العدد 2917 - الثلثاء 31 أغسطس 2010م الموافق 21 رمضان 1431هـ

مصادرة إرادة الناخبين

أحمد الصفار comments [at] alwasatnews.com

-

في انتخابات العامين 2002 و2006، عمدت الجمعيات السياسية وللأسف على إسقاط بعض مرشحيها وفرضهم على الناس بـ «الباراشوت»، ولأنها تمتلك قواعد شعبية، تمكنت من إيصالهم إلى المقاعد البلدية والنيابية على رغم وجود تحفظات عليهم من قبل أهالي المناطق التي يعيشون فيها.

والوضع يتكرر مجدداً في انتخابات 2010، فهناك أسماء أسقطت من قبل اللجان المركزية للجمعيات السياسية، ولكن تم إعادة طرحها للتصديق عليها واعتمادها في القوائم الانتخابية.

هذا الوضع بدأ يتكرس كقاعدة عامة، على الناخبين قبولها والتسليم بها، غير أن للناس إرادة يجب أن لا تُصادر، فما هو راسخ في قناعاتهم يجب أن يترجم في صيغة رأي حر مسئول، فالصوت أمانة يتحمل كل فرد يحق له التصويت وزرها، وستسائله الأجيال عن مستقبلها وعما صنعه غير الكفوئين في مواقع الدفاع عن إرادة الشعب ومصالحه.

ولأن اختيار بعض المترشحين المنضوين في الجمعيات السياسية جاء غير معبر عن رغبة الأهالي، فقد لوحظ أن هناك تحركات بدأت تتشكل هذه الأيام للضغط على تلك الجمعيات لإعادة النظر في قراراتها الأخيرة التي وصفت بأنها غير متأنية ومتأثرة بالأوضاع التي تمر بها البلاد هذه الأيام.

كل الناخبين بمن فيهم المستقلون بقرارهم، غير المنساقين وراء العصبية الحزبية، بحاجة إلى التعرف عن قرب على المترشحين الجدد، وإذا كانت بعض الجمعيات السياسية مصرة على تزكية أشخاص محددين لتمثيل الشارع الذي تنتمي إليه، فعليها أن تستعين بشيء من أساليب حملات العلاقات العامة لإقناع الناس بما هي ذاهبة إليه، وأقل ما يمكن أن توفره معلومات وافية شاملة عن مترشحيها ودوافع ترشيحهم بدلاً من النواب والبلديين السابقين، لأن هذا الأمر هو ما يخلف وراءه علامات الاستفهام والتساؤل التي لا يمكن التغاضي عنها.

الاستحواذ على أكبر عدد من المقاعد البلدية والنيابية هو حق مشروع لأي تيار سياسي يعمل وفق القانون والأطر الدستورية، وهو هدف تسعى إليه أحزاب عريقة في دول متقدمة للتأثير على صناعة القرار التشريعي، ولكن ذلك لا يمكن أن يتحقق بلاعبين مرهقين لا يفقهون حتى الأبجديات الأساسية لقواعد اللعبة، فالتشكيلة المتجانسة القوية هي الوحيدة القادرة على تحقيق الرؤية وتنفيذ الاستراتيجية التي تسعى الجمعيات السياسية إلى بلوغها، وما دون ذلك هو خسارة للمال والجهد في تنظيم حملات انتخابية لأشخاص غير قادرين على اقتناص قبول الناس أو حتى تمثيل الجهات التي تدعمهم.

في أحيان كثيرة يحقق مترشحون مستقلون فوزاً على آخرين مدعومين من تيارات سياسية، ليس لأنهم من الطبقة الثرية أو ممن يوفرون المستلزمات التموينية والأجهزة الكهربائية لناخبيهم، بل لأنهم يمتلكون برامج انتخابية واقعية لا ترقى إلى سقف المستحيلات، ولديهم حس متقدم يعينهم على تلمس احتياجات الناس بصورة دقيقة مع قياس جميع الظروف والإمكانات اللازمة لتحقيقها، فليست كل الاحتياجات قابلة للتحقيق والتنفيذ.

وبالتالي فإن إطلاق الوعود بالتوظيف وتوفير المسكن الملائم ومعالجة مشكلة سكن العزاب من جذورها ووضع حد لحوادث السير المميتة، يحد من التفاف الناس حول أي مرشح، إذ إن تلك المشكلات بحاجة إلى خطط مدروسة بعيدة الأمد بمشاركة وزارات وجهات حكومية، وبعضها لا يزال عصياً على الحل، فكيف لفرد واحد أن يوجد لها حلاً ناجعاً وينسفها عن بكرة أبيها بعد أن يفوز في الانتخابات؟ وهذا تحديداً ما لا يجب أن ينطلي على الكثيرين وخصوصاً الجمعيات السياسية التي تزكي مرشحين على أنهم الأفضل.

إقرأ أيضا لـ "أحمد الصفار"

العدد 2917 - الثلثاء 31 أغسطس 2010م الموافق 21 رمضان 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 6:59 ص

      فليست كل الاحتياجات قابلة للتحقيق والتنفيذ.

      في أحيان كثيرة يحقق مترشحون مستقلون فوزاً على آخرين مدعومين من تيارات سياسية، ليس لأنهم من الطبقة الثرية أو ممن يوفرون المستلزمات التموينية والأجهزة الكهربائية لناخبيهم، بل لأنهم يمتلكون برامج انتخابية واقعية لا ترقى إلى سقف المستحيلات، ولديهم حس متقدم يعينهم على تلمس احتياجات الناس بصورة دقيقة مع قياس جميع الظروف والإمكانات اللازمة لتحقيقها، فليست كل الاحتياجات قابلة للتحقيق والتنفيذ.

اقرأ ايضاً