العدد 1020 - الثلثاء 21 يونيو 2005م الموافق 14 جمادى الأولى 1426هـ

استمرار العنف في العراق يخفض نسبة الالتحاق بالجيش الأميركي

سمير عواد comments [at] alwasatnews.com

توصلت خمسة من أبرز مؤسسات أبحاث السلام في ألمانيا في تقرير مشترك بشأن النزاعات المسلحة الدائرة في العالم إلى أن ما يسمى الحرب ضد الإرهاب التي أعلنتها الولايات المتحدة، ليست استراتيجية ناجحة للقضاء على الإرهاب وتحقيق الديمقراطية. وجاء في التقرير أن نتائج هذه الحرب سلبية وبصورة خاصة في العراق، إذ تسبب غزو العراق في قيام تعاون بين تنظيم "القاعدة" ومؤيدي الرئيس المخلوع صدام حسين، وكان هذا مستحيلا في ظل النظام السابق في العراق. وسجل التقرير خطأ فادحا وقعت فيه وزارة الدفاع الأميركية حين حلت الجيش والمخابرات والشرطة العراقية بعد الغزو، ما نتج عنه ظهور ثغرة أمنية يدفع الجنود الأميركيون وقوات الأمن العراقية والمدنيون ثمنها باهظا كل يوم.

تزامن نشر هذا التقرير مع الكشف عن تقرير عن انعكاس استمرار الحرب ما بعد الحرب والتي تكلف عشرات القتلى يوميا في العراق. ولا يتوقع المراقبون نهاية في القريب للتفجيرات التي تستهدف بالدرجة الأولى الجنود الأميركيين وأيضا قوات الأمن العراقية. يشير تقرير عن انخفاض نسبة الإقبال على التجنيد في صفوف الجيش الأميركي وأن مهنة الجندية بدأت تفقد جاذبيتها داخل الولايات المتحدة. فالجيش الأميركي لم يفلح في الشهر السادس على التوالي في تحقيق نسبة التجنيد المطلوبة منه والسبب استفحال الوضع الأمني في العراق ذلك أن صور الدمار والدماء تجعل الشباب الأميركي ينفرون من الانضمام للجيش.

يلاحظ أن الصحف ومحطات التلفزيون في الولايات المتحدة توقفت منذ فترة عن عرض الأخبار والصور المتعلقة بالتفجيرات في العراق نظرا إلى تكرارها اليومي الذي لا ينقطع. باستثناء العمليات الكبيرة التي تودي بحياة أعداد كبيرة من العسكريين أو المدنيين كالتفجير الذي وقع أمام مصرف في مدينة كركوك شمال العراق وسقط فيه 29 شخصا على الأقل كانوا ينتظرون الحصول على رواتبهم. وهو التفجير الذي أدى أيضا إلى إصابة 63 آخرين، أو التفجير الذي وقع في قاعدة عسكرية أميركية في تكريت وأودى بحياة عشرين جنديا أميركيا على الأقل. كما أن صور حطام السيارات المنفجرة أو صور المواطنين والدماء تغطي وجوههم وأجسامهم والتي تعرض على محطات التلفزيون الأميركية في نشرات الأخبار الرئيسية، تؤدي إلى نتائج سلبية تخشاها وزارة الدفاع الأميركية. وخصوصا ظهور صورة أن العراق أفظع مكان على وجه الأرض بسبب الوضع الأمني المتدهور وبالتالي انتشار الخوف في نفوس الشباب الأميركي وثنيه عن الالتحاق بالجيش.

حتى اليوم نجحت استراتيجية الصقور في واشنطن في تقييد الصحافة الأميركية وخصوصا أن بعض التقارير التي نشرت قبل أسابيع كشفت عن حصول صحافيين أميركيين على رشا من الدولة لقاء الترويج لحرب العراق وأن ما تقوم به الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان يرمي إلى تحقيق مبادئ الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية في هذين البلدين. لكن هذه الاستراتيجية على وشك التعرض للفشل على ضوء الحقائق التي تكشفها صور الحرب المستمرة والتي تنشر الخوف في نفوس الشباب الأميركي.

يشير التقرير إلى أن عدد المتقدمين للالتحاق بالجيش الأميركي شهد تراجعا ملموسا في الفترة الأخيرة. وعلى رغم تعليل وزارة الدفاع الأميركية ذلك بتحسن الوضع الاقتصادي في أميركا، يرى كثير من المعلقين أن السبب الحقيقي يعود إلى الخوف من التعرض لخطر. ولا يخيف الشباب الأميركي الوقوع ضحية التفجيرات المتكررة فحسب بل أيضا ظروف العمل القاسية خصوصا تلك التي يتعرض لها الجنود غير المحاربين والذين يشكلون في العراق بجانب الحرس الوطني 40 في المئة من حجم القوات المتمركزة في العراق. هؤلاء الجنود يعانون من فترات خدمة طويلة في أفغانستان والعراق، كما يضطرون إلى التحرك المفاجئ من موقع إلى آخر من دون إبلاغهم سوى بوقت قصير قد لا يتعدى ثلاثة أيام، إضافة إلى مشكلات الإمدادات والتموين. كل ذلك يجعل الجنود مرهقين وعلى حافة الانهيار. كذلك تتسبب سياسة وزارة الدفاع الأميركية المتعلقة بالجنود المنتهية فترة خدمتهم من العودة إلى وطنهم في زيادة نفور المزيد من الشباب من الالتحاق بالجيش الأميركي.

يوضح التقرير أن نسبة الإقبال على التجنيد في شهر مايو/أيار الماضي تراجعت بمقدار 25 في المئة، وبذلك يعجز الجيش الأميركي للشهر السادس على التوالي عن تحقيق نسبة التجنيد المطلوبة منه، وذلك على رغم إعلان الجيش الأميركي خفض عدد المطلوب تجنيدهم من 8050 إلى 6700 جندي. ولا يرى المراقبون أية علامات إيجابية على إمكان تشجيع الشباب الأميركي على الإقبال على التجنيد، بل على العكس فإن الأخبار التي ترد من العراق تتحدث عن مقتل المزيد من الجنود الأميركيين الذين تجاوز عددهم 1700 منذ أن أعلن الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش نهاية المعارك الرئيسية في الأول من مايو/أيار العام .2003

الخبراء العسكريون يتخوفون من الفشل في الحصول على العدد المطلوب من الجنود الجدد. فحتى الثلاثين من سبتمبر/أيلول المقبل يتعين تجنيد 80 ألف جندي جديد في الجيش و38 ألف جندي في سلاح البحرية، وهي في مجملها عصب القوات العاملة في العراق اليوم. يتوقع المسئول العسكري في عقد الثمانينات لورانس كورب أن القوت الأميركية المجهدة ستصل إلى نقطة حرجة في منتصف العام المقبل، عندها لن تستطيع الاستمرار في القيام بواجباتها. ردت وزارة الدفاع الأميركية على ذلك وأطلقت حملة دعائية تحث على الالتحاق بالجيش. في إطار هذه الحملة هناك شريط تلفزيوني دعائي يظهر جنودا مدربين تدريبا عاليا يقومون بمشاهد مفعمة بالشجاعة لإثارة مشاعر الشباب وتشجيعهم على الانضمام للجيش. لكن هذا الشريط الدعائي لا يعكس الواقع الدامي في العراق. كما يخاطب الشريط أولياء الأمور لتشجيع أبنائهم وبناتهم على الالتحاق بالجيش لخدمة الوطن. ولا تتجاهل هذه الحملة إبراز الفوائد الجمة التي تعود على الملتحقين بالجيش بالنفع مثل قروض طويلة الأجل بفوائد مخفضة.

في غضون ذلك تتعالى أصوات بعض الخبراء مطالبين بإصدار قانون يجعل من الخدمة العسكرية خدمة إلزامية. غير أن مسئولي الإدارة الأميركية يؤكدون أن اقتراحا كهذا غير وارد في الوقت الحاضر. وكان قد تم إلغاء الخدمة العسكرية الإلزامية في العام .1973 منذ ذلك الوقت يعتمد الجيش الأميركي على أعداد المتطوعين وحملات تحرض على الالتحاق بالجيش وخصوصا في أوساط العائلات الكادحة حيث الجيش فرصة مواتية للشباب الذي يواجه صعوبة في الحصول على وظيفة عمل. غير أن منظمات السلام المناهضة للحرب تعتقد على ضوء التطورات الأخيرة وحاجة الجيش الأميركي لجنود جدد قد تدفع إدارة الرئيس بوش لإعادة تطبيق قرار الخدمة العسكرية الإلزامية من جديد

العدد 1020 - الثلثاء 21 يونيو 2005م الموافق 14 جمادى الأولى 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً