العدد 1058 - الجمعة 29 يوليو 2005م الموافق 22 جمادى الآخرة 1426هـ

التوظيف والأجور في القطاع العام في البحرين

جاسم حسين jasim.hussain [at] alwasatnews.com

عطفا على مقال الأسبوع الماضي بشأن التوظيف والأجور في القطاع الخاص نواصل في هذه الحلقة الكتابة عن الموضوع نفسه لكن في القطاع العام. ومرد الحديث عن مسألة التوظيف والأجور في القطاع العام يعود إلى توافر إحصاءات جديدة فيما يخص الربع الأول من العام الجاري. مصدر المعلومات هو ديوان الخدمة المدنية، إذ تم الكشف عن الأرقام في نشرة المؤشرات الاقتصادية الصادرة عن مؤسسة نقد البحرين.

لكن، لابد من توضيح مسألة جوهرية قبل الدخول في تفاصيل التوظيف في القطاع العام، ألا وهي قصر الإحصاءات على العاملين في الخدمة المدنية. للأسف الشديد لاتزال الحكومة تواصل حجب المعلومات فيما يخص عدد العاملين في السلك العسكري "الدفاع والحرس" والأمني "الداخلية وجهاز الأمن الوطني". وعليه فإن الحديث فيما يخص التوظيف في الدوائر الرسمية يبقى منقوصا بسبب عدم توافر أرقام العاملين في الأجهزة الأمنية والعسكرية.

البحرنة 90 % في الخدمة المدنية

لايزال البحرينيون يشكلون الغالبية الساحقة في الدوائر الحكومية غير المرتبطة بالأجهزة الأمنية والعسكرية. ويلاحظ أن نسبة البحرنة بقيت على ما عليها في الربع الأول من العام الجاري أي 90 في المئة بينما شكل المواطنون أقل من 27 في المئة من إجمالي التوظيف في القطاع الخاص في الفترة نفسها.

تناقص عدد الوظائف الحكومية

تظهر الأرقام المنشورة حديثا إلى أن عدد الوظائف في القطاع العام تناقص بواقع 920 وظيفة في الربع الأول الجاري مقارنة بنهاية العام الماضي. وتحديدا بلغ عدد العاملين في الخدمة المدنية 36656 في نهاية الربع الأول من العام الجاري مقابل 37576 في نهاية العام .2004 ويلاحظ أن البحرينيين هم من فقدوا غالبية الوظائف في الدوائر الرسمية في الفترة المشار إليها، إذ توزع المفقودة على النحو الآتي: 730 وظيفة للمواطنين مقابل 190 وظيفة للأجانب. ولا يوجد تفسير محدد لهذا التناقص وربما يعود إلى عدة أسباب منها برامج التقاعد المبكر والخصخصة.

المؤكد أن هذا التناقص لعدد العاملين البحرينيين تحديدا أمر لا يبشر بالخير وخصوصا في ظل وجود أزمة بطالة خانقة في البلاد "هناك أكثر من 20 ألف عاطل" فضلا عن إحجام القطاع الخاص عن توظيف أعداد كبيرة من المواطنين. كما أشرنا في الأسبوع الماضي نجح القطاع الخاص في إيجاد 8080 وظيفة جديدة في الفصل الأول بيد أن المواطنين حصلوا على 963 من هذه الوظائف أي 12 في المجموع بينما استحوذ الأجانب على نصيب الأسد أي 7117 وظيفة جديدة.

يؤكد هذا التطور السلبي أن التوظيف في القطاع العام ربما بلغ حد التشبع. وبالعودة إلى السنوات القليلة الماضية يتبين لنا أن النمو السنوي للوظائف في الدوائر الرسمية بلغ 2 في المئة فقط في الفترة من 1990 إلى .2002 بينما بلغت نسبة نمو الوظائف نحو 7,5 في المئة في العام 2003 وأقل من 3 في المئة في العام .2004 وأخيرا حصل نمو سلبي قدره 2,5 في المئة في الربع الأول من العام .2005

ارتفاع الأجور في القطاع العام

تشير الأرقام إلى حدوث ارتفاع قدره 32 دينارا في متوسط الأجر الشهري في القطاع العام. بلغ متوسط الراتب الشهري 629 دينارا في الربع الأول من العام الجاري مقابل 597 دينارا في نهاية العام 2004 ما يعني تسجيل نمو قدره 5,3 في المئة. يبقى أن أكثر ما يشد الانتباه هو حصول الأجانب على رواتب أعلى من المواطنين. تشير الإحصاءات إلى أن الموظف البحريني حصل على 623 دينارا راتبا شهريا مقابل أجر قدره 684 دينارا للأجنبي.

ولا بأس في هذه العجالة من الإشارة إلى المزيد من الإحصاءات فيما يخص الفرق في الدفع بين الذكور والإناث. باختصار يحصل الذكور على رواتب أعلى من الإناث في القطاع العام. بخصوص العمالة البحرينية حصل الذكور على أجر شهري قدره 640 دينارا مقابل 600 دينار للإناث. أما فيما يخص العمالة الأجنبية فيلاحظ حصول الذكور على راتب قدره 744 دينارا مقابل 548 دينارا للإناث. وفي كلتا الحالتين يوجد تميز واضح في الدفع إذ الأفضلية للذكور على حساب الإناث. وتكشف الأرقام حصول الذكور الأجانب على راتب أعلى من نظرائهم البحرينيين لأمور غير معروفة لكن قد تعود إلى عدة أسباب منها أن العاملين الأجانب هم من الخبراء.

لابد من الانتباه إلى الفرق الشاسع فيما يخص الدفع في القطاعين العام والخاص. يزيد متوسط الأجر الشهري بنحو ضعفي الدفع في القطاع الخاص "أي 629 دينارا و219 دينارا على التوالي". كما يحصل البحريني على راتب شهري قدره 623 دينارا في القطاع العام مقابل 378 دينارا في القطاع الخاص. توضح هذه الأرقام أحد الأسباب الجوهرية التي تجعل المواطن البحريني يرغب في العمل في الدوائر الرسمية وليس في مؤسسات القطاع الخاص.

البحرنة 48 % في وزارة الداخلية

كما أسلفنا لا توفر الحكومة أرقام العاملين في الأجهزة العسكرية والأمنية لكن حصلنا حديثا على نتف معلومات بخصوص التوظيف في وزارة الداخلية. فقد كشفت وزارة الداخلية في رسالة طويلة نشرت في الصحافة المحلية في منتصف الشهر الجاري عن بعض المعلومات، وذلك في معرض ردها على سؤال موجه من النائب جاسم عبدالعال بشأن أسس ومعايير التوظيف في وزارة الداخلية. بحسب البيان تبلغ نسبة البحرنة في وزارة الداخلية 48 في المئة أما الأكثرية "52 في المئة" فهم من الأجانب موزعين على النحو الآتي: العرب 14 في المئة وغير العرب 38 في المئة.

أيضا أشار البيان إلى قيام وزارة الداخلية بإنهاء عقود التعاقد مع 1968 أجنبيا في الفترة ما بين العام 2000 وتاريخ غير محدد من العام الجاري. على كل حال يحدونا الأمل في قيام وزارة الداخلية بتوظيف المزيد من البحرينيين حتى يتسنى استتباب الأمن في البلاد وذلك في ضوء انتشار الجرائم في أنحاء المملكة. استنادا إلى تقرير آخر لوزارة الداخلية ارتفع معدل الجريمة "البسيطة والخطيرة" من 53 في اليوم في العام 2003 إلى 95 في اليوم في العام 2004 الأمر الذي يعكس وجود الحاجة إلى توظيف بعض العاطلين لغرض توفير الأمن للمواطن والمقيم على حد سواء. بحسب الإحصاءات المعتمدة من قبل وزارة العمل يبلغ عدد العاطلين البحرينيين 20199 فردا يمثلون 14 في المئة من القوى العاملة البحرينية. فهؤلاء العاطلون يحبون وطنهم ويرغبون في المساهمة في توفير أسباب الأمن والطمأنينة في ربوع مملكتهم وعليه، فالمطلوب إفساح المجال أمامهم إذ ان هؤلاء يدينون بالولاء المطلق للوطن وقيادته.

ختاما، لابد من الانتباه إلى مسألة خطيرة وهي تناقص عد الوظائف في القطاع العام "على الأقل في الخدمة المدنية" في الوقت الذي لايزال القطاع الخاص يحبذ توظيف الأجانب. السؤال الذي يطرح نفسه هو: ماذا أعدت الحكومة لتوفير فرص العمل للعاطلين الحاليين من المواطنين فضلا عن الداخلين الجدد لسوق العمل؟

إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"

العدد 1058 - الجمعة 29 يوليو 2005م الموافق 22 جمادى الآخرة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً