اليوم، لا يساور المواطن، الغيور على البحرين ومستقبلها، الشك في وجود الكثير من اللاعبين في ساحة العمل السياسي البحريني، ممن راحوا، وبصدق وإخلاص، يضعون أيديهم على قلوبهم خشية تدهور الأوضاع وانزلاقها نحو ما لا يشتهيه هو، أو يريده، لها أولئك الكثيرون. لكن تطور الأحداث لا تسيرها النوايا، حسنت تلك النوايا أم ساءت سرائرها. كما أن تلك النهايات لا تخضع لأيٍّ من تلك النوايا. هذا ما تعلمناه من دروس تاريخ تطور الأمم أو انتكاساتها. والخشية كل الخشية أن يجد الجميع أنفسهم وقد اكتووا بنيران الطريق التي تتجه نحوها اليوم الأوضاع في البحرين، حيث تحذر كل المؤشرات من مغبة خسائر فادحة سوف يتحملها الجميع، إن لم يكن في المستقبل المنظور، ففي فترة ربما لا تكون طويلة، بالمقياس الزمني للتطورات التاريخية.
والحديث عن الخسائر المتوقعة هنا، ليس المقصود منه فقط ما يتركه وراءه من آثار حريق يشب في هذه العمارة هنا، أو تكسير لممتلكات عامة هناك، أو كسر لإشارة مرورية بينهما، رغم شجب المواطن العادي لمثل هذه الأعمال العنيفة غير المبررة، غير المجدية سياسياً ووطنياً وعقلياً. بالقدر ذاته هي لا تشمل فقط ضحايا حملة الاعتقالات التي تشمل مجموعة من المواطنين في هذه القرية أو ذلك المجمع السكني. الخسائر التي يخشاها المواطن، ويخاف من تحمل تبعاتها، ودفع ضريبتها الباهظة، هي تلك ذات الطابع الأكثر شمولية، والأشد عمقاً من كل ذلك، والتي تترك وراءها آثاراً عميقة يصعب محوها أو الحد من سلبياتها، عبر أجيال قادمة. تتوزع تلك المخاطر على ثلاثة محاور رئيسية هي:
المحور الاجتماعي، فما يجري من أحداث اليوم، لا يمكن أن يقود أي مجتمع سوى نحو نهاية واحدة تقوم على بناء حواجز من الحزازات الاجتماعية المدمرة بين القوى المختلفة الانتماءات، اجتماعية، كانت أم إثنية أم طائفية. منطق تلك الحواجز يؤدي في نهايات المطاف إلى مجتمع ممزق، تقيم في كل طرف منه طائفة أو فئة، لها طقوسها الخاصة بها، وغير المتكاملة، أو حتى المتناسقة مع الفئات الأخرى. يتحول المجتمع حينها إلى أرخبيل جزره تلك الطوائف التي فقدت كل مقومات التناغم الاجتماعي فيما بين أفرادها. وكلما طالت فترة التمزق، إزدادت الجدران عُلوّاً، والجزر ابتعاداً عن بعضها البعض، إلى درجة يصبح عندها إعادة اللحمة فيما بين قاطني تلك الجزر المتنافرة اجتماعياً، مهمة في غاية الصعوبة إن لم تكن مستحيلة. وإن كانت للبحرين أن تفخر بتجاوزها حواجز أرخبيلها الجغرافي، من خلال ذلك التعايش المشترك الذي نعمت به ثقافات متباينة، فهي اليوم، أكثر من أي وقت مضى، وبفضل الظروف المستجدة المناهضة للتعايش المشترك وقبول الواحد منا بالآخر، مطالبة بتجاوز قيود أرخبيلها الاجتماعي الذي يخشاه المواطن العادي. ومن الخطأ القاتل التهوين من سلبيات هذا المحور الاجتماعي، أو الاستخفاف بسلبياته.
المحور الثاني ينطلق من خلفية سياسية، حيث ستزرع الأحداث نفسها وتغرس نتائجها عميقاً، وبشكل سلبي، في أذهان المواطنين الذين ستفرق بينهم حواجز تلك الشروخ الاجتماعية التي سيجدون أنفسهم، اليوم أو لاحقاً، أسرى لها، وربما ساهموا في بناء البعض منها بوعي أو بدون وعي. فمن الطبيعي أن يولد أسمنت الحواجز الاجتماعية مجموعة «الغيتوات» السياسية المتناثرة التي ستبنيها الأحداث في فترة قصيرة، ربما يصعب علينا، اليوم، تحديد سرعتها. هذا على المستوى الطبيعي الملموس، لكن الأسوأ منه هو التباعد السياسي الفكري، الذي سيتمخض عنه ذلك التمزق الاجتماعي. قد تبد الفكرة طوباوية، لكن تبقى تجارب بلدان ليست بعيدة عنا في السابق والحاضر - رغم اختلاف الظروف المحيطة بها عن تلك التي يقوم فوقها المسرح السياسي البحريني وكذلك الأمر بالنسبة القوى الفاعلة سير أحداثها - دروساً غنية ينبغي قراءتها بموضوعية وتجرد بعيدين عن أية عاطفة، أو أوهام تفاؤلية لا نملك اليوم أيّاً من مقوماتها. هذا المحور هو الآخر سيقيم سدّاً منيعاً يقف حائلاً أمام دون أي حوار سياسي بين الأطراف المتصارعة اليوم. وكلما طال أمد الأحداث التي تشهدها البحرين اليوم، ارتفعت حيطان السد علوّاً، حتى تصبح مهمة الحوار في غاية الصعوبة، إن لم تكن مستحيلة أيضاً.
المحور الثالث، يقوم على تأثر الأوضاع الاقتصادية، بالمعنى الشامل للتعبير، من جراء تفاقم المشكلة الأمنية، ومن جهة ثانية يؤدي تصاعد عنف المواجهات أو امتلاء السجون، الي تراجع الأعمال، وتلكؤ دورة الإنتاج، ما يقود بالضرورة إلى تفشي البطالة، وارتفاع معدلاتها بشكل مستمر.
وعندما تتضافر هذه المحاور سلبياً، وبشكل تكاملي، كما يلمسه المواطن اليوم في البحرين، تتحول المشكلات إلى انتكاسات، وتتطور هذه الانتكاسات إلى كوارث على الصعد كافة: اجتماعية، سياسية، واقتصادية.
أمام مثل هذه الصورة القاتمة، يفقد المواطن ثقته في أي سلاح منطقي يمكنه أن يمتشقه للخروج من أزمته، ولا يجد، مقابل ذلك، من وسيلة يلجأ إليها كي تنتشله من صحراء الرمال المتحركة التي يرى نفسه متجهاً نحوها، سوى صرخة عاطفية علها تثير نخوة من ينتخي لبلده.
ربما آن الأوان كي تخرج من بين الصفوف امرأة بحرينية شجاعة تصرخ في وجه الجميع، «وا بحريناه»، علَّ في صرختها ما يعيننا على التفكير في البحرين ومستقبلها، وما دون ذلك تفاصيل لا ينبغي أن نتوقف عندها. إننا نقف ضد العنف والتخريب والحرق ولا يمكن تبريره بداية أو استمراراً ويجب أن يتوقف، ولكن أيضاً، فإن قلوبنا يعتصرها الألم من أجل بحريننا الغالية .
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2908 - الأحد 22 أغسطس 2010م الموافق 12 رمضان 1431هـ
أفيقوا
الأستاذ الكريم,لسيادتكم ولباقي الأساتذة كتاب ((الوسط))المحترمين بودي أن أسألكم:هل ضللتم الطريق؟ أم أضعتم البوصلة؟
وطني الحبيب
ان كان خيرك ليس لابناءك فلن يستمتع به الغريب والغازي فاعدرني
جزبل الشكر للكاتب المبدع
شكرا للكاتب الكريم وتحية طيبة للمعلق رقم 15 وهو 7*1=كرامة الشعب وكفى!!!.
كرامة الشعب = تقدم البحرين
1) على الدولة أولا أن تحترم كرامة الشعب و تعمل على حمايتها لا على مصادرتها والقضاء عليها كما تعمل الان ,
2) على الدولة أن تهي سبل العيش الكريم للمواطن و تعمل على تلبية متطلباته .
3) على الدولة اعتماد لغة الحوار مع الشعب لا لغة الاعتقالات و الرصاص
4) على الدولة احترام حرية الراي و التعبير
5) على الدولة أن تبتعد عن لغة التخوين والتنظيمات السرية الوهمية التي تفتعلها و تروج لها
6) على الدولة الغاء التمييز و التجنيس و الفساد بأشكاله
7) معاقبة المفسدين
تحياتي / ابو سيد حسين
وا بحريناه!
صرخة منى ايضا
للأسف عزيزي الكاتب
عندما صرخت أمرأة مسلمة وامعتصماه
قلنا لكم اسمعوهم هنا أفضل
صمّ الآذان في الداخل يؤدي إلى قتح آذان أخرى بالخارج وإذا كانت الإذن الداخلية غير متقبلة سماع الأصوات والضجيج فإن هناك آذان أخرى يمكنها سماع ذلك.
الأمور سوف تتعقد أكثر لأن الطرق الأمنية تعقد الأمور وتفتح ملفات اخرى وهذه الملفات لها تبعات
أخرى جديدة سوف تزيد الأمر تعقيدا
كفاك !
الاخ عبيدلى : انت من رواد العمل الوطنى وعشت النضال الوطنى بمختلف مراحله .. هل كنا زمان وحتى ايام الاستعمار نفكر بهذه العقلية الطائفية المريضة . مواطن اصلى واخر تقليد, ملفات وطنية جرى تسليمها لتيارات طائفية بامتياز استخدمتها لاغراض طائفية تهدد السلم الاهلى , كيف تاتى اليوم للكلام بهذه العموميات . يجب ان تتحسر على ايام القوى الوطنية الصادقة وتتبرأ من هذه التيارات الطائفية التى يطالب الشعب بقطع روؤس الفتنة فيها , ام انت ايضا تتعتبر أن الشعب البحرينى فقط بعض الموتورين في بعض القرى , بالله عليك كفى.
لا طائل من الكلام
الجهات الرسمية لا تحاور ولا تريد التحاور ولا تستمع لأحد. الكثير حذر من زمن قبل الوصول إلى هذا المنزلق ولكن الحكومة ليس لديها إلا الحوار عبر قبة البرلمان وهي على يقين بأن الحوار عبر البرلمان لا يمكن الخروج منه بشيء لذلك هي السبب وهي من جرّت الديرة إلى هذا الوضع. لو كانت استمعت للناصحين والحريصين على هذا البلد لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه وإلى الآن نفس الطرح سوف لن يوجد تقدم في القضية على العكس سيدهور الوضع وبالنهاية سيجد الجميع أن مبدأ الحوار لا بد منه فلينتبهوا قبل فوات الأوان
وابضا وابحريناه
اخي عبيدلي يبقى السؤال الكبير ماالعمممممممممل؟
اين تجار البحرين
الاقتصادي هو الهم الأكبر الذي لم تعالجه صراحة الا تعتقد أن شرط التنمية هو الاستقرار لا شك انك تدرك ذلك فأنت ممن سكنوا لبنان قبل الحروب وبعدها لذا كنت تلامس تلك التحولات في الاقتصاد اللبناني وتعلم ان لبنان مهيأ أكثر من البحرين بكثير في مجالات التنمية والآن وبعد كل موجة إعلامية عالمية عن تفجر الأحداث في البحرين ونقل تلفزيون البحرين الحرائق وكأن البحرين تحترق وهو مجرد تايرإطار ألا تعتقد ان لعبت الشد بين الأجهزة الأمنية وبعض الشباب من نواحي القرى ضخم بدرجة قد تهدد مستقبل البحرين الاقتصادي
وابحريناه
وهذه صرخة من أعماق قلب امرأة بحرينية.. وابحريناه..
يكاد الوطن ان يظمك 2 **
امريكا لن تتطبق الديمقراطيه الصرفه الا بعد عقود وما زالت توجد ثقرات ، ومن جهة ردود فعل حكومتنا على الاتجاهات المعاكسه لها وعلى درجة ضخمة من المبالغات في حجم التطاهر بالمذهبيه لا الوسطيه كما كانت قبل عقود من تاريخ البحرين ، فهذا ما يشعل النار في الوطن ومن يرضى من الدول ان تعلق صور قيادات سياسيه دينيه في دور العبادات ، فهل هذا يجوز ان يكون بالمثل في بلادهم . هذا شيىء واحد فقط لنكران قيادة الوطن ، يرجى النشر لأن اكثر المشاركات تنفى ولا نراها اذا كنتم حقانيين وتأمنون بالرأي الآخر بحرية النشر .
يتبع .... واإنساناه
فقد ورد في الحديث أن حرمة المؤمن عند الله أكبر من حرمة الكعبة .. قل لي بالله عليك هل بقيت حرمة لإنسان هذا البلد وهو يرى بأم عينيه كيف تنتزع اللقمة من فمه ومن فم عياله من قبل حفنة من الجشعين المتسلطين على رقاب الخلق.. نعم أتفق معك بأن أسلوب الحرق أسلوب غير حضاري ومدان ولكن قل لي بربك هل سرقة الأراضي والسواحل والرمال وتدمير البيئة أقل ضرراً من حرق حاوية قمامة أو إطار على جانب الشارع !!! مالكم كيف تحكمون!!!
أبو صادق الدرازي
بين المشاركين والمقاطعين؟
استاذي الكريم، اضيف الى المحور الاجتماعي ، هو ان الهوّة والخلاف اتسع وعظم ما بين من يدعو للمشاركة والمقاطعة، الآن وجد المقاطعون اسبابا و مبررات (لا يمكن إغفالها) لمقاطعة الانتخابات، وانت لا تستطيع ان تجادلهم وإن فعلت فلا تملك حججا يمكن ان تدعم موقفك، المشكلة فيما ستترك تلك الاختلافات من خلافات و حزازات قد تصل الى درجة الخصام بين المقاطعين والمشاركين وان كانوا من قرية واحدة او حتى اسرة واحدة .. هل هذا الأمر كان مخططا له؟! .. يقول البعض بلى لكي تضعف حظوظ المشاركين (المعارضين) في الوصول
واإنساناه!!
سيدي الكاتب القدير عبيدلي تحية بحرينية أصيلة بعبق الياسمين البحريني لك ولكل الشرفاء أمثالك على هذه النخوة الوطنية.. وأنا أقرأ مقالك الرائع تبادر في ذهني سؤال هو: هل هناك شيء عندنا أغلى من البحرين؟! فكان الجواب من سنخ عنوان مقالك: واإنساناه.. نعم ياسيدي ليس هناك أغلى وأكرم من الإنسان الذي عمر هذه الأرض والذي كرمه الله على كل المخلوقات فقال: ولقد كرمنا بني آدم. فعندما تهدر كرامة هذا الإنسان وتفضل عليه حيوانات (المعزبية) لاتبقى أي قيمة لأي أرض مهما بلغت حتى الكعبة المشرفة....يتبع
يكاد الوطن ان يظمك الى صدره ايها المبدع
إنك وطني من الدرجه الممتازه وتحافظ على لألا تكسر الزجاجه الوطنيه لأنها سوف لا تتصلح الا الأبد ، هذا الوطن يعاني الكثير من المشاكل وقادته اوفياء له ومجدين في تطويره ولكن الاطراف الأخرى تحاول الحصول على الحقول الجاهزة الثمار دون الصبر والمثابرة على زراععتها على الأرض التي وفرها المالك لهم فلا امثلهم الا بذلك الثعلب الذي دخل من فتحة صغيره في احد البساتين ولما شبع بطنه وامتلىء اكثر من اللازم لم يستطع يخرج وبقى مسجون قراره حتى رجع بطنه على طبيعته وخرج كأنه لم يفعل شيء نحن لا نعرف في السياسه ولكن
الحريصون المخلصون المضحون لهذا الوطن هم أهله فقط
الالم يعتصر قلوبهم والخوف عليه هاجسهم وحب الخير له امنيتهم والاستعداد للتضيحة من أجله غايتهم ، أما غيرهم فلا هم لهم سوى الدمار والخراب وبث الفرقة والعيش على تضحيات غيرهم والاكل على موائد النفاق واشلاء الاخرين..ز