العدد 2912 - الخميس 26 أغسطس 2010م الموافق 16 رمضان 1431هـ

«الأربعاءات الدامية» تتجدد في العراق

علي الشريفي Ali.Alsherify [at] alwasatnews.com

-

الوصف الصحيح لما جرى للعراق يوم أمس الأول (الأربعاء) عندما شنت عناصر مسلحة عمليات انتحارية وغير انتحارية متزامنة في تسع محافظات عراقية، بأنه كان أخطر مما كان يعرف بـ «يوم الأربعاء الدامي» الذي فجر فيه انتحاريون من تنظيم القاعدة وزارتي الخارجية والمالية في 19 أغسطس/ آب العام 2009.

صحيح إن عدد الذين سقطوا في أربعاء 2009 الدامي بلغ نحو 95 قتيلاً و563 جريحاً وإن الأهداف كانت «نوعية»، حيث تزامنت مع ستة انفجارات في العاصمة (بغداد) كان من بينها مبان حكومية تقع بالقرب من المنطقة الخضراء المحصنة وسط بغداد، وعُدّت تلك العمليات الانتحارية في حينها على أنها أخطر خرق أمني منذ انسحاب القوات الأميركية من المدن والبلدات العراقية في يونيو/ حزيران من ذلك العام، إلا أن ما جرى في أربعاء 2010 وراح ضحيته نحو 60 قتيلاً و250جريحاً يحمل خرقاً أمنياً كبيراً يفوق الخرق الأمني الذي حصل في العام 2009، وخصوصاً أن ما يربط بين الحدثين الداميين تزامنهما مع انسحاب القوات الأميركية من المدن العام الماضي، وانسحاب القوات الأميركية القتالية من العراق هذا العام.

لقد أشرت التفجيرات التي حدثت يوم الأربعاء الماضي إلى خلل كبير في عمل وبنية القوات الأمنية العراقية، كما أشرت بالمقابل إلى تخطيط متقدم للعناصر الإرهابية فاق قدرة القوات العراقية على الاستخبار والاستمكان قبل حدوث هكذا عمليات «نوعية» كان الهدف المشترك لجميعها التجمعات العسكرية والأمنية في المحافظات العراقية.

هنا طبعاً لا يمكن مقارنة هذه العمليات بالحرب الطائفية الأهلية التي عاشها العراق خلال العامين 2006 و2007 وبدايات 2008، لكن أيضاً لا يمكن مقارنة هذا الاختراق بالواقع الأمني الذي كان سائداً آنذاك، والمتمثل في تطور تدريب وتسليح وزيادة أعداد القوات الأمنية العراقية من شرطة وجيش وحرس حدود وقوات صحوة تعمل تحت قيادة القوات الأمنية وصل عددها الإجمالي إلى ما يقارب المليون عنصر.

لقد أثبتت التفجيرات الأخيرة في تسع محافظات عراقية ممتدة من البصرة جنوباً وحتى كركوك شمالاً - مع إفشال عمليتين أخريين في محافظتي ميسان والديوانية جنوب بغداد - أن تنظيم القاعدة (إذا ما افترضنا سلفاً أن هذا التنظيم وراء هذه التفجيرات كما تردد القوات الأمنية والسياسيون ذلك) مازال قوة فاعلة ومؤثرة قادرة على تنفيذ سلسلة عمليات متناسقة في أكثر من نصف عدد المحافظات العراقية ومن بينها المحافظات المستقرة أمنياً دون أن يردعها رادع أو تثنيها قوات. وإذا ما خلصنا إلى هكذا نتيجة فإن الموضوع برمته يحيلنا إلى عدد من الأسئلة التي ستبقى بحاجة إلى إجابات واضحة من الدولة لهذا السؤال على الأقل:

مع كل هذه العمليات الإرهابية التي تضرب العراق طولاً وعرضاً؛ كيف توصل قادة القوات الأمنية ومعهم الحكومة العراقية منذ سنتين تقريباً إلى نتيجة تم إعلانها عبر وسائل الإعلام عن «ترنح تنظيم القاعدة بعد قتل ومطاردة وتفكيك هيكليته القيادية العليا»، وبحيث أصبح هذا التنظيم (حسب التصريحات الرسمية قبل سنتين) يلفظ أنفاسه الأخيرة، وإن هذا التنظيم قد تحول إلى ثلة من الأفراد المتشرذمين التائهين الفاقدين للقيادة أو حتى لأرض توفر لهم حاضنة داخل العراق؟

إذا ما افترضنا سلفاً أن تصريحات المسئولين الأمنيين والسياسيين بشأن القبض على قيادات الصف الأول والثاني والثالث من تنظيم القاعدة صحيحة، فإن العمليات التي شهدناها منذ يومين يمكن أن تصنف هذا التنظيم الذي فقد ملاذاته في العديد من دول العالم، هو تنظيم «حي وولود» قادر على إعادة تنظيم صفوفه بأسرع من القوات الحكومية والأميركية التي تسيطر على أرض وسماء ومياه العراق بكل قدراتها الهائلة! أو إن ما جرى في العراق عن سحق هذا التنظيم لا تعدو عن كونها عملية تضليل جديدة قادها عسكريون وسياسيون، وإن الحقيقة لم تتعدَّ سوى القبض على عدد من العناصر الثانوية في هذا التنظيم ومعهم عدد أكبر من الأبرياء الذين يتشبث السياسيون العراقيون على إظهارهم إرهابيين لتحقيق مكاسب سياسية وانتخابية، وإن الحقيقة التي يتهرب منها السياسيون في العراق تقول: إن خطر «القاعدة» مازال قوياً وهو قادر على توجيه ضرباته بالمكان والزمان اللذين يحددهما.

وإذا ما صح التوقع الأخير، فعلى العراقيين ومن بينهم السياسيون انتظار أربعاءات قادمة دامية أكثر فأكثر.

إقرأ أيضا لـ "علي الشريفي"

العدد 2912 - الخميس 26 أغسطس 2010م الموافق 16 رمضان 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 7:01 ص

      آلة بطش ليس إلا

      القاعدة ما هي إلا آلة بطش(ذخيرة حية يستعملها أعداء العراق(الدول المجاورة بدعم الجيش الاميركي بصورة لا يراها الشيطان الاصغر(أفراد القاعدة - أشخاص ذاب على تسخيرهم من قبل الاميركان منذ سقوط الطاغية في الكويت-1991).

    • زائر 2 | 6:03 ص

      لك الله ياعراق

      لن تعرف العراق الامن مادام هناك اناس لاتريد لهذا البلد الاستقرار وخاصة الناس الحاقدين على محبي اهل البيت عليهم السلام لكن الله سينجي هذا البلد رغم انوف الحاقدين

    • زائر 1 | 2:57 ص

      كلام صحيح

      كلام صحيح

اقرأ ايضاً