العدد 2915 - الأحد 29 أغسطس 2010م الموافق 19 رمضان 1431هـ

التمسك بالأجواء الصحية ونبذ مادونها

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

«الوفاق تعلن عن 34 مترشحاً... وشعار حملتها الانتخابية (ديرتنا نحميها)»... « الوفاق تعلن قائمتها الأولية لمرشحي النيابي والبلديات»... «أكد أن رفض تطبيق القانون لا يبني دولة المؤسسات... شريف يطعن لدى القضاء لرفض تزويده بعناوين الناخبين»... «استندت في طعنها إلى خرائط البلدية والأشغال وغوغل إيرث، فخرو: كشفنا مئات العناوين الوهمية في رابعة الوسطى».

زخرت الصحف الصادرة يوم أمس بمثل هذه العناوين، وأخرى كثيرة غيرها ذات العلاقة المباشرة بانتخابات برلمان 2010. وإن دل ذلك على شيء، فإنما يدل على الوجه الإيجابي الصحي من عملة الأجواء التي نشرها العمل البرلماني، الذي ينبغي علينا جميعاً التمسك به، والدفاع عنه ضد أي محاولة لإجهاضه، أو إيقافه، كي نضيع الفرصة على من يتربص به كي يعيد ما جرى في أغسطس / آب 1975، وما تلى ذلك من مرحلة «قانون أمن الدولة»، التي أدخلت البحرين في نفق قمعي مظلم لم ينقذها منه سوى المشروع الإصلاحي الذي دشنه الملك في مطلع هذا القرن. بالقدر ذاته، وعلى قدم المساواة، ينبغي ألا يخفي عنا كل ذلك، أو ينسينا، مهما بلغنا من التفاؤل، ذلك الوجه القبيح، الذي، أطل، دون أن يكون للبرلمان يد فيه، مع بدء التسجيل لانتخابات برلمان 2002، ويكاد أن يقود البلاد، ومن منافذ أخرى، إلى ما هو من أجواء «قانون أمن الدولة» وذيوله.

الوجه الأول، وهو الجميل المشرق ذلك الذي يبيح للجميع، وعلى وجه الخصوص من يخوض العملية انتخابية، دونما أي تمييز، كما قرأنا في صحف الأمس، التعبير عن آرائهم، وكشف الحقائق التي يجدون ضرورة وأهمية الإفصاح عنها للناخبين والسلطة التنفيذية، على حد سواء. للناخبين كي يكونوا على بينة من أمرهم ويدركوا مسبقاً الصعوبات التي تواجههم، والتحديات التي سينبغي أن يتصدى لها من سيدلون بأصواتهم لصالحهم، وللسلطة التنفيذية، كي يكون في وسعها استقراء الكتل النيابية المتوقع فوزها بمقاعد برلمان 2010. أما الوجه الثاني القبيح الذابل المريض، فهو الذي يستخدم الانتخابات والأجواء التي تحيط بها من أجل، سواء اعترف بذلك أم أنكر، شطر البلاد إلى شطرين، تتمترس في كل خندق منهما طائفة تحاول أن تجيّر تلك الأجواء الإيجابية لمصالحها الذاتية الضيقة، فتحيل الحالة الصحية المتفتحة أمام الجميع، إلى أخرى مرضية مرهقة للكل.

العناصر التي ترسم إطار الوجه الأول الصحي يمكن حصرها في المعالم التالية:

1. الحوار الحي الذي تتصاعد حرارته اليوم بين الجمعيات السياسية، دون أن تصل إلى الدرجة التي يمكن أن تحرق أياً منها. والمقصود بذلك، هو الحوار المنطلق من خلفيات سياسية متباينة، وانتماءات إيدلويوجية مختلفة، والبعيد كل البعد عن سموم القذف الشخصي، أو فيروسات الطائفية القاتلة. لا يشكل مثل هذا الحوار أي ضرر على أي من الأطراف الضالعة فيه، بل على العكس من ذلك تماماً، فهو يضعها أمام تحديات، عليها أن تتجاوزها، من أجل إثبات الذات، والتفوق في المنافسات المتمسكة بأخلاق الصراع السليمة، وقيمه الراقية.

2. وضع المواطن أمام أكثر من خيار، وإعطائه الفرصة، دون ضغوط نفسية، أو تهديدات معيشية، تجبره على انتخاب من يخالفه في الرأي، تحت طائلة الحاجة أو النفاق. في خضم ذلك التنافس سيجد المواطن أمامه باقة من المرشحين المنتمين لقوى سياسية مختلفة تعبر عن مصالح اجتماعية متنافسة. أمام هذه الحالة يتمتع الناخب بحقه في الاختيار، بغض النظر عن مدى نضوج القوى الاجتماعية، أو تبلور الأطر التي تنضوي تحتها في نطاق الحراك السياسي الذي نتحدث عنه.

3. اضطرار السلطة التنفيذية إلى مغادرة مقاعدها التقليدية، التي كانت تتبوأها، وتضعها في أطر تكاد أن تكون فوق الجميع، كي تنزل من أبراجها العاجية إلى أرض الواقع، مما يجبرها على معالجة الأمور من منطلقات جديدة ، ترتكز على كون السلطة أحد اللاعبين، شأنها في شأن الآخرين، في ساحة العمل السياسي القائم. هذا التحول في مكانة السلطة، متى ما تحققت، تعيد الأمور السياسية إلى نصابها الصحيح الذي ينبغي أن تكون عليه.

أما العناصر الأخرى المريضة، التي تهدد المجتمع البحريني، وتقف حائلاً أمام تطوره، فيمكن تشخيص أهمها في نقطة أساسية مركزية واحدة، تحاشياً للخوض في أية أخرى سواها، حرصاً على عدم تشتيت تفكير المواطن.

يتمحور الوجه القبيح الناجم عن إفرازات المرحلة، في انحراف الحوار الذي يتطلع نحوه المواطن، من المستوى الوطني الشامل الذي رسمنا معالمه أعلاه، إلى المستوى الطائفي الممزق الذي يجر الجميع نحو أتون الطائفية القميء، فيستنزف قوى المرشحين أولاً، ويحرف أصوات الناخبين عن طريقها الصحيح ثانياً، فيجد الجميع أنفسهم أمام خيارات صعبة ليس هناك بينها ما نتمناه لهم. ليس المقصود هنا تضخيم المساحات السوداء القاتمة في هذه الصورة، بقدر ما نرمي إلى التحذير من خطر محدق، تقع على الجميع دونما أي استثناء مسؤولية الوقوف وبصلابة للحؤول دونه.

لذا، فقد بات من مسؤوليتنا جميعاً أن نتحرك باتجاهين متوازيين ومتكاملين، الأول هو التمسك بذلك الوجه المشرق، والدفاع عنه، والتصدي لكل من يحاول تشويهه، كما تكشف عنه أحداث هذه الأيام. الثاني، وبالقدر ذاته، نبذ السلوك الطائفي الآخر، الذي لن يقودنا إلى نهاية أخرى سوى الهاوية.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2915 - الأحد 29 أغسطس 2010م الموافق 19 رمضان 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 3:46 ص

      بلا انتخابات بلا إضاعة وقت على الفاضي

      عني نفسي والكثير ممن أعرف لدينا عزوف بسبب ما رأيناه ونراه ولا نريد المشاركة في قوانين تجيز ذبحنا ونهب ثرواتنا.

    • زائر 3 | 11:00 م

      جنبلاط المتدينين ... إتخاذ المظهر الديني في سبيل الحصول على الكرسي النيابي

      أحد المترشحين للإنتخابات والذي ينتمى لأحد الجمعيات والذي يدل مظهره على التدين أغلق القندق الذي يمتلكه دون رجعه وهناك العديد من الأمثله النتنه ناهيك عن الحملات الإنتخابيه وتشويه صورة الغير لا لشى سوى لتشويه صورة أخا له في الله

    • زائر 2 | 10:07 م

      الحكومة والسلوك الطائفي

      كيف نستطيع تبذ السلوك الطائفي والحكومة هي من تشجع عليه ... انظر حولك وسترى ذلك .. توزيع الدوائر الانتخابية ، الوظائف في بعض الوزارات ، الوظائف العليا ، النظر بدونية الى بعض من مكونات الشعب .. من الصعب جدا ان اشرح لك شعوري ... هل ذهبت يا سيدي في يوم من الايام الى سوق السمك ورأيت من يقوم بتنظيف الاسماك؟ هل ذهبت الى مستشفى السلمانية ورأيت من من نساء البحرين يقوم بتنظيف الارضيات ؟ .. انا لم اسئلك عن عدد الضباط او السفراء أو الطيارين في الداخلية او الدفاع من الطائفة الشيعية .. حسبي الله ونعم الوكيل

    • زائر 1 | 9:56 م

      تضخيم المساحات السوداء

      صوت واحد مقابل 21 صوت ... هل هذا تضخيم ؟ وهل لدينا ديمقراطية فعلا ؟ اليس توزيع الدوائر الغير عادل ينسف المعنى الحقيقي للديمقراطية ... الا يعني هذا ان البرلمان لا يمثل الشعب تمثيلا حقيقيا ؟ ... اقدم لك احترامي وتقديري لكل مواضيعك الصادرة من انسان مخلص للوطن واتمنى ان لا ندفن راسنا في التراب لاخفاء بعض الحقائق المرة

اقرأ ايضاً