العدد 2412 - الإثنين 13 أبريل 2009م الموافق 17 ربيع الثاني 1430هـ

سياسة من دون مناكفة

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

ربما نتذكر بعض سلوكيات تلاميذ المدارس في الصغر... فعندما يصبح أحد التلاميذ مركز اهتمام الآخرين، يتحرك تلاميذ آخرون ويتصرفون بشكل لافت لكي تتوجه إليهم الأنظار أيضا، ولكي لا يخرجوا من دائرة الاهتمام. ولقد تذكرت جانبا من ذلك مع مشاهدة كيف يتصرف البعض مع تطورات الأحداث الأخيرة محاولا لفت انتباه الآخرين لأهميته. وهذا السلوك الطفولي تجده لدى من يحسب نفسه بوقا للجهات الرسمية، كما تجده أيضا عند البعض ممن يعتبر نفسه متواجدا في ساحة المعارضة.

تشبيه بعض مجريات الأحداث بوضع التلاميذ الصغار كانت لها أسباب عدة، فعندما زرت الشيخ محمد حبيب المقداد أمس في البلاد القديم فوجئت بتلميذين صغيرين لا يتجاوز عمرهما 11 أو 12 عاما بين الحضور، وإنهما كانا من بين المفرج عنهم ضمن العفو الملكي الذي صدر أمس الأول. فللوهلة الأولى تجد نفسك صامتا لا تستطيع أن تعبّر أمام تلميذ دخل السجن لأسباب أمنية - سياسية... فماذا يمكن أن تقول لشخص في مثل هذا العمر؟ وكيف سمحنا للوضع أن ينحدر بحيث يدخل طفل في مثل هذا العمر إلى السجن؟

حديث المقداد طمأنني بأن هناك إمكانية للخروج من هذه الأزمة، ومقابلته المنشورة اليوم في «الوسط» توضح جانبا من أفكاره التي تستحق التعاطي معها. زيارتي أيضا للناشط السياسي حسن مشيمع في منزله في جدحفص أمس أكملت جانبا آخر من الصورة، فالرجل الذي دخل عقده الستيني حريص على سلامة الوطن، وحديثه المنشور في «الوسط» اليوم يوضح جوانب من آرائه التي يمكن التعامل معها للخروج بصورة إيجابية من التجربة التي مررنا بها.

الساحة المحلية اليوم مرتبطة بصورة أكبر بالساحتين الإقليمية والعالمية، وهناك الدفع الحثيث نحو تحقيق الأمن والاستقرار من خلال الحوار في مختلف دول المنطقة، وهناك مؤشرات على بدء حوارات بين مختلف القوى الفاعلة على الساحتين الإقليمية والعالمية، وهناك توسيع للخيارات السياسية التي تهدف إلى تحقيق انخفاض ملموس في التوترات.

ساحتنا المحلية تحتاج إلى توسيع خياراتها أيضا، وتحتاج إلى الروية في العمل والجدية في تحقيق نتائج ملموسة، وهذا يعني أن كبار القوم - من مختلف الأطراف - عليهم أن يسلكوا الطريق الأنسب في التعامل مع المعطيات المعقدة لوضعنا الحالي. وهذا يعني أنه يتوجب علينا ألا نفسح المجال لسياسة المناكفة أو المفاضلة أو المنافسة التي تتناسب مع تلاميذ مدارس... كما أن علينا واجبا دينيا وإنسانيا ووطنيا لأن نتأكد بأن تلاميذنا يداومون في المدارس وليس في السجون، وأن نوفر لهم ما ينفس عن طاقاتهم بصورة خلاقة تشبع رغباتهم المناسبة لسنهم وتفتح الآفاق لمستقبل واعد يكبرون فيه بأمن وسلام.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 2412 - الإثنين 13 أبريل 2009م الموافق 17 ربيع الثاني 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً