العدد 1061 - الإثنين 01 أغسطس 2005م الموافق 25 جمادى الآخرة 1426هـ

قانون الجمعيات السياسية والوقوع في "الفخ"

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

منذ البدء بمشروع الإصلاح السياسي في مطلع العام 2001 والبحرين كانت في فراغ قانوني بالنسبة إلى الجمعيات التي تتحرك في قضايا الشأن العام. والجمعيات التي أطلق عليها مسمى "السياسية" كانت تتحرك بحسب استثناء أصدره جلالة الملك أزال من خلاله المنع الذي يفرضه قانون الجمعيات "جمعيات النفع العام" الصادر في 1989م.

وقبيل انتخابات 2002 ثار جدل بشأن السماح أو عدم السماح للجمعيات "السياسية" بالمشاركة في الحملات الانتخابية بأسمائها، وتدخل عاهل البلاد مرة أخرى وأصدر استثناء آخر سمح من خلاله للجمعيات بالمشاركة وكأنها أحزاب سياسية.

غير أن ممارسة الجمعيات السياسية لدورها كان من الناحية النظرية "خارج القانون" وهذا أمر ربما يكون مقبولا في الدول التي تسير على "العرف" جنبا إلى جنب مع القانون المكتوب "مثل بريطانيا" ولكن الدول عموما لا تسمح لموضوع مهم، مثل العمل الحزبي، أن يكون من دون قانون. ومن وجهة النظر هذه فإنه كان لابد من إصدار قانون لسد الفراغ التشريعي، ولكي لا يصبح النشاط السياسي المنظم من دون آلية واضحة.

ثم كان هناك المقترح بقانون الذي قدمه بعض أعضاء مجلس النواب لتنظيم العمل السياسي، وبادرت الجمعيات لطرح تصوراتها، واقترحت مشروعا آخر أطلقت عليه مسمى "التنظيمات السياسية". ولكن يجب أن نفهم أن مقترحات الجماعات خارج البرلمان ليست ملزمة لأعضاء البرلمان، وهذا أمر معروف في كل أنحاء العالم. مجموعات الضغط، سواء كانت في أميركا أو بريطانيا أو فرنسا، بإمكانها أن تعبر عن رأيها وأن تطرح اقتراحاتها وأن تنظم مسيرات احتجاجية وأن تصدر منشورات وترسل رسائل، ولكن كل ذلك يمكن لأعضاء البرلمان أن يتجاهلوه وأن يمضوا في طريقهم. فالبرلمان هو الذي يشرع وليس من يجلس خارج قبته.

وسواء اختلفنا أم اتفقنا على تركيبة وصلاحيات البرلمان في بلادنا، فإنه أي "البرلمان" سيد نفسه، والجمعيات التي قاطعته ليست لها أية صفة الزامية له لا من قريب ولا من بعيد، ولذلك فإنه ليس من المفترض أن "تزعل" لان رأيها لم يؤخذ به، في الوقت الذي يصرح عدد من قياديي تلك الجمعيات بانهم لا يعترفون بالبرلمان أو بأعضائه.

المشكلة تقع في تحديد وجهة النظر الحاسمة تجاه البرلمان، والقبول بتبعات وجهة النظر تلك. فالجمعيات المقاطعة أبت أن تعترف بواقع جديد فرض نفسه على العملية السياسية الوطنية، ورفضها لتلك العملية له ثمن، وجزء من ذلك الثمن هو عدم احترام رأيها وعدم الاكتراث به عندما تحتاج تلك الجمعيات لأمر مهم مثل ما حصل عند سن قانون للجمعيات السياسية.

الجمعيات السياسية المقاطعة وقعت في "فخ" ولم تستطع الخروج منه وهذا الفخ صنعته هي لنفسها. ولتأكيد قبضة الفخ على نفسها، قاطعت أيضا الاجتماع الذي عقدته وزارة العدل لشرح متطلبات القانون الجديد، على رغم أن وكيل وزارة العدل صرح للإعلام بأمور لم نتوقعها، عندما قال انه يعتبر الجمعيات السياسية أحزابا، وعندما أشار في بيان رسمي إلى "العمل السياسي الحزبي".

وإذا كانت مقاطعة البرلمان فسحت المجال لإصدار قانون لا ترغب فيه الجمعيات المقاطعة، فإن مقاطعة وزارة العدل ستسحب البساط من تحت أرجل هذه الجمعيات، وسيصبح موقعها التفاوضي أضعف بكثير مما تتصور.

هذه النظرة ربما تكون قاسية على الجمعيات المقاطعة، ولكن آن الأوان لكي تسمعها وتقرأها، لتعرف أن الذين يحبون لها الخير، لا يستطيعون مساندتها إذا استمرت في نصب الفخ لنفسها

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1061 - الإثنين 01 أغسطس 2005م الموافق 25 جمادى الآخرة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً