصل الأول من العام الجاري. بالمقابل حصلت قطاعات الإنشاء والتعمير والتجارة والصناعة مجتمعة على 854 مليون دينار أي أقل من القروض الشخصية. وتكمن العلة الرئيسية في نسب الفوائد المفروضة "8,22 في المئة للقروض الشخصية من دون ضمان مقابل 5,03 في المئة للتسهيلات التجارية".

وتؤكد التقارير أن الشركات الصغيرة تحديدا تعاني من صعوبة الحصول على التمويل، إذ تستحوذ على 10 في المئة فقط من الإقراض التجاري "مقابل 20 في المئة في السعودية". و يعود أحد أسباب ذلك إلى سيطرة البعض على الأنشطة المصرفية، إذ تبلغ حصة أكبر ثلاثة مصارف 75 في المئة من الأصول المصرفية للمصارف التجارية في البحرين "مقارنة بـ 49 في المئة و30 في المئة في كل من السعودية والإمارات على التوالي".

بيد أنه ربما نلحظ تغييرا في المستقبل على خلفية قيام مؤسسات مالية من دول مجلس التعاون بالدخول بقوة للسوق المصرفية في البلاد في الآونة الأخيرة "لاحظ نشاط بيت التمويل الكويتي في إعادة الحياة لمشروع درة البحرين وبيت التمويل الخليجي للكثير من المشروعات وفي مقدمتها مرفأ البحرين المالي". أيضا هناك حديث صادر من مؤسسة نقد البحرين بخصوص منح المزيد من الحرية للمؤسسات المالية المختلفة فيما يخص تقديم الخدمات المصرفية "لنا وقفة مع هذا الموضوع لاحقا".

أما دور بنك البحرين للتنمية يبقى محدودا في الوقت الحاضر بسبب ضآلة رأس ماله.

بلغ حجم القروض التي قدمها المصرف في العام 2004 أقل من 7,5 ملايين دينار. بمعنى آخر ما قدمه بنك البحرين للتنمية من قروض في العام الماضي يساوي أقل من واحد في المئة من حجم التسهيلات المقدمة من قبل المصارف التجارية، ولكن ربما نشهد تحسنا في عمل المصرف في حال تم تنفيذ اقتراح زيادة رأس مال المصرف بواقع خمس مرات "من 10 ملايين إلى 60 مليون دينار".

ثانيا: ضعف البنية التحتية

يشكل عدم توافر الكهرباء بشكل كاف تحديا لمن يرغب في الاستثمار في البحرين. فهناك شكاوى من قبل رجال الأعمال بالانتظار لفترات طويلة حتى يتسنى لهم الحصول على الكهرباء، إذ تمتد إلى ما بين 90 و180 يوما. بالمقارنة فإن مدة الانتظار في دبي تمتد من يومين إلى 60 يوما فضلا عن يومين فقط في سنغافورة.

لا بأس بالإشارة إلى ما قاله بعض التجار والصناعيين في المقابلات الشخصية التي أجريت من قبل الغرفة والمجلس بخصوص مشكلة الكهرباء. فقد قال صناعي كبير إنه أمضى سنة واحدة بانتظار توصيل الكهرباء. كما قال مالك مشترك لبناية إنه خسر إيجار 6 شهور بسبب عدم الحصول على الكهرباء في الوقت المناسب. هناك ادعاءات مفادها بأن البحرين ربما خسرت الكثير من الفرص الاستثمارية بسبب نقص المعروض من الكهرباء. كما لا نرغب في تذكير القراء بما حصل في 23 أغسطس/ آب 2004 أو ما عرف بيوم "الاثنين الأسود".

ولكن يتوقع حدوث نقلة نوعية في توفر الطاقة بعد استدراج القطاع الخاص لإنشاء محطة العزل في الحد لإنتاج 1,000 ميغاوات. ومن المنتظر أن يتم الانتهاء من المرحلة الأولى من المشروع قبل حلول صيف العام ،2006 إذ سيتم تزويد الشبكة الوطنية بـ 420 ميغاوات على أن يتم تزويد المتبقي في العام .2007 كما أكدت الحكومة أن القطاع الخاص سيتولى إنتاج أية توسعة جديدة للكهرباء في المستقبل. بحسب مجلة "ميد" المتخصصة في اقتصادات الشرق الأوسط يبلغ نمو الطلب على الكهرباء في البحرين نحو 7 في المئة سنويا الأمر الذي يؤكد الحاجة لإنشاء محطة جديدة لإنتاج ما بين 250 و300 ميغاوات كل سنتين.

كما بدأت الحكومة في تنفيذ المخطط الرامي إلى خصخصة محطة الطاقة في الحد. يذكر أن مجلس الوزراء وافق في شهر ابريل/ نيسان الماضي على تحويل إدارة محطة الحد "1 و2" للقطاع الخاص ويتوقع إرساء العقد على إحدى الشركات الدولية. المعروف أن محطة الحد تعتبر الأهم في الشبكة الوطنية بسبب سعتها الإنتاجية والتي قد تصل إلى نحو 1050 ميغاوات.

ثالثا: كفاية القوانين والنظم

تعاني البحرين من تداخل أنشطة عدة جهات حكومية وعدم وضوح بعض القوانين عند التنفيذ. على سبيل المثال بخصوص توفير الكهرباء كشفت نتائج الاستبيان أن غياب المساءلة وسوء التخطيط يقيدان الطاقة الإنتاجية في أوقات الذروة. ومرد انعدام المساءلة يعود إلى مشاركة عدة وزارات في تقديم الخدمات العامة "المالية والبلديات والماء والكهرباء". كما تبين من الدراسة الميدانية أن 78 في المئة من أصحاب الأعمال يعتقدون أن التسجيل والتراخيص تترك مجالا كبيرا للتقدير الشخصي للمسئولين الحكوميين. لقاؤنا يتجدد يوم السبت المقبل لتكملة النقاش

إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"

العدد 1016 - الجمعة 17 يونيو 2005م الموافق 10 جمادى الأولى 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً