العدد 2943 - الأحد 26 سبتمبر 2010م الموافق 17 شوال 1431هـ

الحديث عبر الجدران في مدينة نيويورك

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

خاف العديد من الأميركيين هذه السنة، في الذكرى التاسعة لهجمات 11 سبتمبر من أن ينفجر العنف نتيجة لعملية حرق كتب القرآن الكريم والخلاف حول مركز بارك 51 الثقافي الإسلامي في مانهاتن السفلى. لحسن الحظ أن اليوم أتى وولى دون انفجار كبير في العنف.

ساعدْتُ في اليوم الذي يلي الحادي عشر من سبتمبر على تنظيم الحدث الافتتاحي في بارك 51. جمع هذا الحدث الحميم مئة طالب وقائد مجتمعي في مجال الأديان من كافة أنحاء ولاية نيويورك. كان الهدف من الحدث توفير فرصة لغير المسلمين لإشراك جيرانهم المسلمين في حوار مكّن الجميع من بحث بعض القضايا الأكثر عمقاً حول قضية بارك 51 الخلافية. جرى بحث مجال واسع من المواضيع، تراوحت بين دور الإعلام إلى التطرف في الإسلام وغيره من الديانات، إلى حدود الحريات الدينية.

ورغم نقل الأخبار المبالغ بها أحياناً من قبل وسائل الإعلام حول بارك 51، مشيرة بشكل مستمر إلى «مسجد موقع الصفر»، يتجاهل الكثيرون أحياناً رؤية أن المهمة الجوهرية للمركز هي «توفير مرافق ترفيهية وتثقيفية ذات مستوى عالمي»، وأنه يتوق لتوفير «منبر يمكن الوصول إليه عبر الهويات». ورغم أنها كانت ليلة ماطرة تخللتها احتياطات أمنية مشددة ضد التظاهرات، اجتمعنا داخل مبنى بارك 51 المتداعي في حوار استمر ثلاث ساعات. ابتدأ الحدث بعرض فيلم «الحديث عبر الجدران: كيف وحّد النضال لبناء مسجد الجالية» وهو شريط حاز على جائزة الأفلام الوثائقية لخدمة البث العام PBS، عن إحدى ضواحي نيويورك التي واجهت معارضة مماثلة لبناء مركز إسلامي العام 2005. يقدّم الشريط انعكاساً كاملاً لجدل بارك 51، مُظهِراً كيف يمكن للمعلومات الخاطئة وانعدام الثقة والشك تجاه المسلمين أن تؤدي إلى بيئة أوسع من رهاب الأجانب والتحامل والإجحاف. قامت الجالية المسلمة التي تحدث عنها الشريط ببناء تحالف بين الأديان مكون من البوذيين والكاثوليك واليهود الذين جرى تحفيزهم لدعم الجالية المسلمة بناءً على التزامهم بقيم الحرية الدينية والتعددية. أصبح من الواضح بعد الحديث مع عدد من الحضور أن الكثيرين يدعمون بناء مركز بارك 51، بينما يعتري آخرين الشك، وكان لدى الكثيرين أيضاً تساؤلات عديدة: ما نوع البرامج التي سيقدمها مركز بارك 51 للمجتمع؟

هل سيعمل بارك 51 على الحدّ من التطرف أو هل سيساعد على تشجيعه بين المسلمين؟

وكما أشار استطلاع مجلّة التايم في يوليو/ تموز 2010، عارض 70 % من الأميركيين بناء بارك 51. ونتيجة لاحتدام المشاعر حول المركز، لم أعلم ما إذا كنت سأتوقع انفجار الغضب أو حواراً حضارياً.

وحتى يتسنى بدء حوارات أكثر عمقاً وتركيزاً قمنا أولاً بعملية كسر للجليد. استدار كل شخص إلى آخر غريب بالقرب منه وشاركه في الحديث عمّن يعتبره بطله الشخصي ومعنى اسمه. صمم هذا التفاعل لإضفاء الإنسانية على الشخص الآخر وبناء شعور بالثقة من خلال المشاركة في المعلومات الشخصية.

بدلاً من بحث قضايا صعبة، قمنا في البداية ببناء شعور بالتقارب أولاً. انقسمنا بعد ذلك إلى مجموعات عديدة صغيرة مكونة من خمسة أشخاص للتحاور حول فيلم «الحديث عبر الجدران»، وتقديم مساحة آمنة للحديث عن قضايا ذات اهتمام. ساعد توجه المجموعات الصغيرة، المتقاربة هذا على التوجه بسلاسة نحو قضايا تدور حول أسئلة مثل: «ما هي رؤيتك لمركز مجتمعي إسلامي مثالي؟» أو «كيف ترغب أن يتم استقبالك من قبل مجتمع محلّي تقوم ببناء مركز ديني فيه؟»

في نهاية نقاش المجموعات الصغيرة، تشاركت كل مجموعة بالأمور التي ناقشتها. عبّر الكثيرون عن فكرة أن التحديات التي تواجه أميركا، مثل تنامي الحقد ضد المسلمين ومعارضة المساجد في عشرات المدن، وانعدام تعرّض الكثير من الأميركيين من غير المسلمين للإسلام، توفر فرصة. يمكن لهذه التحديات أن توفر فرصة للأميركيين المسلمين لأن يتشاركوا أخيراً في الطبيعة الحقيقية لعقيدتهم مع جيرانهم.

عبرت بعض المجموعات عن مشاعر اليأس وانعدام القدرة، وأكدت على الحاجة للتعاون بين الأديان لمكافحة هذه الموجة من التحامل ضد المسلمين. عبر آخرون عن الحاجة للتثقيف المستمر عن الإسلام، والمزيد من الفرص لإحداث بناء الجسور في مدينة نيويورك. إلا أن بعض المجموعات واجهت صعوبات لكسر المواجهة في الوقت المخصص للحوار. ما أثار الدهشة في الحوار هو أن الحديث عن المركز بدا وكأنهُ يتلاشى بينما تعرّف الناس على بعضهم بعضاً وقاموا بتطوير الثقة بينهم. فخلال ثلاث ساعات من تبادل الحديث مع غرباء من خلفيات متنوعة، تمكّنا من زرع بذور التفاهم والتعادل بين الأديان في قلب الخلاف الأميركي حول الإسلام والمسلمين.

ورغم أننا قد لا نكون تغلبنا على جو التوتر والاستقطاب الذي نجد أنفسنا نعيشه كأمّة، إلا أننا تمكّنا من بناء نموذج لنوع الحوار الضروري للتغلب على هذا الجو.

- مدير مشروع «20,000 حوار»، وهو مبادرة على مستوى الولايات المتحدة تسعى لبناء تفهّم أفضل عن المسلمين. وهو كذلك عضو في مجلس «مسيرة الوحدة للحادي عشر من سبتمبر/ أيلول»، وهي مسيرة متعددة الديانات تُعقَد سنوياً في واشنطن العاصمة، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2943 - الأحد 26 سبتمبر 2010م الموافق 17 شوال 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً